مشروعان تنمويان للدبيبة وباشاغا في حملة انتخابية مبكرة

طرابلس/بنغازي – دخل الصراع بين رئيسي حكومتي الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها و"الاستقرار" المعينة البرلمان، عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشا أرضا جديدة من التنافس، في ما بدا حملة انتخابية مبكرة مع استعداد البلاد لإجراء الاستحقاقين الرئاسي والتشريعي نهاية العام الجاري.
وللمرة الأولى تطلق حكومتا البلاد مشروعين غير مسبوقين للتنمية، في قت يدفع المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي بكل جهوده لإجراء الانتخابات المعطلة منذ ديسمبر 2021، والتي يأمل أبناء البلد الأفريقي أن تضع حدا لفوضى العقد الماضي.
ومساء الأحد أطلق باشاغا مشروعا تحت مسمى "تنمية وطن" لكافة البلديات بقيمة إجمالية مليار ونصف المليار دينار ليبي.
وفي مؤتمر صحافي خصص للإعلان عن المشروع، قال باشاغا إن حكومته "قامت بتشكيل 3 لجان للأزمة في الشرق والغرب والجنوب حيث جرى تخصيص 250 مليون دينار للغرب لمعالجة الصحة والبنى التحتية وغيرهما".
وأضاف أنه "جرى تخصيص 150 مليون دينار للمنطقة الشرقية للمساعدة في حل عدد من المختنقات المستعجلة ومنحت لجنة الأزمة في الجنوب 75 مليون دينار لمعالجة المشاكل نفسها بالإضافة إلى رصد 100 مليون دينار لتوفير أدوية لمرضى الأورام والأمراض المزمنة".
وأكد فتحي باشاغا أيضا "صرف مبلغ 215 مليونًا و835 ألف دينار لغرفة الطوارئ في بنغازي".
كما أكد أن حكومته "وزعت الميزانيات في كل ربوع ليبيا دون استثناء باتجاه تفعيل اللامركزية وتحقيق العدل والإنصاف لكل الليبيين"، مشيرا إلى أنه "سيجري تخصيص الميزانية وفقًا لعدد السكان دون النظر للاعتبارات السياسية أو مناطق الحكومة الموازية" في إشارة لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية المسيطرة على غرب ليبيا.
وقال باشاغا "السلطات الحكومية احتكرت لسنوات طويلة ميزانية الدولة وأموال الليبيين الواردة من عائدات النفط وعمدت إلى تقويض الإدارة المحلية مما سلط المركزية أكثر وجعل مدنًا تعاني من التهميش وتوقف الخدمات والتنمية".
وأضاف "حكومتنا ستشرع في إعداد قانون المحافظات لتسليمه لمجلس النواب في الأيام المقبلة، كما ستفعل قانون الإدارة المحلية وتوزيع الإيرادات على البلديات دون تهميش".
والتزامن مع ذلك، أكد الدبيبة عزم حكومته "إطلاق مشروع وطني لصيانة وتطوير محطات معالجة مياه الصرف الصحي والبالغ عددها 24 محطة مهملة منذ أكثر من عشرين عاما".
وقال الدبيبة خلال زيارة تفقدية للشركة العامة للمياه والصرف الصحي، رفقة وزراء المالية والحكم المحلي والمواصلات والتخطيط "نشدد على أهمية ملف المياه والصرف الصحي في ليبيا الذي لا يعتبر أقل أهمية من الكهرباء".
وعقد الدبيبة خلال الزيارة اجتماعا مع لجنة إدارة الشركة ورئيس جهاز الإسكان والمرافق لتشغيل وصيانة (المنطقة الغربية، منطقة طرابلس، المنطقة الجنوبية، المنطقة الوسطى، المنطقة الشرقية، منطقة سهل بنغازي، منطقة جبل الأخضر، منطقة الجبل الغربي) بحضور مديري إدارات ومكاتب الشركة.
وأصدر الدبيبة تعليماته بالتعاون بين جهاز الإسكان والمرافق والشركة العامة للمياه ووزارة الحكم المحلي في تحديد مجال العمل في مشروعه الجديد وأوجهه المشتركة.
ويرى مراقبون أن الدبيبة وباشاغا باتا يدركان أن بقائهما على رأسي السلطة التنفيذية في شرق البلاد وغربها بات على المحك في ظل إصرار الأمم المتحدة وبدعم من واشنطن على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الجاري، وهو ما دفعهما إلى بدء حملتهما الانتخابية مبكرا لمغازلة الناخبين.
ويشير هؤلاء المراقبين أن توجه الدبيبة وباشاغا في مشروعيهما التنمويين نحو شرق البلاد غربها محاولة للترويج لنفسيهما في منطقتين تعتبران مجال صراع ونفوذ لكلا الرجلين في ظل الانقسام السياسي والاقتصادي وحتى الجغرافي.
فبعد أن كان الصراع بين الحكومتين ينحصر في التنافس على إيرادات الدولة المتمثلة في بيع النفط الذي يشكل نحو 90 بالمئة من ميزانية البلاد والمواجهات المسلحة التي خلفت عشرات القتلى والجرحى في وقت سابق، أصبح التنافس على المشاريع التنموية.
واعتبر الكاتب السياسي الليبي حسين عبدالقوي في تصريحات صحافية أن "ما صدر عن رئيسي الحكومتين المتنافستين أمر جيد إلا أن له ما بعده".
وأضاف أن "تلك الإعلانات تطرح تساؤلا مهما يجب الوقوف عنده، وهو ما إذا كانت تلك المشاريع تأتي في إطار التنافس والوعود السياسية أم هي مشاريع تنموية حقيقية؟".
وأكد عبدالقوي أنه إذا استحضرنا تجارب سابقة، فالرجلان سبق أن أطلقا العديد لكن لم يتحقق منها أي شيء وخصوصا الدبيبة الذي يعد في كل أسبوع الليبيين بتحقيق التنمية دون فعل ذلك على أرض الواقع".
وأضاف "بغض النظر عن الوعود السابقة فالتنافس في تنمية البلاد بين باشاغا والدبيبة أفضل بكثير من التنافس على النفوذ عبر السلاح".
ومنذ مارس 2022 تتصارع على السلطة حكومة برئاسة باشاغا كلفها مجلس النواب في طبرق (شرق) برئاسة عقيلة صالح، مع حكومة الدبيبة، والتي ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
ولحل الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات تعثر إتمامها في أواخر 2021.