عودة لافتة لزخم الاندماجات في القطاع المصرفي العماني

فتحت متانة النظام المالي في سلطنة عمان آفاقا جديدة للمزيد من الاندماجات في القطاع المصرفي، وهو تحرك كان يتوقعه الخبراء طيلة الفترة الماضية بالنظر إلى المحفزات التي تدفع إلى ذلك، خاصة في ظل الموجة التي تشهدها باقي أسواق الخليج.
مسقط - قدم بنك ظفار العماني عرضا غير ملزم للاندماج مع منافسه الأصغر البنك الأهلي في صفقة يمكن أن تنشئ كيانا بحجم أصول تتجاوز حوالي 19 مليار دولار، في دليل على عودة زخم هذا المسار إلى القطاع المصرفي.
وقال بنك ظفار في بيان مساء الاثنين الماضي إن “أيّ صفقة ستخضع لموافقة الجهات الرقابية ومجالس إدارة كلا البنكين”، دون الخوض في المزيد من التفاصيل.
ويعدّ ظفار الذي ارتفعت أسهمه في تعاملات الثلاثاء بواقع 3 في المئة وسط أحجام تداول منخفضة، ثاني أكبر بنك في السلطنة بأصول تبلغ 11.2 مليار دولار.
أما منافسه الأصغر، المملوك جزئيا للبنك الأهلي المتحد البحريني، فلديه أصول تقل قليلا عن 8 مليارات دولار.
وذكر البنك الأهلي في إفصاح للبورصة المحلية إن “مجلس إدارته سيدرس العرض المقدم وسيعلن عن أيّ تطورات جوهرية تستجد في هذا الشأن”.
وسيمثل الاندماج بين المقرضين في مسقط خطوة أخرى في توطيد الصناعة المصرفية في عمان، حيث تعيد الحكومة تنظيم الكيانات الحكومية لتعزيز الكفاءة والعوائد.
ويُعتبر القطاع المصرفي من أهم قطاعات الاقتصاد في عُمان وأبرزها تطورا وأكثرها كفاءة، ما جعله لاعبا في الحفاظ على التوازن المالي وداعما للحركة التنموية وفي مقدمتها دعم المشاريع الاستثمارية والمساعدة على توفير فرص العمل.
ويخدم حوالي 20 بنكا محليا وإقليميا ودوليا ما يزيد عن 5 ملايين نسمة في البلاد. ووفق بيانات اتحاد البنوك العربية، هناك 7 بنوك تجارية محلية وبنكين حكوميين متخصصين وبنكين إسلاميين. كما تعمل في البلاد تسعة فروع لبنوك أجنبية.
ونقلت وكالة بلومبرغ عن جويس ماثيو رئيس أبحاث الأسهم في المتحدة للأوراق المالية في مسقط قوله “تعمل عمان على تقليل الطاقة الفائضة في القطاع المصرفي بحثًا عن الحجم والكفاءة”.
وأضاف أن “البنوك المحلية صغيرة الحجم، والمنافسة شديدة للغاية لكل من الأصول ومنتجات المسؤولية”.
وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط، الذي أدى إلى تحسين قدرة عمان على دعم القطاع المصرفي، إلا أن زيادة تكاليف الامتثال مع تطبيق المعايير المحاسبية الجديدة وتكلفة التمويل المتزايدة تؤدي إلى تفاقم الضغط على المقرضين الصغار والمتوسطين للاندماج.
وكان بنك ظفار يجري في السابق محادثات للاندماج مع البنك الوطني العماني، وهي صفقة تخلى عنها المقرضون في 2019.
وتراجعت قيمة سهم البنك منذ بداية العام بواقع 11 في المئة، أي ما يعادل 1.21 مليار دولار، في حين ارتفعت أسهم البنك الأهلي بما يقارب اثنين في المئة خلال الفترة ذاتها، حيث بلغت قيمة البنك المقرض 881 مليون دولار.
وأوضح ماثيو أنه بعد كوفيد، ارتفعت القروض المتعثرة لبنك ظفار، وظلت تكلفة الائتمان عند مستويات مرتفعة.
ومع ذلك، يتمتع البنك الأهلي بجودة أصول وهيكل دفتر قروض أفضل. وقال ماثيو “يجب أن يؤدي الجمع إلى أوجه تآزر مرئية عاجلاً وليس آجلاً”.
