اللجنة العسكرية تعترض على وصف واشنطن لجهاز تابع للدبيبة بالميليشيا المسلحة

طرابلس – استنكرت اللجنة العسكرية المشتركة خمسة زائد خمسة وصف وزارة الخارجية الأميركية لجهاز الأمن الداخلي بـ"المليشيا" المسلحة، وذلك عقب اعتقال مواطن أميركي بتهمة ممارسة أنشطة "التبشير المسيحي" قبل أن تطلق حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة سراحه.
واعتقلت السلطات الليبية في العاصمة طرابلس مواطناً أميركياً بتهمة التبشير بالديانة المسيحية وحث مواطنين ليبيين على ترك دينهم وتغيير عقيدتهم، في حادثة ليست الأولى من نوعها في البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة.
وأكدت اللجنة العسكرية في بيان لها السبت أن جهاز الأمن الداخلي يعتبر أحد المؤسسات الأمنية التي تتبع الدولة الليبية.
وأوضحت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" أن ما يقوم به الجهاز من إجراءات هي ذات صبغة قانونية ومن اختصاصه.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قد صرح لشبكة "سي أن أن" الجمعة "نحن على علم بالتقارير حول احتجاز مواطن في ليبيا من جانب ميليشيا في طرابلس، وعندما يتم احتجاز مواطن أميركي في الخارج، تعمل الوزارة على تقديم أشكال المساعدة المطلوبة كافة".
وأكد المتحدث أن "وزارة الخارجية الأميركية وسفاراتنا وقنصلياتنا في الخارج ليس لديها أولوية أكبر من سلامة وأمن مواطني الولايات المتحدة".
وأربكت تصريحات برايس حكومة الدبيبة التي تعتمد على الدعم الأميركي لتولي الاشراف على الانتخابات التشريعية والرئاسية المنتظر إجراؤها مع نهاية العام الجاري مما دفعها إلى إصدار تعليمات بإطلاق سراح المواطن الأميركي المحتجز.
وأفادت وسائل إعلام محلية الجمعة نقلا مصادر في حكومة الوحدة الوطنية المنتهية الولاية بأن "المواطن الأميركي المتهم في قضية "التبشير بالمسيحية" غادر مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس، على متن طائرة خاصة وفي طريق عودته إلى الولايات المتحدة عبر مالطا".
وأشارت المصادر طالبت عدم ذكر اسمها- إلى أن "العملية تمت بطلب من حكومة الدبيبة بالتنسيق مع السلطات الأميركية".
وكان النائب العام الليبي قد فتح تحقيقا مع المواطن الأميركي بتهمة قيادة "حملة تنصيرية" في البلاد.
أما رأس الخيط الذي قاد السلطات الليبية إلى المدرس الأميركي في هذه القضية، فكان ضبط مجموعة من الليبيين الذين اعتنقوا الدين المسيحي مع بعض الأجانب الذين ينشرون المسيحية في ليبيا، في السادس من أبريل الجاري، بحسب بيان صادر عن جهاز الأمن الداخلي في طرابلس.
وقال الجهاز في بيانه إنه "في ظل الانغماس في الفوضى السياسية والانقسام والتشظي الذي تشهده بلادنا، استغل بعض المروجين للأفكار المتطرفة من الجنسيات الأجنبية المختلفة التي تم إدخالها إلى ليبيا عن طريق بعض المنظمات، التي منها ما يعرف بمنظمة "جماعة الله"، وهي عبارة عن مؤسسة دينية تنطوي تحتها أكثر من 13 ألف كنيسة منتشرة حول العالم ومقرها في الولايات، وتضم حوالى 53 مليوناً من المسيحيين البروتستانت، وينصب تركيزها على فئة الشباب ولديها مؤسسات تعليمية خاصة وتمتلك فروعاً في آسيا وأفريقيا وبعض الدول العربية وتهدف إلى نشر الديانة المسيحية".
وأوضح الجهاز أنه "تبين من خلال الاستدلال مع بعض من تم ضبطهم بالخصوص أن لهذه المنظمة سالفة الذكر دوراً كبيراً في إغوائهم وبشتى الطرق للتنصير والخروج عن الدين الإسلامي".
وأشار البيان إلى أن "قوات الجهاز ألقت القبض على مجموعة من الليبيين ممن خرجوا عن الملة الإسلامية واعتنقوا الدين المسيحي وبعض الأجانب الذين قاموا بنشر المسيحية، واتخذت الإجراءات القانونية حيالهم وأحيلوا إلى جهات الاختصاص".
وبعد أيام قليلة على نشر جهاز الأمن الداخلي بيانه الأخير عاد وفجر مفاجأة جديدة بإعلانه اعتقال مدرس للغة الإنجليزية يحمل الجنسية الأميركية، ويدير شبكة التنصير التي نجحت في إقناع مجموعة من الشباب الليبيين باعتناق الدين المسيحي.
