الطاقة تُنمّي الشراكة الإستراتيجية بين المغرب ونيجيريا

اتفاق واعد بين هيئات وشركات في البلدين لاستخدام التكنولوجيا الحيوية في صناعة النفط.
الجمعة 2023/04/21
طريق تحقيق الأهداف طويل

دخلت الشراكة الاقتصادية بين المغرب ونيجيريا مرحلة جديدة من بوابة الطاقة عبر اتفاق يتضمن استخدام التكنولوجيا في هذه الصناعة المهمة، والتي من المرجح أن تفتح الباب أمام المزيد من التعاون لتحقيق أقصى استفادة من الاستثمار في قطاع النفط والغاز.

الرباط - وسع المغرب ونيجيريا نطاق تعاونهما ليشمل تطوير واستخدام التكنولوجيا الحيوية في الصناعة النفطية، بعد توقيع بروتوكول اتفاق قبل أيام بين هيئات معنية بالقطاع في البلدين لرسم معالم شراكات مستقبلية واعدة.

ومن المتوقع أن تشارك هذه الهيئات في استخدام التكنولوجيا الحيوية لمعالجة المشاكل المستمرة في صناعة النفط بنيجيريا ضمن مشروع خط الغاز الرابط بين البلدين.

ووقعت الوكالة الوطنية لتطوير التكنولوجيا الحيوية (نابدا) وشركة راهاد العالمية للاستثمار، الفرع النيجيري للشركة المغربية لتصنيع المعدات آر.في.دي، وشركة النفط النيجيرية أن.أن.بي.سي إينرجي للخدمات المحدودة بأبوجا بروتوكول اتفاق ثلاثي الأطراف حول تطوير واستخدام التكنولوجيا الحيوية في صناعة البترول.

محمد لكريني: الاتفاق يعد مدخلا مهما لتمتين العلاقات في صناعة النفط
محمد لكريني: الاتفاق يعد مدخلا مهما لتمتين العلاقات في صناعة النفط

وحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية في نيجيريا، فإن الهيئات الثلاث نسجت هذه الشراكة من أجل تطبيق آليات التكنولوجيا الحيوية في تنظيف خزانات النفط، واسترجاع النفط الخام والتكرير وتطهير التربة الملوثة بالنفط.

ونقلت الوكالة عن المدير العام لـ”نابدا” عبدالله مصطفى قوله إن “استخدام تقنيات التكنولوجيا الحيوية ساهم في حل المشاكل في قطاع صناعة النفط”.

وأوضح مصطفى أن ذلك يشكل جزءا من إجراءات تروم تعزيز تجديد الاقتصاد واستدامة البيئة، مبرزا أن “الوكالة الوطنية لتطوير التكنولوجيا الحيوية مكلفة بتطبيق التكنولوجيا الحيوية في البلاد”.

من جهتها أكدت المديرة العامة لشركة إينرجي للخدمات المحدودة صوفيا مباكوي أن تنفيذ الاتفاق يستوجب التأكد من أن أعمال تطهير وتنظيف حقل الاحتياطات قد أنجزت على النحو الصحيح طبقا للجدول الزمني المحدد من قبل الفريق.

وذكّرت في الوقت ذاته بأن بروتوكول الاتفاق يستند إلى بروتوكول الاتفاق الموقع في أكتوبر 2021 بين نيجيريا والمغرب من أجل البحث وتطوير منتجات وعمليات التكنولوجيا الحيوية.

ويدخل هذا الاتفاق ضمن مشروع بناء أنبوب الغاز المشترك الذي يعرف تطورات جديدة ومتسارعة نحو تحقيق انطلاقة تعوّل عليها الدولتان، للاستفادة من ثروات الغاز النيجيري وتصديره إلى أوروبا عبر بوابة المغرب.

ويرى خبراء أن الخطوة الجديدة ستكون عوائدها الاقتصادية موازية لتدعيم الشراكة النيجيرية – المغربية دبلوماسيا وسياسيا وعلى مستويات أخرى.

كما أنها تأتي بعد مرور أيام على إعلان مالام ميلي كياري، الرئيس التنفيذي للشركة النيجيرية التابعة للدولة، التوصل إلى اتفاق مع المكتب الوطني للهيدروكربونات والمعادن من أجل التكفل مناصفة بتمويل مشروع خط الغاز نيجيريا - المغرب، والبالغة قيمته 25 مليار دولار.

