القاهرة تستعين بالتطبيقات الرقمية لمكافحة البيروقراطية

هيئة الاستثمار تطلق منصة تمنح المشاريع السجل التجاري والبطاقة الضريبية عن بُعد.
السبت 2023/04/15
فكر ثم خطط جيدا قبل التنفيذ

تخوض مصر معركة جديدة لمواجهة البطء في الجهاز الإداري والتخلص من البيروقراطية العقيمة في تأسيس الشركات باستخدام التكنولوجيا، بهدف تسريع الإجراءات وكسب رضا المستثمرين لجذبهم للسوق المحلية وضخ المزيد من الاستثمارات والعملات الأجنبية.

القاهرة - كشفت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية أخيرا عن عزمها إطلاق منصة رقمية لتأسيس الشركات من خلال تطبيق إلكتروني سيبدأ العمل به مطلع يوليو المقبل.

ويتيح التطبيق للمستثمرين تدشين شركاتهم إلكترونيا في دقائق معدودة، مما يسهم في القضاء على واحدة من الأزمات، التي تعرقل عمل الراغبين في الاستثمار بالبلاد.

وجاءت الخطوة استجابة لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة بتأسيس الشركات عن طريق الإخطار رقميا عبر منصة تقام لهذا الغرض، والسماح بفتح الشركات الافتراضية دون التقيد بوجود مقر فعلي لها لتوفير النفقات والتسهيل عليها.

وقال رئيس الهيئة حسام هيبة إن "المنصة الجديدة من أهم التيسيرات الإجرائية لجذب المستثمرين، وتشمل التأسيس والسجل التجاري والبطاقة الضريبية عبر تطبيق إلكتروني سوف يتم انطلاقه قريبا".

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “التطبيق جاهز فعلا، لكن هناك تعديلات يخضع لها حاليا لزيادة معدلات الأمان والحماية والحفاظ على سرية البيانات تماما، فضلا عن الكفاءة العالية، خاصة أنه سيضم الملايين من البيانات للمستثمرين".

حسام هيبة: التطبيق جاهز للعمل ويخضع لتعديلات لتعزيز الكفاءة
حسام هيبة: التطبيق جاهز للعمل ويخضع لتعديلات لتعزيز الكفاءة

ومن الخدمات التي تتاح عبر التطبيق، بجانب إجراءات تأسيس الشركات، توثيق العقود العقارية والتسجيل بالتوقيع الإلكتروني وتوثيق مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، لتحفيز مناخ الأعمال والاستثمار.

وأشار هيبة لـ”العرب” إلى أنه يُجرى العمل حاليا على تطوير موقع الخارطة الاستثمارية بالبلاد، بحيث تضم كافة الفرص والمشاريع والأماكن المتاحة، مع دعوة القطاع الخاص إلى وضع الفرص على هذه الخارطة.

وتسمح الآلية الجديدة للمستثمرين بتأسيس الكيانات من محل إقامتهم أينما كانوا، ما يوفر عليهم الوقت في الذهاب إلى مقر هيئة الاستثمار والانتظار في طابور أو التعامل مع أحد الموظفين بشكل يدوي، وهذه خطوة كانت تتم عبر مراحل متعددة ونسخ مستندات وإجراءات روتينية أخرى.

ومثلت البيروقراطية أزمة في مسار عملية الاستثمار وتأسيس الشركات بالبلاد، لأن المستثمر المحلي والأجنبي ربما يقضي ساعات طويلة في إحدى الدوائر الحكومية للحصول على وثيقة لاستكمال إجراءات التأسيس وغيرها.

ويعد البطء في الجهاز الإداري للدولة من العوامل الرئيسية المطلوبة لتحسن ترتيب الدول وحصولها على مركز متقدم أو متأخر وفقا لمؤشرات مكافحة الفساد دوليا، ولذلك تحرص مصر على طرق هذا الباب لتحسّن وضعها على المستوى العالمي.

وتراجعت القاهرة ثلاثة مراكز في مؤشر الشفافية الدولية في مكافحة الفساد العام الماضي واحتلت المركز 130 بين 180 دولة، بعد أن كانت في المركز 127 عام 2021.

وترتبط البيروقراطية بالبطء في التصرف، وتعقيد الإجراءات التي يمكن أن تنتهي بشكل أسرع وأسهل، وتعد أحد أسباب تعثر النمو.

وأصبحت هذه المعضلة مقترنة بمعايير الشفافية في الدول والشركات، وتفتح الباب لتعقيد الإجراءات وتشابكها مع الفساد للانتفاع منها واستغلالها في تحقيق مكاسب جزئية للقائمين عليها.

