رئيس البرلمان التونسي: مبادرة اتحاد الشغل تغيّب الحكومة والبرلمان

مبادرة اتحاد الشغل بشأن الحوار الوطني تكشف محاولات المنظمة الشغيلة السطو على أدور المؤسسات المنتخبة.
الجمعة 2023/04/14
إبراهيم بودربالة: مبادرة الاتحاد منقوصة وتغيّب من يمثل الدولة

تونس- انتقد رئيس البرلمان التونسي إبراهيم بودربالة مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ووصفها بالمنقوصة وتغيّب من يمثل الدولة، معتبرا أن البرلمان هو الأولى بأن يكون فضاء للحوار وليس اتحاد الشغل أو بقية المنظمات المشتركة معه.

وتقول أوساط سياسية تونسية إن موقف بودربالة لا يمكن التعامل معه على أنه موقف شخصي، وهو يعكس الموقف الرسمي حتى وإن لم يكن مخوّلا بالحديث باسم الحكومة أو مؤسسة رئاسة الجمهورية التي لا تتحمس لأيّ مبادرات تسعى للسطو على أدوار المؤسسات المنتخبة.

وتشير هذه الأوساط إلى أن إغفال رئاسة الجمهورية لهذه المبادرة والجهات التي تقودها هو ما يفسّر صمت الاتحاد بشأنها وتحركه في مربع محدود جدا خوفا من إثارة غضب الرئيس قيس سعيد وعدم الظهور ضمن قائمة الأطراف التي تسعى لاستثمار الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة لتسجيل نقاط على حساب الدولة.

زهير حمدي: مبادرة لا تملك مقومات النجاح، وهي مضيعة للوقت
زهير حمدي: مبادرة لا تملك مقومات النجاح، وهي مضيعة للوقت

وقال بودربالة في حوار بث الخميس عبر إذاعة “الديوان أف أم” المحلية إن “مبادرة اتحاد الشغل منقوصة وهي لا تمثل إلا طيفا واحدا من المجتمع المدني وتقصي الدولة ممثلة في الحكومة ومنظمات وطنية أخرى على غرار الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد النسائي”.

واعتبر أن البرلمان أولى بأن يتبنى مبادرة الحوار الوطني لأنه مؤسسة دستورية منتخبة من طرف الشعب، مشددا على أن الحوار الجدي يكون بين المجلس التشريعي ومجلس الجهات والأقاليم الذي يعول عليه التونسيون لتحقيق التنمية ومناقشة بعض الصعوبات.

واستغرب مراقبون كيف يمكن أن يقود الاتحاد مبادرة تعنى بشأن البلاد بمعزل عن الطرف الأساسي في أيّ حوار، أي الدولة بمختلف مؤسساتها، ومنظمة وازنة مثل اتحاد أرباب العمل، إلا إذا كانت تلك المبادرة تخفي موقفها كطرف معارض، وليس كشريك في الحوار.

وتساءل زهير حمدي الأمين العام للتيار الشعبي عن “الجدوى من تنظيم هذه المبادرات في هذا التوقيت، وخاصة أن البلاد ليست في حالة فراغ سياسي حتى تلعب المنظمات الوطنية دورا في تسوية المسائل السياسية”.

وقال في تصريح لـ”العرب”، “هناك رئيس جمهورية منتخب، ورئيس برلمان منتخب وغرفة نيابية ثانية، والبرلمان سينكبّ على معالجة القضايا الجوهرية في البلاد، وسيتم استكمال المحكمة الدستورية وتنظيم انتخابات مجالس الأقاليم والجهات”.

وخلص حمدي إلى أن “هذه المبادرة لا تملك مقوّمات النجاح، وهي مضيعة للوقت، ولا يوجد صراع أو انقسام سياسي حتى نتحدث عن وجودها، بل هناك إصلاحات سياسية حصلت في الفترة الأخيرة”.

ويحيط الغموض بالمبادرة التي يجري الحديث عنها فيما هي لم تقدم بعد. ولم يعلن الاتحاد عن تفاصيلها، وهل ستقف عند الحوار السياسي، أم ستشمل الجوانب الأخرى خاصة الاقتصادية والمالية، ما يجعلها أقرب إلى إعلان نوايا فضفاض منها إلى مبادرة.

وكان الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي، قال في تصريحات سابقة “إننا ننظم المبادرة الوطنية للإنقاذ الوطني للتشاور من أجل صياغة برنامج متكامل وعقلاني حول كيفية إنقاذ البلاد”.

نبيل الرابحي: اتحاد الشغل يريد لعب دور محوري في السياسة
نبيل الرابحي: اتحاد الشغل يريد لعب دور محوري في السياسة

وسجل المتابعون للمشهد التونسي تراجعا في تحمّس اتحاد الشغل للمبادرة التي طرحها في أواخر العام الماضي، والتي أطلق عليها تسمية “مبادرة الإنقاذ”، بعد أن أعلن الرئيس سعيد صراحة رفضه لهذه المبادرة التي اعتبر أنها بلا معنى.

وكانت قيادة الاتحاد هددت في معرض إعلانها عن المبادرة بالتصعيد، لكن الموقف الحازم للرئيس سعيد جعلها تعيد النظر في خطابها وفي توقيت مبادرتها ومضمونها.

وقال الرئيس التونسي في فبراير الماضي إن “الفساد ينخر في البلاد كالسرطان ويتحدثون عن الخلاص والحوار فمع من الحوار؟ في حين تتمثل مشاكل الشعب التونسي الحقيقية في البؤس والفقر والتّهميش”.

ويُواجه اتحاد الشغل باتهام واضح من جهات مختلفة بأن تحرّكه تحكمه رغبة في تأكيد دوره السياسي أثناء المرحلة الجديدة في تكرار لدوره خلال العشرية الماضية، ما جعله شريكا مباشرا في الأزمة.

وقال المحلل السياسي التونسي نبيل الرابحي إن “اتحاد الشغل يريد لعب دور محوري في السياسة، وقياداته ما زالت لم تستوعب أن ذلك غير ممكن، ومن يريد الحديث عن مبادرة فيمكن أن تكون اقتصادية”.

وتساءل الرابحي في تصريح لـ”العرب”، “الحوار مع من ولماذا؟ حتى وإن تحاور اتحاد الشغل مع الحكومة فمن أجل ماذا؟”، مشددا على أن “هذه المبادرة ولدت ميّتة وتحتاج إلى إنقاذ، والاتحاد عليه أن يجد مخرجا من ذلك لحفظ ماء الوجه”.

ودخل الاتحاد العام التونسي للشغل في معركة ليّ أذرع مع السلطة من بوابة رفض قبول الحكومة بشروط يطرحها صندوق النقد الدولي في مفاوضات متعثرة للموافقة على برنامج تمويل بنحو 1.9 مليار دولار تحتاجه تونس بشدة في مواجهة أزمة مالية طاحنة.

1