مسلسل بلا خاتمة

ربما هي المرة الأولى التي يشاهد فيها الجمهور مسلسلا تلفزيونيا دون أن يصل إلى نهايته ويعرف خاتمته. حدث ذلك في تونس خلال رمضان الحالي عندما حُرم مشاهدو القناة الوطنية الأولى من متابعة الحلقة الأخيرة من مسلسل "الجبل الأحمر" ، وأصل الحكاية أن إدارة التلفزيون الحكومي اتفقت مع شركة الإنتاج على أن يكون العمل في 20 حلقة، وعلى ذلك الأساس تم تحديد التكاليف المالية وجرى التعاقد مع الرعاة والمعلنين.
مع بداية شهر الصيام انطلق بث المسلسل الذي حمل اسم حي شعبي موجود بوسط العاصمة، وتراوحت ردود الفعل بين الرفض والقبول، والانتقاد والإشادة، ويبدو أن مقص الرقابة لعب كما شاء له أصحابه في الأحداث، وأن خلافات جدت بين إدارة القناة والمخرج ربيع التكالي حول التصور النهائي للعمل، وهو ما أثّر سلبا على الصورة التي كانت تصل إلى جمهور المشاهدين.
قبل عرض الحلقة العشرين التي كان من المفترض أن تكون الأخيرة، أبلغت شركة الإنتاج إدارة التلفزيون بأن السيناريست والمخرج أضافا أربع حلقات أخرى ليصبح المسلسل في 24 حلقة، وطلبت مبلغا ماليا إضافيا لتمكين القناة الوطنية من عرضها، وبالتالي لتمكين الجمهور من متابعة نهاية أحداث المسلسل كما هو معمول به في كل المحطات التلفزيونية التي تحترم نفسها سواء كانت في الدول المتقدمة أو دول العالم الثالث عشر.
رفضت إدارة التلفزيون بث بقية الحلقات لاعتبارات عدة منها أن العقد المبرم بين الطرفين كان واضحا وعلى ضوئه تم التعاقد مع الرعاة والمعلنين، وأن أيّ خروج عن حيثياته قد تضعها عرضة للشك بوجود شبهات فساد، كما أن توليد الحلقات من بعضها جرى دون علمها والمطالبة بمبلغ مالي إضافي يعتبر شكلا من أشكال الابتزاز.
أهم ما كشفت عنه هذه الحادثة هو غياب الجدية والحرفية من قبل شركة الإنتاج والسيناريست والمخرج، وفشل إدارة التلفزيون في اختيار الطرف الذي تتعامل معه وفي تحديد مختلف التفاصيل مهما كانت دقتها في العقد حتى لا تجد نفسها في هذه الوضعية التي لا تتناسب مع تاريخ المؤسسة ولا مع ثراء تجربتها في الإنتاج الدرامي.
عادة ما تطلب إحدى محطات التلفزيون حلقات إضافية من مسلسل تراه ناجحا ويحقق إيرادات عالية، لكن أن تعمل شركة إنتاج على فرض حلقات إضافية وتطالب بمبلغ مالي ضخم مقابل ذلك، ففي الأمر استهانة بجهة البث والعقد المبرم معها وقبل ذلك بالجمهور المحكوم عليه بمشاهدة عمل مبتور، كما حدث مع “الجبل الأحمر”.