كما تعتبر من أهم المشاكل التي اعترضت تدفق الاستثمارات الأجنبية الفترة الماضية، ويظهر ذلك في المراحل التي يمر بها المستثمر، بدءا من الحصول على الموافقات الخاصة بالمشروع وما يجده من طلبات لتقديم قائمة طويلة من المستندات والأوراق.

وعلاوة على ما تطلبه وزارات وجهات حكومية أخرى من وثائق، وكل ذلك يستغرق وقتا وجهدا كبيرين، خاصة أن المستثمر يهتم في المقام الأول بعنصر الوقت الذي إذا طال قد يترتب عليه ضياع فرص واعدة وفقدان أرباح متوقعة.

الاستثمار عنوان كبير للنجاح
الاستثمار عنوان كبير للنجاح 

وأكد عضو جمعية مستثمري السويس سعيد يونس أن الخطوة التي اتخذتها هيئة الاستثمار مهمة، وتهدف إلى فتح نافذة لجذب المستثمرين الأجانب والتيسير عليهم من أجل ضخ الدولار الذي يعاني اقتصاد البلاد كثيرا بسبب نقصه في البنوك.

ويكمن الحل للتغلب على البيروقراطية في اللجوء إلى التكنولوجيا كونها الطريق الأسرع للقضاء عليها، لذلك تسعى مصر إلى رقمنة النظم الحكومية برمتها، لكن هناك تفاوتا في التقدم المحرز عبر هذه النظم الحكومية بين المحافظات.

وتستطيع الأنظمة الرقمية الاستفادة من تحقيق الترابط والتكامل فيما بينها، ويمكن لها جمع البيانات والمعلومات الخاصة ببعضها وتبادلها واستخدامها في شكل إلكتروني، ما يسهل الإجراءات ويقلل الوقت المهدر والحد من الممارسات السيئة.

وأوضح يونس في تصريح لـ”العرب” أن تحفيز الاستثمار لا يقتصر فقط على بداية تأسيس الكيان، بل في المراحل اللاحقة من المشروع أيضا، مثل التراخيص الصناعية وإجراءات الأمن الصناعي وغيرهما من مراحل الاستثمار في المشروع.

وحققت مصر مستوى مرتفعا نسبيا في التحول الرقمي ونضجا في مجال التكنولوجيا الحكومية في ضوء الإصلاحات التي جرت في الفترة الأخيرة.

وانعكس ذلك بشكل إيجابي على مجموع نقاطها في المؤشرات الدولية التي تقيس التحول الرقمي بالقطاع العام، ووفقا لمؤشر الحكومات الإلكترونية للأمم المتحدة العام الماضي تحتل مصر المرتبة 103 من بين 193 دولة.

عمرو السمدوني: الجهاز الإداري أبرز أسباب هروب المستثمرين من السوق
عمرو السمدوني: الجهاز الإداري أبرز أسباب هروب المستثمرين من السوق

وتماشيا مع رؤية مصر 2030 والتحول الرقمي، استثمرت الحكومة نحو ملياري دولار لتحديث البنية التحتية للإنترنت، ومن شأن هذا دعم زيادة الطلب على خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للعمل عن بعد والمدفوعات الرقمية ومنصات التجارة الإلكترونية.

وأشار عضو الغرفة التجارية بالقاهرة عمرو السمدوني لـ”العرب” إلى أن السلطات تسعى لتهيئة بيئة جاذبة وسهلة للمستثمرين بشتى الطرق.

وأوضح أن رغم إجراءات التيسير في تأسيس الشركات لكن يجب أن تشمل عوامل متعددة منها الحوافز الضريبية، مع وجود قانون جديد موحد للاستثمار يكفل للدولة مواجهة آثار البيروقراطية والروتين.

وقررت السلطات تفعيل الرخصة الذهبية مؤخرا، وهي موافقة واحدة على إقامة المشروع وتشغيله وإدارته بما في ذلك تراخيص البناء، وتخصيص العقارات اللازمة له، كما يجوز منحها للشركات بقرار من مجلس الوزراء.

ويتم منحها للشركات التي تؤسس لإقامة مشاريع إستراتيجية أو قومية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وفقا لخطة التنمية الاقتصادية للدولة، كما يجري حاليا دراسة 40 طلبا لشركات ترغب في الحصول عليها منها شركات أجنبية.

وشدد السمدوني على أن البيروقراطية من أبرز الأسباب التي تتسبب في هروب المستثمرين، مطالبا بضرورة تسريع توحيد جهات التراخيص وتوفير الأراضي الصناعية المرفقة، واستحداث آليات جديدة للترويج، وميكنة إجراءات تسهيل كل خدمات المستثمرين.

11