توقيع أو تعثر أو فشل.. ثلاثة سيناريوهات تنتظر الاتفاق النهائي بالسودان

قضية الإصلاح الأمني والعسكري عقبة في طريق الاتفاق النهائي بين الفرقاء السودانيين.
الخميس 2023/04/06
تعثر جديد محتمل

الخرطوم - ينظر السودانيون بكثير من الترقب إلى ما ستسفر عنه النقاشات بين الجيش وقوات الدعم السريع حول الإصلاح الأمني والعسكري لما لها من تأثير كبير على الاتفاق السياسي والنهائي. كما أن الاختلاف يشكل تهديدا كبيرا حال استمراره بين الجيش وقوات الدعم السريع لأنه كفيل بنسف استقرار البلاد.

وأصبحت قضية الإصلاح الأمني والعسكري عقبة في طريق الاتفاق النهائي المقرر التوقيع عليه في السادس أبريل الجاري، حيث اختتم المؤتمر دون إصدار توصيات يتم تضمينها في الاتفاق النهائي بين المدنيين والعسكريين.

وأدى عدم التوصل إلى اتفاق بشأن قضية الإصلاح العسكري والأمني إلى تأجيل موعد التوقيع على الاتفاق النهائي إلى الخميس السادس أبريل بدلا من الأول من أبريل كما كان معلنا.

قوى الحرية والتغيير تقول إن العملية السياسية خيار مفضل، لكن إذا تعثرت بالعراقيل فإنها ستطور خيارات بديلة

وفي التاسع والعشرين مارس الماضي، اختتم مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري بالخرطوم آخر مؤتمرات المرحلة النهائية للاتفاق السياسي، وغاب عنه قادة الجيش بسبب خلافات حول دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش، الذي أعلن لاحقا التزامه بالعملية السياسية والتطلع لاستكمال “عمليات الدمج” داخله.

ويأتي المؤتمر استكمالا لعملية سياسية انطلقت في الثامن يناير الماضي بين الموقعين على “الاتفاق الإطاري” في الخامس ديسمبر 2022، وهم مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها “الحرية والتغيير ـ المجلس المركزي” للتوصل إلى اتفاق يحل الأزمة السياسية بالبلاد.

وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ الخامس والعشرين أكتوبر 2021، حين فرض قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ.

وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في الحادي والعشرين أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.

ولم يكن مفاجئا للمتابعين أن يختلف الشركاء العسكريين في الجيش والدعم السريع في هذا التوقيت، خاصة بعد أن ازدادت حدة التصريحات بين قادة الجيش وقادة الدعم السريع خلال الشهرين الماضيين.

ويقود رئيس مجلس السيادة البرهان الجيش السوداني في ما يقود نائبه في المجلس محمد حمدان دقلو “حميدتي” قوات الدعم السريع.

والدعم السريع قوة مقاتلة جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقاً وحفظ النظام، وتأسست في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

وتعد قضية دمج قوات الدعم السريع والمدى الزمني أبرز نقاط الخلاف بينها والجيش، حيث يطالب الأخير بمدى زمني محدد لا يتجاوز فترة الانتقال لعملية الدمج وفق جداول زمنية واضحة.

والثلاثاء قالت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم) إن “العملية السياسية خيار مفضل، لكن إذا تعثرت بالعراقيل التي يضعها الفلول (أنصار النظام السابق) فإننا سنطور خيارات بديلة”.

الإصلاح العسكري والأمني عقبة جديدة أمام الاتفاق
الإصلاح العسكري والأمني عقبة جديدة أمام الاتفاق

وأضافت في بيان عقب اجتماع رؤساء وقادة أحزاب الحرية والتغيير أن “الاجتماع وجه رسالة للمكون العسكري بأن يتخذ من العملية السياسية وإنجاحها أساسا لوحدة المكون العسكري وحل قضايا الإصلاح والدمج والتحديث في إطار بناء جيش مهني واحد”.

وكذلك “الحفاظ على وحدة القوات النظامية لاسيما العلاقة المهمة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى حين إكمال الإصلاح والدمج والتحديث”، بحسب البيان.