وفي اليوم التالي نشر الجهاز فيديو لشخص أميركي يعترف بقيادة الشبكة التي نجحت في دفع هؤلاء الشباب لتغيير ديانتهم من الإسلام إلى المسيحية، واعترافات لفتاة ليبية تبلغ من العمر 22 سنة، قال الجهاز إنه ضبطها بسبب ارتدادها عن الإسلام واعتناق المسيحية والانضمام لمجموعة من الليبيين والأجانب تدعو إلى الديانة المسيحية في المجتمع الليبي.
وقال الشخص الأميركي في اعترافاته إنه كان يقابل بعض الليبيين لتنصيرهم وإغوائهم بالمزايا والهدايا ويشجعهم على اعتناق الديانة المسيحية، وقال "كنا نصلي معاً ونقرأ الكتاب المقدس مع بعضنا بعضاً". وأضاف أنه ناقش مع صديقه في الكنيسة "كيف أن الشعب الليبي يحتاج إلى معرفة قصة المسيح"، وأنه أعطى نسخة من الإنجيل لأصدقائه الليبيين ولعائلتهم.
وقال مدرس اللغة الانجليزية الأميركي، إن مجموعته "أحضرت أنواعاً مختلفة من الإنجيل حتى يتمكن الناس من قراءتها بحسب وضعهم"، موضحاً أنه أعطى أحدهم "نسخة غير مرئية، لكن إذا وضع عليها ضوء خاص يمكنه قراءته بسهولة، لأنه في بعض الأحيان كان لا يريد بعضهم أن ترى عائلتهم أنهم يقرأون الإنجيل، فوفرنا لهم هذه الطريقة الخاصة".
وبين المدرس الأميركي أنه كان يعمل مساعداً لمدير مركز "جيت واي" لتعليم الإنجليزية في زاوية الدهماني بالعاصمة الليبية، وأنهم سمحوا لليبيين بالصلاة في مركزهم، مبيناً أنهم "كانوا يجتمعون في المركز، ولكن طلبوا مكاناً آخر للاجتماع وسمحنا لهم بالاجتماع في منزلنا، وباركنا هذا التصرف".
في المقابل ذكرت الفتاة الليبية التي ظهرت في فيديو آخر بعد القبض عليها بتهمة تغيير دينها أن قصتها مع هذه الشبكة بدأت حين كانت تبلغ من العمر 15 سنة، حين التقت شخصاً حدثها عن الدين المسيحي وحثها على اعتناقه. وقالت إنها صدقته لأنها كانت في سن صغيرة لا تميز و"غير واعية".
وأوضحت الفتاة أن لقاء آخر جمعها بشخص آخر في بيتهم، حيث صلوا الصلاة المسيحية وقرأوا الإنجيل، لافتة إلى "وجود مكتبة كبيرة عن الديانة المسيحية، وقد وزعت الكتب على الحاضرين". وأضافت أنها تعرفت بعد ذلك على مجموعة أخرى من الأجانب، وبعد كثير من اللقاءات أشاروا عليهم بتكوين خلايا لاستدراج الناس وتبشيرهم بالديانة المسيحية، بعد أن تم تعميدها من قبل إحدى المسيحيات في بيتها، حتى تترقى ويكون لها كامل السلطة في الدعوة إلى الديانة المسيحية.
وأوضحت أنه "في ذلك الوقت قدم 13 أميركيا وتوجهوا نحو جامعة طرابلس وغريان وداخل المقاهي للتعرف على الشباب واستقطابهم واللقاء بهم في أماكن مختلفة".
واعترض جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية الليبية على وصف الخارجية الأميركية له بـ"الميليشيا المسلحة". وقال في بيان إنه "إحدى المؤسسات المدنية النظامية لمكونات الدولة الليبية ويعتبر من أقدم المكونات الأمنية للدولة وعمره 70 عاماً"، مشيراً إلى أن "تاريخ الجهاز يمتد منذ أيام المملكة الليبية". وأضاف الجهاز أنه "يضم عناصر من ربوع ليبيا كافة مدربة على أعلى المستويات تتسم بالانضباط وتمارس الاختصاصات نفسها".
وخلص البيان إلى أن "جهاز الأمن الداخلي له وفق التشريعات النافذة اختصاصات عدة، ومنها حفظ كيان الدولة وحماية أمنها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومكافحة الإرهـاب والظواهر الهدامة والمخاطر والتهديدات التي تستهدف قيمها الدينية والاجتماعية وتنال من مكانتها أو علاقاتها الدولية مع متابعة وتقييم المنظمات الدولية والمحلية وكل ما من شأنه المساس بسيادة الدولة وأمنها ووحدة أراضيها".
ومنذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011 غرقت ليبيا في الفوضى والانقسامات مع حكومتين تتنافسان على السلطة، واحدة مقرها طرابلس (غرب)، والأخرى مقرها في الشرق ويدعمها معسكر المشير خليفة حفتر ومجلس النواب.
ووفقا لتعليمات السفر الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية، فإن ليبيا تأتي في المستوى الرابع، بسبب انتشار الجريمة، والإرهاب، والاضطرابات الأهلية، والاختطاف، والنزاع المسلح.