تونس تطالب المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين بكشف حقيقة فض اقتحام مقراتها

وزارة الخارجية التونسية تؤكد أن تدخل القوات الأمنية جاء بطلب من المفوضية بعد فشل محاولات التّفاوض مع المحتجّين في عدّة مناسبات سابقة.
الخميس 2023/04/13
أوضاع المهاجرين الأفارقة تزداد سوء في تونس

تونس – دعت وزارة الخارجية التونسية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى إبراز الحقيقة كاملة دون أي مواربة بشأن تدخل القوات الأمنية لفض اعتصام مهاجرين أفارقة اقتحموا مكتبها في تونس.

وجاء الرد التونسي إثر بيان أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبرت فيه عن رفضها الشديد لأحداث العنف التي وقعت، يومي الاثنين والثلاثاء، في تونس العاصمة، وذكرت أن بعض اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين اقتحموا مكتبها مما تسبب في "أضرار مادية ومشاحنات بالغة مع قوات الشرطة المحلية".

ولم تشر المفوضية في بيانها إلى أن ممثليتها بتونس قد طلبت من السلطات الأمنية التدخل السريع لإخراج جحافل المقتحمين من مقرها بمنطقة البحيرة شمال العاصمة، وهو ما بدا وفق المراقبين محاولة للزج بالأمن التونسي في أعمال العنف، والنأي بنفسها عن الأسباب التي أدت إلى ذلك.

وطالبت وزارة الخارجية التونسية المفوضية بضرورة "إبراز حقائق الوقائع والتزام مواقف مُتناسقة مع مضمون الطّلبات المقدمة من قبل الممثلية خلال اللّقاءات مع الجهات الرسمية التونسية، بما من شأنه إنارة الرّأي العام بكُلّ موضوعية".

وأكدت الوزارة أن تدخّل الوحدات الأمنيّة لفض اعتصام مهاجرين أفارقة من دول جنوب الصحراء أمام مقر المفوّضيّة السّامية لشؤون اللاّجئين بتونس تمّ استجابة لطلب ممثليّتها إثر اقتحام مكتبها وفشل محاولات التّفاوض مع المحتجّين في عدّة مناسبات سابقة.

وبدأ حوالي 200 لاجئ وطالب لجوء ومهاجر في تونس اعتصاما خارج مكاتب المفوضية قبل ثلاثة أسابيع، مطالبين بخروجهم من البلاد وإجلائهم لـ"دواعٍ إنسانية".

وازداد الوضع توترا في 30 مارس عندما أعاق بعض المتظاهرين إمكانية الوصول إلى المدخل الرئيسي للمفوضية ومنعوا اللاجئين وطالبي اللجوء الآخرين من فرصة الحصول على الخدمات التي يحتاجونها داخل المبنى، بحسب بيان للمنظمة الدولية الأربعاء.

وكشفت المفوضية أن المتظاهرين أغلقوا المداخل المؤدية إلى مكاتب المفوضية، لافتة إلى أن موظفيها لم يكونوا حاضرين في عين المكان، ولكنهم تلقوا تقارير تفيد بأن بعض المتظاهرين قد تم اعتقالهم فيما بعد، مع إصابة العديد منهم ومن أفراد الشرطة وإلحاق أضرار بسيارات تعود لأشخاص في المنطقة".

وقالت مونيكا نورو، ممثلة المفوضية في تونس "بينما تتفهم المفوضية مخاوف المحتجين وحالات الإحباط التي يمرون بها وتحترم حقهم في الاحتجاج السلمي بما يتماشى مع القوانين الوطنية، فإننا ندين الأحداث الأخيرة التي وقعت في مكاتبنا من قبل مجموعة صغيرة من المتظاهرين".

وأضافت "نحث الجميع على الانخراط معنا بحثا عن حلول سلمية، وهو ما اقترحناه مرارا وتكرارا منذ بدء المظاهرة، والسماح للأشخاص الآخرين ممن يحتاجون للمساعدة بالوصول إلى مكاتبنا والاستفادة من خدماتنا".

وأوضحت المفوضية، أن "منذ بدء الاحتجاجات، أجرى أفراد موظفينا جلسات نقاش منتظمة مع المتظاهرين للاستماع إلى همومهم وتحديد الحلول المناسبة لهم. كما قدمنا معلومات حول الخيارات المتاحة للاجئين وطالبي اللجوء في البلاد، فضلاً عن القيود المتعلقة تحديداً بعمليات الإجلاء الإنسانية وإعادة التوطين من تونس".