وبدأ المقرضون في منطقة الخليج خلال السنوات القليلة الماضية في الاندماج محليا بعد الصدمات المزدوجة المتمثلة في انخفاض عائدات الطاقة والوباء على مدى العامين الماضيين، وساعدت سلسلة من المعاملات الكبيرة في تعزيز صناعة مجزأة.
◙ 19 مليار دولار حجم أصول الكيان الجديد في حال وافقت الجهات التنظيمية على إتمام الصفقة
واكتسب عمليات الاستحواذ في القطاع المصرفي العماني زخما كبيرا في نوفمبر الماضي مع إعلان بنك أتش.أس.بي.سي عُمان وبنك صحار الدولي أنهما أبرما اتفاقية اندماج ملزمة.
وقال البنكان في ذلك الوقت في إعلانين تنظيميين منفصلين إن “جميع أصول والتزامات أتش.أس.بي.سي عمان ستنقل إلى بنك صحار الدولي”، دون الكشف عن قيمة الصفقة.
ويعد البنك البريطاني، الذي أسس فرعه في البلد الخليجي سنة 1979 أحد أهم المصارف العاملة في عمان، إذ يوفر خدمات متنوعة للمتعاملين، فضلا عن دوره البارز في تمويل المشاريع والاستثمارات ودعم الاقتصاد العماني.
وأوضح البنكان في إفصاحيهما لبورصة مسقط أن أتش.أس.بي.سي عُمان، سيُحل ككيان قانوني عند اكتمال عملية الاندماج وسيتم إلغاء أسهمه.
وقال أتش.أس.بي.سي عُمان إن “المقابل الذي سيعرض لكل مساهم في البنك سيكون مثل القيمة الدفترية على أن يكون المقابل أسهما في بنك صحار الدولي”.
واقترح إمكانية أن يختار المساهمون الحصول على المقابل نقدا، بشرط ألا يتجاوز الحد الأقصى للمقابل الذي يدفعه بنك صحار الدولي للمساهمين في بنك أتش.أس.بي.سي عُمان الذين اختاروا استلام المقابل نقدا”.
وسيدفع بنك صحار نسبة 70 في المئة من إجمالي المقابل المستحق الدفع للمساهمين. وسيتم تقيم أسهم البنك التي ستشكل جزءا من المقابل المقدم لمساهمي البنك بمثل القيمة الدفترية.
والبنكان كان ضمن 7 بنوك تعمل في عُمان التي رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها الإيجابية تجاهها في أكتوبر الماضي فيما يتعلق بالأصول الأجنبية طويلة الأجل.
وتسعى الهيئة العامة لسوق المال، وهي الجهة التنظيمية المختصة للقطاع المالي في السلطنة، إلى تشجيع الاندماجات في القطاع، كما تهدف على المدى البعيد إلى أن تعزز البنوك المحلية تواجدها في الأسواق الخليجية.
كما تشجع السلطات النقدية ممثلة في البنك المركزي عمليات من هذا النوع، وأكدت العام الماضي أنها تدعم فكرة إنشاء بنوك عملاقة في البلاد.
وكان أتش.أس.بي.سي قد اندمج في 2012 مع بنك عمان الدولي، مما نتج عنه ثاني أكبر بنك في البلاد من حيث القيمة.
وتعد هذه الصفقة الأحدث بالبلد الخليجي بعدما وافق البنك المركزي في أبريل 2020 على اندماج بنكي عمان العربي والعز الإسلامي.
ويأتي ذلك بعد أن اتفقت المؤسستان الماليتان على صفقة حددت نسبة مبادلة الأسهم بحوالي 81 في المئة لمساهمي بنك عُمان العربي، و19 في المئة لمساهمي بنك العز الإسلامي.
وبهذا القرار، سينضم أتش.أس.بي.سي عمان وصحار الدولي إلى بنوك أخرى في دول الخليج المجاورة في تعزيز عملياتها وتطوير مرونتها وقدرتها على التكيّف في مواجهة مختلف التحدّيات.
وفي العام الذي تفشى فيه الوباء، وافق بنك عمان العربي على الاستحواذ على المنافس المحلي بنك العز الإسلامي، ليشكلا معا كيانا مصرفيا تصل قيمة أصوله إلى 7 مليارات دولار.