مذكرة إيداع للغنوشي تربك النهضة: هذه المرة لا يمكن طلب وساطات خارجية

الخارجية التونسية تنتقد التدخل في شأن البلاد الداخلي، وجبهة الخلاص تستنجد بوصف "أنه مريض".
الجمعة 2023/04/21
انتهت التدخلات الخارجية

تقف حركة النهضة في حيرة من أمرها وكيف تتصرف أمام إيداع رئيس الحركة راشد الغنوشي السجن، وفي ظل صعوبة الوساطات الخارجية لأي جهة كانت بسبب مواقف الرئيس سعيد الرافض لأي تدخلات.

تونس - وجدت حركة النهضة التونسية نفسها في وضع مرتبك بعد أن أصدرت السلطات القضائية مذكرة إيداع في حق رئيسها راشد الغنوشي، في الوقت الذي قطعت فيه وزارة الخارجية التونسية الطريق على أي وساطة إقليمية أو تدخل غربي من أجل اطلاق سراح الغنوشي.

ولجأت الحركة في بيانها إلى التنديد بقرار السلطات القضائية واعتبرت “سجنه ظلما”، ودخلت جبهة الخلاص الوطني على خط التنديد بالإشارة إلى تقدم عمر الغنوشي ومرضه مبررة موقفها بأنه “أهم شخصية سياسية”.

وتعول الحركة والجبهة على أن يؤثر التدخل الخارجي العربي والدولي على قرار السلطات التونسية، لكنهما تحاولان عدم استخدام مفردات توحي بالدعوة إلى التدخل، خشية الاتهام بأنهما تعملان بالتنسيق مع قوى خارجية، وهي مسألة بالغة الحساسية في تونس.

جبهة الخلاص: إحالة أهم شخصية سياسية إنما تدل على انهيار حالة الحريات في البلاد وفشل السلطة

وأوقف الغنوشي مساء الاثنين بعد أن حذر من “إعاقة فكرية وأيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية” في حال القضاء على الأحزاب اليسارية أو تلك المنبثقة عن تيار الإسلام السياسي مثل النهضة.

وبحسب المحامي مختار الجماعي الذي قام بمداخلة لإذاعة محلية، قرّر قاضي تحقيق إصدار المذكرة بحق الغنوشي البالغ 81 عاما بعد استجواب استمر لأكثر من تسع ساعات على خلفية تهمة التحريض على الحرب الأهلية.

وأكدت جبهة الخلاص الوطني في بيان على فيسبوك “أصدر فجر اليوم قاضي التحقيق بالمكتب 33 لدى محكمة تونس الابتدائية بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس البرلمان (السابق) ورئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي بتهمة التآمر على أمن الدولة والعمل على تغيير هيئة الدولة بالقوة”.

وأضافت “إن إحالة أهم شخصية سياسية، بحكم موقعها وحضورها في مقدمة المشهد السياسي التونسي لأكثر من أربعين سنة، بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص الوطني، إنما تدل على انهيار حالة الحريات في البلاد والذي انتهى إلى تجريم حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي، كما يقوم دليلا قطعيا على فشل السلطة القائمة في إعداد ملف قضائي جدي في حق رئيس حركة النهضة وقياديها الأول”.

وفي بيان أكد الحزب أن “مداخلة راشد الغنوشي محل التتبع العدلي ليس فيها أي دعوة للتحريض ولا تمس بالسلم الأهلي”، منددًا بما وصفه بأنه “قرار سياسي بامتياز”.

وأضاف البيان أن الحركة تعتبر أن الغنوشي “رمز وطني قضّى ردحا من عمره في مقاومة الدكتاتورية والنضال السلمي من أجل الحريات والديمقراطية”.

وبحسب وسائل الإعلام، أوقف مع الغنوشي خمسة من كبار المسؤولين في حركة النهضة.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن قرار توقيف الغنوشي غير مناسب وإنه سيحاول إبلاغ السلطات التونسية بذلك.