والاثنين، قال المتحدث باسم الجيش نبيل عبدالله إن التوقيع النهائي للعملية السياسية بالبلاد لن يتم ما لم يتم وضع جداول لدمج قوات الدعم السريع في الجيش بصورة واضحة.

وأكد عبدالله في تصريحات نقلتها صحف محلية بينها صحيفة “الوفاق” أن “ترتيبات الدمج لا بد أن تكون جزءا من الاتفاق النهائي”، وأضاف “لا يمكن أن نبرم اتفاقا ويكون هناك جيشان في البلد”.

وزاد أنه “من الضروري أن يكون هناك توقيت زمني واضح لعملية الدمج”.

وحسب مراقبين، فإن رأي المتحدث الرسمي يمثل رأي قائد البرهان الذي سبق وقال في فبراير الماضي إن الجيش لديه بند واحد في الاتفاق الإطاري يجب أن يحسم وهو “دمج الدعم السريع”.

ونص الاتفاق الإطاري الموقع في الخامس ديسمبر الماضي بين العسكريين والمدنيين على أن تكون الفترة الانتقالية عامين تتبعها انتخابات.

ولذلك يتمسك الجيش السوداني وفق مراقبين بأن تكون فترة دمج قوات الدعم السريع عامين ولا تتجاوز ذلك، لأنه بنهاية العامين ستأتي الانتخابات، وحينها سيكون هناك جيش واحد خلال هذه الانتخابات، وليس أكثر من قوى قد تؤثر في مسار الانتخابات.

العملية السياسية الجارية تهدف إلى حل الأزمة حين فرض قائد الجيش عبدالفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعلان حالة الطوارئ

وفي الثامن والعشرين مارس الماضي، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيرتس إن عملية الدمج والإصلاح للوصول إلى جيش موحد تحتاج إلى 5 سنوات.

وأضاف بيرتس أن دمج قوات الدعم السريع في الجيش، عبر عمليتي الدمج والإصلاح اللتين لا تنفصلان عن بعضهما، يحتاج إلى 5 سنوات، ويحتاج إصلاح المؤسسة العسكرية من 5 إلى 6 سنوات.

وذكرت تقارير صحافية أن الدعم السريع طالبت بعشر سنوات لدمج قواتها، وهو ما يرفضه قادة الجيش.

وتبرز أيضا قضايا خلافية أخرى لكنها ليست بأهمية وتعقيد قضية دمج قوات الدعم السريع في الجيش وفق جداول زمنية محددة.

فهناك وضعية قيادة القوات وكذلك التجنيد لقوات الدعم السريع، والموقف من شركات الدعم السريع، وأيضا إًصلاح الجيش وإبعاد أنصار النظام السابق منه.

والثلاثاء، نقلت صحفية “السوداني” (محلية) عن مصادر لم تسمها أن اللجنة الفنية المشتركة بين الدعم السريع والجيش اقترحت هيئة قيادة تتكون من 4 قيادات بالجيش و2 من قيادات الدعم السريع.

وأضافت “فيما ظلت نقطة الخلاف الجوهرية في أن الجيش يرى أن تكون هيئة القيادة تحت رئاسة القائد العام للجيش ورئيس مجلس الأمن الفريق أول عبدالفتاح البرهان، فيما تتشدد الدعم السريع بأهمية إضافة طرف سابع في هيئة القيادة، تحت رئاسة رأس الدولة المدني القادم”.

ويطالب الجيش كذلك بوقف التجنيد ووقف فتح معسكرات جديدة لقوات الدعم السريع، ووقف الانتشار إلا بالتنسيق مع الفرق العسكرية، والتي ستبدأ مع التوقيع على الاتفاق النهائي.

وحسب المتبقي زمنيا من وقت للتوقيع على الاتفاق النهائي المقرر في السادس أبريل، واستمرار اللجان الفنية في الاجتماعات للتوصل إلى اتفاق بشأن “الإصلاح العسكري والأمني” تبدو كل الاحتمالات واردة بين التوصل إلى اتفاق نهائي لبدء مرحلة سياسية جديدة، وبين مزيد من التعثر وتأجيل آخر جديد، أو فشل الاتفاق وهو ما يعني أن تستمر الأزمة السودانية.

2