وذكر محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، أن البروتكول الموقع بأبوجا يؤكد أن التعاون بين البلدين في هذا المجال الهام اقتصاديا وسياسيا يمكن اعتباره تدعيما للشراكة الإستراتيجية الثنائية التي تهدف إلى تقوية أمن الطاقة في غرب أفريقيا، خصوصا وأن العالم اليوم يمر بظروف صعبة بخصوص توفير الطاقة.

وأوضح أن الاتفاق يمكن اعتباره مدخلا مهما لتمتين وتعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة أن لهما مشاريع مشتركة يتقدمها مشروع خط الغاز المغربي - النيجيري.

مرحلة جديدة من بوابة الطاقة
مرحلة جديدة من بوابة الطاقة

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “الأكثر من ذلك هو أن المشاريع المشتركة القائمة ستساعد على تقوية التقارب بينهما في العديد من القضايا الإقليمية ودعم مواقف بعضهما البعض”.

ونظرا لأهمية تفاصيل الشراكة النيجيرية – المغربية في هذا الصدد، شكل مشروع خط أنبوب الغاز موضوع ندوة نظمت قبل أيام قليلة من طرف سفارة المغرب في العاصمة اليابانية، بالتعاون مع جمعية الصداقة المغربية – اليابانية، وعرفت مشاركة سفراء المغرب ونيجيريا وغانا.

وقدم سفير المغرب لدى اليابان رشاد بوهلال في كلمة خلال هذا المحور الخطوط الرئيسية لهذا المشروع الطموح الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس النيجيري السابق محمد بخاري وتأثيره الكبير على التنمية الإقليمية.

وأشار إلى أن المشروع جاء لتقديم شهادة إضافية من حيث التزام المغرب بتعزيز علاقات التعاون مع دول القارة الأفريقية في إطار التعاون جنوب – جنوب المفيد للطرفين.

وتمر الشراكة الإستراتيجية بين الرباط وأبوجا بأحسن حالاتها، عنوانها أمن الطاقة في قارة أفريقيا، إذ تملك نيجيريا احتياطيات كبيرة من النفط والغاز.

كما أن المغرب سيمكن الغاز من أسواق جديدة كبرى، وخاصة أوروبا حيث تضع المملكة إمكانياتها اللوجستية والتكنولوجية.

الأطراف الثلاثة تشمل وكالة تطوير التكنولوجيا الحيوية وراهاد العالمية للاستثمار وشركة النفط النيجيرية

وأكد الملك محمد السادس في نوفمبر الماضي النظرة الإستراتيجية لبلاده تجاه خط الغاز المذكور.

وأبرز في ذلك الوقت أن الأمر يتعلق بأكثر من مجرد مشروع ثنائي بين بلدين، وإنما يريده المغرب مشروعا إستراتيجيا، لفائدة منطقة غرب أفريقيا كلها.

وأكد على أن التطلعات ترجّح أن يوفر فرصا وضمانات في مجال أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية بالنسبة إلى الدول الخمس عشرة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

وبفضل المصالح الاقتصادية الواسعة التي أضحت تربط بين المغرب ونيجيريا أقرّ متابعون للشأن الأفريقي بأن الرئيس النيجيري الجديد بولا أحمد تينوبو، الذي انتُخب في فبراير الماضي، لن يحيد عن السياسة التي انتهجتها بلاده بشأن هذه العلاقات.

وأشاروا في العديد من المرات إلى أنه يبدو متحمسا للشراكة مع الرباط معتمدا على تطوير كل ما له علاقة بمشروع أنبوب الغاز وأيضا الفوسفات.

ويسعى المغرب من جانبه إلى إنجاز هذا المشروع لأنه يُمكنه أن يساهم في تحقيق أمن الطاقة للبلاد، إضافة إلى الاستفادة من عبور الأنبوب من أجل تصدير الغاز إلى بلدان أوروبا التي زادت حاجتها إلى مثل هذه المشاريع لتجاوز اعتمادها الكبير على روسيا في تلبية حاجياتها، خاصة أن الخلافات مع موسكو لا تزال مستمرة.

ووقع البلدان اتفاقا مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو)، ثم مع السنغال وموريتانيا وغينيا وغينيا بيساو وغانا وسيراليون وغامبيا، في سياق السعي لتمرير خط الغاز الطبيعي الذي يصل طوله إلى 5660 كيلومترا، عبر 13 دولة، ما سيسمح بنقل 40 مليار متر مكعب من هذه المادة.

10