ودعت المنظمة الدولية إلى وضع حد فوري لكافة أشكال العنف وتحث على وقف تصعيد التوتر حتى لا يتفاقم الوضع بالنسبة للجميع، بما في ذلك اللاجئين وطالبي اللجوء.

كما طالبت بـ"احترام الطبيعة الإنسانية" لعملها، مشددة على ضرورة "الحفاظ على سهولة الوصول إلى مداخل مكاتبنا في تونس وعلى أمنها، وذلك لضمان استمرار عملياتنا والحفاظ على قدرتنا على تقديم المساعدة للأشخاص المعنيين".

وكانت ممثلية المفوضية في تونس قد استنجدت بالسلطات التونسية عقب عملية الاقتحام الجماعية، لتتدخل القوات الأمنية لفض الاعتصام وإخراج المقتحمين باستخدام الغاز المسيل للدموع وتم تفكيك بعض من خيامهم من قبل فريق من البلدية.

وقال المتحدّث باسم وزارة الداخلية، فاكر بوزغاية إن الممثّلة القانونية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقدّمت إلى مركز الأمن الوطني بضفاف البحيرة راغبة في إثارة قضية عدلية ضدّ عدد من المهاجرين الأفارقة المحتجين أمام مقرّ المفوضية، وذلك على خلفية الاعتداءات المتكرّرة على الموظفين وعلى تجهيزات المفوضية.

وكشف بوزغاية أنّ الوحدات الأمنية تحوّلت إلى مكان الحادثة لاتّخاذ الإجراءات اللازمة، وحاولت في مرحلة أولى التحاور مع المهاجرين، بيد أنّهم بادروا بالاعتداء بالعنف على أعوان الأمن، وبقذف الوحدات الأمنية بالحجارة والعصيّ، وقد كان بحوزتهم قوارير غاز.

وأضاف أنّه تمّ الاعتداء على أملاك الغير من بينهم حوالي 20 سيارة خاصّة للمواطنين عاديين، وهو ما استوجب إيقاف عددا منهم، بعد استشارة النيابة العامة.

وتمّت إحالة قرابة 80 شخصا منهم على العدالة، ثمّ إيقاف 30 شخصا إلى حدّ الآن، وقد فتحت النيابة العامة بحثا من أجل اقتحام منشأة دبلوماسية والإضرار بها، وتحرير محضر بحث من أجل الاعتداء على موظف عمومي أثناء القيام بمهامه"، وفق بوزغاية الذي أكّد أنّ الأبحاث مازالت جارية.

وقررت النيابة العامة التونسية الأربعاء إصدار مذكرات إيداع بالسجن في حق 15 مهاجرا أفريقيا بعد اقتحامهم مقر المفوضية واعتداءهم على الأشخاص وأملاك الغير.

وفي الآونة الأخيرة، تدهورت أحوال طالبي اللجوء الذين ينتظرون تسوية أوضاعهم في تونس، وبالأخص إثر خطاب وُصف بأنه "يدعو للكراهية" أطلقه الرئيس قيس سعيّد في 21 فبراير الفائت، وانتقد فيه الهجرة غير القانونية والتواجد الكبير لمهاجرين من دول جنوب الصحراء في البلاد.

وندّد سعيّد بما اعتبره وصول "جحافل المهاجرين" من دول أفريقيا جنوب الصحراء في إطار مؤامرة "لتغيير التركيبة الديموغرافية" لبلاده، مما أدى إلى اندلاع حملة مناهضة للمهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني في البلاد.

ووجد المئات من المهاجرين إثر تلك التصريحات أنفسهم أمام سفارات بلادهم يطالبونها بترحيلهم. وأعيد عدد كبير منهم إلى بلادهم، ولا سيما إلى كل من ساحل العاج والسنغال وغينيا ومالي.

بالمقابل، واصل آخرون محاولاتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط في عمليات هجرة غير قانونية نحو السواحل الأوروبية تنتهي بهم أحيانا إلى حوادث غرق ويلقى العشرات منهم حتفهم.

وخلافا للمهاجرين، لا يمكن لطالبي اللجوء التوجه إلى سفاراتهم وطلب المساعدة لأنهم فروا من بلدان التي تواجه حروبا ومجاعات وكوارث انسانية أو أنهم مهددون بأعمال انتقامية ومن المفترض أن يستفيدوا من حماية المفوضية.

وفي الفترة الأخيرة، برزت تونس كإحدى أبرز البوابات للهجرة نحو البلدان الأوروبية، بشكل دفع السلطات إلى المطالبة بدعم خارجي لمواجهة هذه الظاهرة.