حركة النهضة التونسية وجدت نفسها في وضع مرتبك بعد أن أصدرت السلطات القضائية مذكرة إيداع في حق رئيسها راشد الغنوشي
حركة النهضة التونسية وجدت نفسها في وضع مرتبك بعد أن أصدرت السلطات القضائية مذكرة إيداع في حق رئيسها راشد الغنوشي

واعتبرت الولايات المتحدة الأربعاء أن توقيف الغنوشي “تصعيد مقلق” في تونس بعد سجن حوالي عشرين معارضا وشخصيات أخرى من بينهم رجال أعمال ومدير محطة “راديو موزاييك” الإذاعية التي تحظى بأكبر عدد من المستمعين في البلاد، منذ مطلع شباط/فبراير.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن “عمليات التوقيف التي تقوم بها الحكومة التونسية لمعارضين ومنتقدين تتعارض تماما مع المبادئ التي تبناها التونسيون في دستور يضمن حرية الرأي والفكر والتعبير”.

بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن “قلقه” الكبير الثلاثاء بعد توقيف الغنوشي، مذكرا بأهمية “المبدأ الأساسي للتعددية السياسية”.

من جانبها، قالت فرنسا إن عملية التوقيف هذه هي “جزء من حملة توقيفات مقلقة”، مؤكدة “تمسكها بحرية التعبير واحترام سيادة القانون”.

ورفضت تونس الأربعاء تلك التعليقات المُنتقدة لتوقيف الغنوشي معتبرةً إيّاها “تدخلا” في شأنها الداخلي.

وأكّدت وزارة الخارجيّة في بيان أنّ هذه التعليقات “تشكّل تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي لبلادنا من قبل جهات على دراية بحقائق الأوضاع في تونس”.

وأضافت “كما تشدّد على أنّ مثل هذه التعليقات من شأنها الانعكاس سلبا على جهود الدولة المكثّفة لتصحيح الوضع الاقتصادي والمالي الواقع تحت الضغط نتيجة سوء الحوكمة والهواية التي اتّسم بهما العقد الماضي، وما انجرّ عنهما من تداعيات لا يزال التونسيّون يتحمّلون تبعاتها”.

وتشهد الأوضاع الاقتصادية للتونسيين ضغوطا بسبب التضخم المتسارع الذي بلغ أكثر من 10 في المئة خلال عام.

وكانت تونس قد توصلت إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في تشرين الأول/أكتوبر على حزمة إنقاذ بنحو ملياري دولار لدعم اقتصادها المتدهور، لكن الخطة لا تزال تنتظر موافقة مجلس حكام الصندوق الذي يضغط من أجل إجراء إصلاحات.

وتعهد الرئيس التونسي قيس سعيّد في وقت سابق من الشهر الجاري برفض “إملاءات” صندوق النقد، في الوقت الذي تقود فيه إيطاليا جهودا للتوصل إلى اتفاق سريع خشية تدفق المزيد من المهاجرين إلى شواطئها في حال شهدت الأوضاع الاقتصادية في تونس تراجعا أكبر.

وواجه الغنوشي جولات متكررة من الاستجواب القضائي خلال العام الماضي بتهم تتعلق بفساد مالي وشبهات بمساعدة إسلاميين على السفر إلى سوريا للجهاد وهي اتهامات ينفيها هو وحزبه.

وكان الغنوشي لاعبا رئيسيا في تونس منذ ثورة 2011 وقاد حزبه للمشاركة في كل الحكومات المتعاقبة التي فشلت في الاستجابة لمطالب التونسيين الاقتصادية والاجتماعية.

ويقول أنصار الغنوشي إنه رمز للتوافق بين الإسلاميين والعلمانيين لكن خصومه يتهمونه بالتسبب في نشر الفكر المتطرف والتساهل مع الجماعات الإسلامية بعد 2011.

والأربعاء، أعلن المتحدث باسم الحرس الوطني حسام الدين الجبابلي أن عدد الموقوفين من قياديي النهضة بهذا الملف 7 أشخاص بتهم “الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب”.

4