خبراء اقتصاد: الحديث عن انهيار الوضع في تونس لا يخلو من مبالغات

خلفيات سياسية وراء عملية التهويل الجارية بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد.
الخميس 2023/04/06
تونس ليست ملفا

تونس - ترى أوساط اقتصادية في تونس أن تصريحات المسؤولين الأجانب بشأن انهيار اقتصاد البلاد لا تخلو من مبالغة وتضخيم، وإن كان ذلك لا ينفي أن تونس تواجه أزمة مالية. وتقول تلك الأوساط إن خلفيات سياسية خلف عملية التهويل الجارية بشأن الوضع الاقتصادي للبلاد. وكان الرئيس التونسي قيس سعيد أبدى في وقت سابق رفضه لطريقة التعاطي الخارجي مع تونس، مشددا على أن تونس ليست "ملفا" وإنما هي "وطن، وشعب، ودولة".

وجاء موقف سعيد على خلفية بعض التصريحات الغربية ومنها تصريح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي أكد مؤخرا خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل أنّ “هناك شعورا بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وخشية من انهياره". وحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من "سير الاقتصاد في تونس نحو المجهول، وأن أمامهم شيئا يمكنهم القيام به، وهو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".

واستدعت تلك التصريحات ردودا أيضا من الخارجية التونسية التي طالبت في رسالة موجهة إلى الاتحاد الأوروبي بـ”تفهم خصوصية الوضع في تونس ودقة المرحلة التي تمر بها، واعتماد خطاب مسؤول وبناء يعكس حقيقة الواقع".

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التحذير من “انهيار الاقتصاد" في تونس. فقد كشف تقرير صادر في مايو 2022 عن "نيويورك تايمز" عن توجه الاقتصاد التونسي نحو الانهيار، وأن البلاد تعاني فشلا اقتصاديا بسبب سوء التسيير وتداعيات فايروس كورونا والحرب في أوكرانيا.

عبدالجليل البدوي: تصريحات المسؤولين الأجانب، تدخل في منطق ابتزازي
عبدالجليل البدوي: تصريحات المسؤولين الأجانب، تدخل في منطق ابتزازي

وقال الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إن الحديث عن انهيار اقتصاد تونس مبالغ فيه، مشددا "لسنا في انهيار، لكننا نعيش أزمة مالية بامتياز مع تراجع الموارد المالية الخارجية، وتعثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي". وأكد أن "تونس بحاجة الآن إلى الاتحاد الأوروبي، الذي قد يعتبر بمثابة مانح على مستوى المساعدات المالية، والتخلي عنه سيجعل تونس أكبر متضرر". ودعا الشكندالي إلى "ضرورة التعامل بحذر، فالاتحاد الأوروبي قادر على تمكين تونس من تمويلات وفتح أبواب على أسواق أخرى".

وأردف "لا يمكن التخلي عن الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر الشريك الاقتصادي التقليدي لتونس، وذلك يتطلب إستراتيجية كاملة عن طريق البحث عن مستثمرين آخرين يقبلون بالشروط التي تطرحها تونس". وقال الخبير الاقتصادي "موقع تونس إستراتيجي، وهي تعتبر بوابة استثمار واقتصاد، وهي مفتاح المفاوضات مع عدة دول للعبور نحو أفريقيا والاستثمار فيها".

ولفت إلى أن تعبئة الموارد المالية لتونس تتطلب 5 مليارات دولار، وأن حشد هذه التمويلات يتطلب أرضية محلية ملائمة لذلك، لإيجاد حلول لصعوبات الاقتصاد التونسي. ورأى الخبير الاقتصادي عبدالجليل البدوي أن تصريحات المسؤولين الأجانب تدخل في منطق ابتزازي يعتمد على تضخيم الأمور، حتى يتم تمرير مطالبهم وفرضها.

وقال "الاتحاد الأوروبي يضخم الأمور.. ويزيد من حدة الأزمة حتى يظهر استعداده وقدرته على التدخل لدى صندوق النقد الدولي، والمساهمة في انفراج الأزمة، شريطة تلبية السلطات التونسية عددا من الشروط". وتابع أن "هذه الشروط متعلقة بالهجرة غير النظامية، حتى تكون تونس حارسا أمينا للحدود الجنوبية للبلدان الأوروبية، وقبول إعادة مهاجرين غير نظاميين لبلدانهم، خاصة القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، مقابل المساعدة على إنشاء مركز إيواء".

ووفق البدوي "الشرط الثاني هو مواصلة تحرير الاقتصاد وفق اتفاقية الأليكا التي علقت جراء تداعيات كورونا (اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق) وفرض إصلاحات تتواءم مع معايير أوروبا". ووصف الخبير التونسي "الوضع الاقتصادي في تونس بالمتأزم والخطير جدا، دون مبالغة بالحديث عن قرب الوصول إلى حالة انهيار".

4