التضخم في مصر يقفز إلى مستويات مزعجة

القاهرة- اتّخذت أسعار الاستهلاك في مصر منحى تصاعديا مقلقا بعدما وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من خمس سنوات، الأمر الذي قد يضغط بشدة على الناس بينما تشهد التكاليف المعيشية زيادات متواترة.
وواصلت أسعار السلع والخدمات في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان ارتفاعها بشكل مقلق الشهر الماضي، وسط نقص العملة الصعبة اللازمة للاستيراد وتكدس الموانئ بالبضائع من جديد.
وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الاثنين ارتفاع التضخم في المدن إلى 32.7 في المئة في مارس على أساس سنوي، وهو ما يقل قليلا عن أعلى معدل قياسي مسجل حتى الآن. وكان التضخم في فبراير عند 31.9 في المئة.
وعلى أساس شهري انخفض التضخم في المدن المصرية إلى 2.7 في المئة خلال مارس مقارنة مع 6.5 بالمئة في فبراير و4.7 بالمئة في يناير.
ويأتي ارتفاع معدل التضخم في مصر عقب سلسلة من إجراءات خفض قيمة الجنيه بدأت في شهر مارس 2022، إلى جانب النقص القائم منذ فترة طويلة في العملة الأجنبية والتأخيرات المستمرة في دخول الواردات إلى البلاد.
وخفضت القاهرة، التي توصلت لاتفاق بشأن حزمة دعم مالي من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار في ديسمبر الماضي، قيمة عملتها إلى النصف أمام الدولار منذ مارس 2022 بعدما كشفت تداعيات الحرب في أوكرانيا عن نقاط ضعف في الاقتصاد.
وعلى الرغم من تباطؤ التضخم على نحو شهري، فإنه لا يزال ضمن أعلى المستويات المسجلة على الإطلاق.
وقالت شركة نعيم للسمسرة في مذكرة إن “ارتفاع التضخم يرجع إلى تزايد أسعار الغذاء على خلفية زيادة الطلب الموسمي المرتبطة بشهر رمضان وتداعيات خفض قيمة العملة، لاسيما في السوق غير الرسمية، وتأثير نقص المواد الخام”.
وقال يوسف البنا المحلل المالي في الشركة إن “استمرار ارتفاع أرقام التضخم في مصر يرجع بشكل أساسي إلى استمرار الارتفاع في أسعار الغذاء ونقص العملة الصعبة، وارتفاع سعر الوقود”. وأوضح أن أرقام الشهر المقبل ستعكس ارتفاع أسعار التبغ.
وتوقع 13 محللا استطلعت وكالة رويترز آراءهم ارتفاع التضخم السنوي في المدن إلى 33.6 في المئة في المتوسط خلال مارس.
وكان أعلى معدل للتضخم على الإطلاق تسجله مصر عند 32.9 في المئة خلال يوليو 2017، وذلك بعد ثمانية أشهر من خفض قيمة الجنيه إلى النصف أمام الدولار في إطار اتفاق سابق لحزمة دعم من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.
33.6
في المئة نسبة المتوقعة وفق محللين اقتصاديين للتضخم خلال شهر مارس
وعانت الطبقتان الوسطى والفقيرة خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في الأسعار طال كل السلع والخدمات، وتحاول الحكومة التخفيف عن كاهلهما عبر انتشار منافذ ثابتة تابعة لجهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة 800 نقطة أساس في 2022، بجانب 200 نقطة أساس خلال مارس الماضي، سعيا لامتصاص موجة التضخم، ومن أجل جذب استثمارات الأجانب بالعملة الأجنبية لأدوات الدَّين الحكومية، بعد خروج نحو 22 مليار دولار.
وبعد هذا القرار الأخير للبنك المركزي وأحدث أرقام التضخم بلغ سعر الفائدة الحقيقي، أي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم، سالب 14.45 في المئة، مرتفعا من 13.65 في المئة الشهر الماضي عقب قرار رفع الفائدة الأحدث.
وحررت مصر سعر عملتها ثلاث مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، مما دفع الجنيه إلى الانخفاض مقابل الدولار بنحو 25 في المئة خلال الربع الأول من 2023، وبأكثر من 95 في المئة منذ مارس العام الماضي.