نتفليكس تتقدم بحذر على طريق تنويع إيراداتها

نيويورك - بدأت نتفليكس التي باتت تضم 232.5 مليون مشترك، في إقناع الأسواق بأن طرحها باقات اشتراك أكثر تنوعا وملاءمة للمستخدمين يأتي بثماره على المدى الطويل.
ونشرت الشركة العملاقة في مجال الفيديو بالبث التدفقي في وقت مبكر الأربعاء نتائج مالية لم تحمل مفاجآت كبيرة، فقد ارتفعت الإيرادات بشكل طفيف على أساس سنوي إلى 8.16 مليار دولار.
ورغم تحقيق المنصة خلال الربع الأول من العام الجاري ربحا صافيا بلغ حوالي 1.3 مليار دولار، لكنه أقل بواقع 18 في المئة على أساس سنوي.
وأنهت نتفليكس العام الماضي بتحقيق إيرادات بواقع 7.8 مليار دولار، لكنها سجلت أرباحا صافية بنحو 55 مليون دولار فقط، وهو أقل بكثير من مبلغ في حدود 257 مليون دولار كان متوقعا.
واعتبر المحلل في شركة إنسايدر إنتلجنس بول فيرنا أن هذه الأرقام “الفاترة إلى حد ما لا تثبت أن الشركة ستتمكن من تنشيط أعمالها من خلال الإعلانات وفرض بدل مالي لقاء مشاركة كلمات المرور".
كما أشار إلى أن عدد المشتركين الجدد الذين استقطبتهم المنصة كان أقل مما توقعته السوق خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث بلغ حوالي 1.75 مليون مشترك بدلا من 2.2 مليونا.
وبعد الطفرة الكبيرة خلال الجائحة، واجهت نتفليكس صعوبة بالغة خلال العام الماضي، ما دفع المسؤولين في الشركة إلى التركيز بشكل أكبر على تنويع مصادر الإيرادات بدلا من زيادة المستخدمين.
وكانت المنصة قد أطلقت في نوفمبر الماضي صيغة جديدة للاشتراكات تتيح الإعلانات على شاشتها مقابل بدل أرخص، بينما دأبت طويلا على رفض اعتماد هذا الحل مخافة أن يسيء معنويا إلى صورتها.
وأوضحت نتفليكس في بيان أرباحها أن "الاهتمام بهذه الصيغة الجديدة تخطى توقعاتنا، ونشهد تحول عدد قليل جدا من المشتركين الحاليين" إلى هذا العرض الأقل تكلفة.
ولاحظت المجموعة الأميركية العملاقة خصوصا أن صيغة الاشتراك مع إعلانات تدرّ عليها أرباحا أكبر في الولايات المتحدة مقارنة بالاشتراكات التقليدية.
لكنّ المحلل في ثيرد بريدج جيمي لوملي أشار إلى أن “التنفيذ يبدو بطيئا جدا". وأضاف "يعوّل خبراؤنا على 10 إلى 20 مليون اشتراك بصيغة الإعلانات سنويا، بدلا من الطموح الأولي البالغ 40 مليونا".
وتسعى المنصة أيضا إلى إجبار المستخدمين على الدفع لإضافة ملفات تعريف جديدة إلى حساباتهم، بدلا من مشاركة كلمة المرور الخاصة بهم مجانا.
وتأخر تنفيذ هذه المقاربة الجديدة قليلا، لكنها متوقعة خلال الربع الحالي في معظم البلدان بما فيها الولايات المتحدة.
وأتت نتائج الاختبارات على هذه الصيغة ونشرها في أميركا اللاتينية وأخيرا في كندا إيجابية، بحسب المدير العام المشارك في الشبكة غريغ بيترز.
وقال بيترز خلال مؤتمر للمحللين "في البداية، يحصل إلغاء للاشتراكات. ثم يعمد الأشخاص الذين كانوا يستخدمون ملفات تعريف مستعارة إلى إنشاء حساباتهم الخاصة وإضافة ملفات تعريف خاصة، فنستعيد بذلك قوتنا على صعيد الاشتراكات والإيرادات".
وفي النهاية، فإن المبادرتين "تواجهان عقبات وستستغرقان وقتا لاعتمادهما على نطاق واسع"، بحسب فيرنا.
وتشير تقديرات إنسايدر إنتلجنس إلى أن نتفليكس ستجني 770 مليون دولار من عائدات الإعلانات في الولايات المتحدة هذا العام، وأكثر من مليار دولار في عام 2024.
