منظمات المجتمع المدني تنشط في بيئة خطرة بليبيا

قرار صادر عن المجلس الأعلى للقضاء يعتبر أن كل منظمة مدنية شُكلت عقب ثورة 2011 ملغاة وفي حكم العدم.
الجمعة 2023/03/31
حكومة الدبيبة تواجه اتهامات بارتكاب تجاوزات بحق النشطاء

طرابلس- تواجه منظمات المجتمع المدني في ليبيا تحديات كبيرة، في ظل استهداف ممنهج من قبل مراكز السلطة المتعددة في هذا البلد.

ويشكل العمل المدني في علاقة بالجانب الحقوقي تجربة ناشئة في ليبيا، برزت بعد انهيار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكن بدلا من احتضانها واجهت هذه التجربة عمليات مستمرة لإجهاضها، حيث ينظر إلى المنظمات المدنية على أنها مصدر إزعاج لمراكز النفوذ، كما أنها تحمل أفكارا تتعارض والتقاليد المحافظة للمجتمع.

وسلط تقرير سنوي لمنظمة العفو الدولية الضوء على حجم التجاوزات التي تتعرض لها المنظمات المدنية ونشطاء حقوق الإنسان، لاسيما من قبل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والفصائل الموالية لها في غرب البلاد.

6000

منظمة مدنية في ليبيا يشملها القانون وسط اتهامات لرئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة بالوقوف خلف إصداره

وترافق صدور هذا التقرير مع جدل تشهده ليبيا بشأن قرار صادر عن إدارة القانون في المجلس الأعلى للقضاء يعتبر أن كل منظمة مدنية شُكلت عقب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي ملغاة وفي حكم العدم.

وقالت منظمة العفو في تقريرها لحالة حقوق الإنسان (2022 – 2023) إن وزارات حكومة الوحدة الوطنية والجماعات المسلحة التابعة لها شنت حملة تشهير ضد جماعات ليبية ودولية معنية بحقوق الإنسان، وسط اختطاف العشرات من النشطاء والعاملين في منظمات المجتمع المدني.

وأضافت المنظمة، أن الجماعات الحقوقية اتهمت “بالترويج للإلحاد والمثلية الجنسية، وبالتعدي على القيم الليبية”، لافتة إلى أن جهات دولية وليبية في المجال الإنساني تعرضت لقيود شديدة بشكل متزايد، بما في ذلك المنع من الوصول إلى مرافق الاحتجاز والتجمعات التي تحتاج إلى المساعدة، بالإضافة إلى عمليات القبض والاستدعاء للاستجواب وغير ذلك من أشكال المضايقة.

وقدمت مثالا وهو قرار محكمة في بنغازي في يوليو الماضي، بالتعليق المؤقت للقرار رقم 286 لسنة 2019، الذي ينظم عمل الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، إلا أن المنظمات غير الحكومية في مختلف أنحاء ليبيا “ظلت خاضعة لقيود شديدة على أنشطتها وتمويلها”.

ويبدو أن إنجاز التقرير جاء قبل القرار المثير للجدل للمجلس الأعلى للقضاء في ليبيا، الذي نصّ على أنه “لا يجوز البتة تشكيل الجمعيات الأهلية وسائر منظمات المجتمع المدني الأخرى إلا إذا كان هناك قانون ينظم تكوينها تكويناً محكماً من حيث تحديد عدد أعضائها والشروط الواجب توافرها فيهم”.

وذكر القرار أنه “بناء على ما سبق فإن كافة المنظمات والجمعيات التي تم تشكيلها استناداً إلى لوائح تنظيمية صادرة عن السلطة دون الاستناد إلى أيّ قانون، فإنها والعدم سواء، ويجب على الجهات العليا في الدولة أن تتخذ الإجراءات اللازمة لحلّها، وتستثنى من ذلك الجمعيات الأهلية التي أسست استناداً إلى القانون رقم 19 لسنة 2001 بشأن الجمعيات الأهلية الذي لا يزال سارياً ونافذاً”.

ويمسّ القرار نحو 6000 منظمة مدنية في ليبيا، وسط اتهامات لرئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة بالوقوف خلف إصداره، وهو ما دعا الأخير إلى التحرك والتخفيف من وطأة القرار بتأكيده على استمرار عمل المنظمات الأهلية المحلية والأجنبية غير الحكومية، شريطة أن تصحح أوضاعها القانونية.

منظمات دولية تنتقد ما يتعرض له النشطاء والصحافيون وغيرهم من اعتداءات كالاختطاف والاحتجاز القسري على يد ميليشيات وجماعات مسلحة

ولطالما انتقدت منظمة العفو وغيرها من المنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ما يتعرض له النشطاء والصحافيون وغيرهم من اعتداءات كالاختطاف والاحتجاز القسري على يد ميليشيات وجماعات مسلحة.

وذكرت المنظمة في تقريرها الأخير أنه جرى اعتقال سبعة رجال على الأقل “دونما سبب سوى تعبيرهم السلمي عن آرائهم و/أو بسبب انتمائهم إلى حركة تنوير، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني”.

وأشار التقرير إلى أن السلطات القضائية قبلت كأدلة “اعترافاتهم” المصوَّرة بالفيديو “المشوبة بالتعذيب، والتي انتُزعت منهم أثناء احتجازهم لدى جهاز الأمن الداخلي في طرابلس دون السماح لهم بالاتصال بمحامين”.

وقد أُدين ستة أشخاص بتهمة “إهانة الدين الإسلامي”، و”إساءة استعمال شبكة التواصل الاجتماعي”، وحُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و10 سنوات، إثر محاكمات جائرة.

وخلال الفترة من مايو إلى أغسطس الماضيين، استخدمت جماعات مسلحة في مدن سبها وسرت وبنغازي ومصراتة والبيضاء وطرابلس، “القوة غير المشروعة، بما في ذلك القوة المميتة، لتفريق أشخاص شاركوا في مظاهرات كانت سلمية عمومًا احتجاجًا على سيطرة تلك الجماعات على السلطة فضلًا عن تدهور الوضع الاقتصادي”.

وقُتل ما لا يقل عن رجلين وأُصيب عشرات آخرون، كما احتجزت جهات مسلحة بشكل تعسفي نشطاء لمدد وصلت إلى 14 أسبوعًا في مصراتة وبنغازي، لتأييدهم الدعوات إلى التظاهر من خلال حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى صحافيين في ما يتصل بتغطيتهم للمظاهرات، بحسب التقرير.

وذكر تقرير المنظمة الدولية أن جهاز الأمن الداخلي فرع سرت اختطف الصحافي علي الريفاوي في مارس 2022 لتغطيته المظاهرات في سرت، ثم سلّمه إلى كتيبة طارق بن زياد التي احتجزته حتى يوليو الماضي دون تهمة أو محاكمة.

4