محاولات إيقاظ قطاع الدواجن في سوريا محاصرة بالمطبات

درعا (سوريا) – تصطدم محاولات الحكومة السورية لإيقاظ قطاع الدواجن، الذي مر بمشاكل متتالية منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عقد، بالكثير من المطبات، والتي تكبل المنتجين حتى مع الدعم الضئيل الذي تقدمه وزارة الزراعة.
ورغم محاولات دمشق لإنعاش القطاع المهم في الأمن الغذائي والتنموي لسكان البلد المثقل بالأزمات، فإن أسعار مكونات علف الدجاج وصلت إلى درجة لم يعد معها بمقدور المربين تأمين قيمة العلف للدواجن.
وتبرز أهمية القطاع من خلال مساهمته الكبيرة في سد احتياجات السوق المحلية من منتجات البيض واللحوم، إضافة إلى توفيره الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، كما يرتبط مع أنشطة صناعية أخرى كإنتاج الأعلاف والأدوية البيطرية والتجهيزات.
وتشير بعض التقديرات إلى وجود نحو 9600 مدجنة على ملك القطاع الخاص، منها أكثر من 7500 مدجنة مرخصة لمختلف الأنواع توقفت 50 في المئة منها عن العمل نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، والتي تشكل نسبة 75 في المئة من التكاليف.
وتقول وزارة الزراعة إنها أنجزت مسحا شاملا لكل المداجن المتوقفة ومعالجة أسباب توقفها ودعمها، لإعادتها إلى العمل خلال الفترة القادمة. وتؤكد الأوساط الاقتصادية أن التقلبات السعرية الحادة التي أدت إلى خسائر كبيرة للمنتجين، تعد من أهم المشكلات التي تجب معالجتها، إضافة إلى مشكلة احتكار الأعلاف والتحكم بسعرها.
وتبدو درعا، جنوب البلاد، على الحدود مع الأردن، إحدى المحافظات المتضررة من هذه المشكلة، إذ يشكو المنتجون من وجود صعوبات كبيرة تعترض عملية التربية.
وأرجع زكريا الشقران، وهو واحد من مربين كثر يواجهون المتاعب، في حديث مع وكالة الأنباء السورية الرسمية، أن التحديات سببها ارتفاع تكاليف ومستلزمات العمل. وقال إن “العديد من المربين توقفوا نتيجة ظروف الحرب وتداعياتها، وهو ما أدى إلى خروج عدد كبير منهم من دورة الإنتاج”.
ويشكل تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار وشح الموارد وقلة الدعم من بين مسائل كثيرة أخرى تعرقل انتقال القطاع إلى مرحلة الانتعاش. وبحسب دائرة التخطيط والتعاون الدولي في مديرية زراعة درعا، يبلغ عدد مزارع الدواجن في المحافظة قرابة 600 مزرعة منتجة.
وقال رئيس الدائرة حسن الأحمد إن “451 مزرعة من بين هذه المزارع تنتج نحو 11 ألف طن من اللحم الأبيض سنويا، بينما توجد 148 مزرعة متخصصة بإنتاج البيض طاقتها الإنتاجية نحو 63 مليون بيضة مائدة سنويا”.
ولكن هذا الإنتاج بالكاد يغطي جزءا من الاستهلاك المحلي، وهو ما دفع عددا من المنتجين إلى المطالبة بإيجاد جهة تنظيمية تشرف على القطاع بكل تفرعاته الإنتاجية والصناعية والغذائية، ما يسهم في النهوض به بشكل صحيح.
وقال محمد الجزائري، رئيس اتحاد مزارعي درعا، إن “الاتحاد اتخذ خطوات لدعم القطاع عبر إنشاء جمعيات للمربين بهدف دعم العاملين وضمان استمرارية الإنتاج وزيادته وتخفيض تكاليفه، مع تأمين مستلزمات الإنتاج من أعلاف وأدوية بيطرية وغيرها”.
واختار الاتحاد بلدات نوى وخربة غزالة ومعربة كمرحلة أولى لتكون بداية إطلاق عمل الجمعيات، حيث بدأت جمعية خربة غزالة بالعمل، أما جمعيتا نوى ومعربة فهما لا تزالان في طور التأسيس.
واعتبر أحمد العمور، مربي دواجن، أن تأسيس جمعيات للمربين خطوة جيدة لحماية حقوق المربين وحل مشاكلهم بشكل جماعي، إضافة إلى تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة على غرار الجمعيات الزراعية، فضلا عن تخفيف أعباء نقل الأعلاف على المربين.
7500
مدجنة مرخصة لمختلف الأنواع توقفت 50 في المئة منها عن العمل
وفي خضم ذلك، يحاول المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” مساعدة الحكومة السورية عبر مشروع لدراسة أنواع الدجاج البلدي، بهدف الحصول على سلالات جيدة من حيث إنتاج البيض واللحم عبر تقنيات التربية والتهجين.
وأوضح رئيس المشروع حسين قطمة أن محطة أكساد جهزت منذ سنوات وسائل نجاح المشروع، من حظائر للصيصان والتزاوج والمفاقس واختبار الأمهات ومخابر للتحليل ونقل التقنيات الحيوية وتجهيز مسارح خارجية تزرع بالأعشاب المفيدة.
وقال إن “خبراء أكساد يختارون السلالات الجيدة التي يمكن استخدامها في عمليات التهجين مع سلالات محلية من الدول العربية للحصول على أصناف وراثية ممتازة”.
ولفت قطمة إلى الأهمية الكبيرة لمشروع الدجاج من حيث تحمل الأمراض والجفاف والتأقلم مع الظروف المناخية للمنطقة، وبما ينعكس على تطوير عملية التربية وزيادة الإنتاج، إضافة إلى تمكين الأسر الريفية اقتصاديا.