لبنان يحسم الجدل ويتراجع عن عقد توسعة مطار بيروت

بيروت - تراجعت وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية الخميس عن عقد لتوسيع مطار بيروت الدولي بعدما أثار جدلا حول مدى قانونيته وشفافيته في بلد ينهش الفساد مؤسساته ويشهد انهيارا اقتصاديا مزمنا.
وأعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية في تغريدة أنه "على الرغم من أهمية مشروع إنشاء المبنى الجديد للمسافرين، وعلى إثر الجدل القانوني الحاصل في البلد (...) وحسماً للاختلاف الحاصل في وجهات النظر، أعلنها وبكل شجاعة بعدم السير بالعقد واعتباره وكأنه غير موجود".
واستبق حمية اجتماعا للجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في البرلمان كانت مخصصة للبحث في عقد توسيع مطار رفيق الحريري الدولي، مطار الركاب الوحيد في لبنان، والذي لم يشهد أيّ مشاريع توسعة منذ انتهت في 1998 ورشة ضخمة لتأهيله.
والمبنى الحالي في مطار بيروت الدولي الذي افتتح عام 1998 بطاقة استيعابية قدرها ستة ملايين مسافر سنوياً، لم يشهد منذ ذلك الوقت على أي أشغال توسعة، ففي عام 2013 تجاوزت حركة المسافرين الفعلية طاقة المطار الاستيعابية ووصلت إلى ذروتها بعدد 8.8 مليون مسافر في عام 2018 ويتوقع أن تصل إلى 7.2 مليون مسافر في عام 2023.
وكان من المتوقع أن يؤمن هذا المشروع أكثر من 500 فرصة عمل مباشرة ودائمة و2000 فرصة عمل غير مباشرة، إضافة إلى تمكن المطار من استقطاب المزيد من شركات الطيران منخفضة التكلفة، ومن زيادة عدد الرحلات المجدولة ما يشجع السياحة على مدار السنة ويزيد إيرادات الخزينة العامة ويرفد جميع الأعمال المرتبطة بالسياحة.
وكان حمية أعلن الأسبوع الماضي إبرام عقد لإنشاء مبنى جديد للركاب في المطار بعد "استقطاب التمويل والاستثمار والتشغيل من الخارج (...) من دون أن تتحمل الخزينة العامة أي أعباء".
وأبرمت الوزارة مع الشركة اللبنانية للنقل الجوي (LAT)، العاملة في مطار بيروت منذ عقود، اتفاقاً على "تمويل كامل مقوّمات المشروع"، بقيمة 122 مليون دولار، على أن تتولى شركة مملوكة من حكومة إيرلندا تشغيل المبنى الجديد لمدة 25 عاماً.
وأثارت الخطوة انتقاد نواب ومنظمات غير حكومية خصوصا لناحية التوصّل إلى اتفاق بالتراضي بما لا يتوافق مع قانون الشراء العام الصادر في 2021، كما شكّك البعض في صلاحية حكومة تصريف أعمال في البتّ بعقود بهذه الضخامة.
وأعلنت عشر منظمات غير حكومية، بينها جمعية الشفافية الدولية-لبنان في بيان أنّ الهدف من قانون الشراء العام الجديد "وضع حدّ لممارسات استمرت سنوات طوالاً من التلزيمات غير الشفّافة والإنفاق غير المجدي"، مشيرة إلى أنّ عقد المطار "حصل خلافاً للقانون".
وحذّرت المنظّمات من "تجاوزات خطيرة" في لبنان في تطبيق القانون "ما يفتح الباب أمام الفساد والمحسوبية".
وكان صندوق النقد الدولي الذي ينتظر تطبيق إصلاحات ملحّة لإطلاق خطة مساعدة للبنان، أعلن أنّ قانون الشراء العام يجب "أن ينفّذ سريعاً".
ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً يُعتبر الأسوأ في تاريخ البلاد، ويتزامن مع شلل سياسي وفراغ في سدّة الرئاسة جرّاء انقسامات سياسية تمنع انتخاب رئيس للجمهورية منذ نحو خمسة أشهر. ولذلك، تقود البلاد حكومة تصريف أعمال، ما يعطّل اتخاذ القرار على المستويات كافة.
ويحتلّ لبنان المرتبة 150 بين 180 بلداً في الترتيب الأخير لمؤشّر الفساد لدى منظمة الشفافية الدولية.
ولطالما أثيرت عدة مرات قضية إنشاء مطار آخر في لبنان، وذلك لأسباب سياسية إذ تعتبر شريحة واسعة من اللبنانيين أن ملاصقة المطار للضاحية الجنوبية تجعله تحت السيطرة المباشرة لـ"حزب الله"، أو لأسباب تنموية حيث يرى البعض أن مطاراً آخر في الشمال أو البقاع يساعد على تثبيت المواطنين في قراهم لما يقدمه مشروع كهذا من فرص عمل وبيئة مناسبة لفتح مشاريع صغيرة ومتوسطة.
وتنتشر على مساحة لبنان "مدرجات" منها ما هو في الخدمة الفعلية ويستخدم لأغراض عسكرية، ومنها ما هو خارج الخدمة وقد تحوّل إلى معلم سياحي.