وأضافت منصة ديزني+ المنافسة أيضا صيغة جديدة مع الإعلانات في نهاية العام الفائت. ولكن بحسب شركة الأبحاث، فإن المنافسة تدور أيضا، وقبل كل شيء، مع خدمات الترفيه الأخرى.
وفي مارس الماضي، توقعت الشركة أن في عام 2024، سيمضي مستخدمو تيك توك الأميركيون البالغون، أكثر من 58 دقيقة يوميا في المعدل على التطبيق، لتكون بذلك خلف نتفليكس في التصنيف مع 62 دقيقة، ولتتقدم على يوتيوب التي حققت 48.7 دقيقة.
وأشار المحللون أيضا إلى ظاهرة "الشاشة الثانية"، إذ "غالبا ما يتفرج المشاهدون على مقاطع عبر تيك توك أثناء تشغيل نتفليكس في الخلفية".
وأكدوا أنه يجب أن يدرك المعلنون الذين يفكرون في شراء إعلانات على نتفليكس أن بعض المشاهدين قد يتشتت انتباههم إلى درجة تخليهم عن متابعة برنامج البث التدفقي.
وأبدى سبنسر نيومان، المدير المالي للشركة، في يناير الماضي، أمله في أن تمثل الإعلانات بسرعة 10 في المئة من حجم مبيعات نتفليكس في البداية، و”أكثر بكثير بعد ذلك”.
وأعلنت نتفليكس أيضا أنها ستنهي بحلول سبتمبر المقبل تأجير أقراص دي.في.دي عبر البريد، وهي خدمة أطلقتها قبل ربع قرن تقريبا.
وأوضحت الشركة أن “هدفنا كان دائما تقديم أفضل خدمة لأعضائنا. ولكن الأمر أصبح معقدا للغاية مع تراجع هذا النشاط”.
وفي وقت سابق هذا الشهر، كشفت المنصة أنها تعتزم توسيع أنشطتها في أسواق أفريقيا، مستندة إلى النجاح الذي تحققه أعمال من القارة كمسلسل بلاد أند ووتر الذي تم إنتاجه في جنوب أفريقيا.
واستثمرت الشركة، التي تقول إن توسيع أنشطتها أفريقيا خطوة مفيدة، ما يعادل 175 مليون دولار في إنتاج أعمال سينمائية في أفريقيا منذ أن بدأت العمل بالقارة عام 2016.
وكانت الشركة الأميركية التي تعمل في أكثر من 190 سوقا قد ركّزت أنشطتها في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا، حيث وفّرت أكثر من 12 ألف وظيفة. وتتطلع إلى التوسع في مناطق عالمية جديدة بعد تشبع أسواق الولايات المتحدة وكندا وأوروبا.
وقالت مديرة السياسة الخاصة بنتفليكس في جنوب الصحراء شولا ساني، خلال مؤتمر صحافي في جوهانسبرغ عقدته مؤخرا، “لا نزال في البداية، إذ نعتزم العمل في عدد أكبر من الدول الأفريقية”.
وتشكل جنوب أفريقيا راهنا أكبر الدول الأفريقية المساهمة في المنصة، مع أكثر من 170 فيلما ومسلسلا وعملا وثائقيا. واحتل مسلسل بلاد أند ووتر عام 2020 المركز الأولى ضمن أكثر الأعمال مشاهدة في الولايات المتحدة.
وأضافت ساني أن الشركة “ستستند إلى هذه النتائج لتطوير أنشطتنا في أفريقيا، مع الاستمرار في الاستثمار بهدف دعم الاقتصادات الإبداعية المحلية وتوفير مساحة لعدد متزايد من الكُتّاب الأفارقة كي يتمكّنوا من إيصال صوتهم إلى العالم أجمع”.
وخلال السنوات الأخيرة ركّزت نتفليكس على تنويع إنتاجاتها خارج الولايات المتحدة، محققة نتائج بارزة عبر أعمال عدة كمسلسلي لا كازا دي بابيل الإسباني وسكويد غايم الكوري الجنوبي.
وفي فبراير الماضي، رمت نتفليكس بثقلها في آسيا أملا في فرض تفوقها خلال الفترة المقبلة في هذا القطاع، الذي يشهد منافسة قوية مع ديزني وأمازون، خاصة مع اعتماد الشركة الأميركية سياسة خفض الأسعار لجذب المزيد من المشتركين.
وقالت حينها إنها ستفتح مكتبا لها في فيتنام ما سيجعلها أول شركة تكنولوجيا أميركية كبرى لها وجود مباشر في البلد سريع النمو، والبالغ عدد سكانه 100 مليون نسمة، ويُنظر إليه بشكل متزايد على أنه مربح للغاية بحيث لا يمكن تجاهله.