بوادر أزمة دستورية تلوح في إسرائيل

القدس - تلوح في إسرائيل بوادر أزمة دستورية، بعد إعلان حكومة بنيامين نتنياهو عدم الانصياع إلى المحكمة العليا في حال لجأت إليها المعارضة للطعن في القوانين التي تدفع بها للبرلمان تحت مسمى "الإصلاح القضائي".
وكشفت المعارضة الإسرائيلية عن نيتها للجوء إلى المحكمة العليا لإيقاف مشاريع القوانين المختلف عليها، غير أن وزير العدل ياريف ليفين أعلن عدم قبول الحكومة بقرارات المحكمة العليا إذا جاءت ضد إقرار “قوانين التغييرات القضائية”، مشددا على أن هدف الحكومة “منع حدوث أزمة دستورية”.
ومنذ أكثر من شهرين، تشهد إسرائيل احتجاجات متصاعدة على الخطة الحكومية لـ”إصلاح القضاء”، والتي تتضمن الحد من سلطات المحكمة العليا، والسيطرة على لجنة تعيين القضاة. ولمواجهة خطط الحكومة، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد “حالما يمر التغيير في لجنة تعيين القضاة، سنقدم التماسا ضده إلى المحكمة العليا".
وذكر لابيد في تغريدة الاثنين "سيكون أساس الالتماس بسيطا: إذا تم تمرير هذا القانون، فلن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية". ووصف زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان مشاريع القوانين التي تدفع بها الحكومة بأنها "مجنونة"، قائلا "سنستأنف أمام المحكمة العليا جميع هذه القوانين بمجرد إقرارها".
وأضاف ليبرمان في تغريدة الاثنين "كل أزمة هي أيضا فرصة، وبالتالي كجزء من العملية التشريعية التي نقودها في الكنيست، قدمنا مشروع قانون لإنشاء دستور ومحكمة دستورية في دولة إسرائيل". ولا يوجد في إسرائيل دستور أو محكمة دستورية لأنها ترفض حتى الآن تحديد حدودها، وتقوم المحكمة العليا بفض الخلافات بشأن القوانين التي يقرها الكنيست (البرلمان).
وردا على إمكانية رفض المحكمة العليا لمقترحات الحكومة حول قوانين القضاء، قال الوزير ليفين “إذا رفضت المحكمة العليا قوانين التغييرات في جهاز القضاء، فسيكون ذلك تجاوزا لكل الخطوط الحمراء ولن نقبل به”.
والثلاثاء، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) عن ليفين قوله “لا مبرر لرفض المحكمة العليا. إن التغييرات التي قمنا بها تهدف إلى منع حدوث أي أزمة دستورية”.
وتابع "أقول بوضوح إن عند العودة من عطلة الكنيست (بسبب عيد الفصح اليهودي بين الخامس من أبريل والثالث عشر من نفس الشهر)، سنقدم كل الفقرات الأخرى للإصلاح كما هو مخطط له تماما". واعتبر زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس في تغريدة الثلاثاء تصريحات ليفين بأنها “مقدمة للفوضى”.
ومساء الاثنين، قال وزير العدل السابق النائب جدعون ساعر إن "تهديد الوزير ليفين للمحكمة بعدم احترام أحكام المراجعة القضائية لقوانين الانقلاب، يتجاوز خطا أحمر". وأوضح ساعر في تغريدة على تويتر "الحكومة التي لا تحترم حكم المحكمة لن تكون شرعية".
وفور تشكيلها في ديسمبر 2022، أعلنت الحكومة الإسرائيلية الدفع بعدة قوانين لما أسمته "الإصلاح القضائي"، ما أثار احتجاجات شعبية تقودها المعارضة.
وتنص مشاريع القوانين التي سارت بمراحل مختلفة بالكنيست ولم يتم إقرارها نهائيا، على منح الحكومة اليد الطولى في تعيين قضاة المحكمة العليا ومنع المحكمة من النظر أو الاعتراض على قوانين يقرها البرلمان.
وأعلن نتنياهو الاثنين تخفيفا لخطة الإصلاح القضائي التي تتبناها حكومته اليمينية المتشددة، في ما يبدو أنه تنازل بعد احتجاجات غير مسبوقة بدأت قبل أكثر من شهرين ومخاوف عبّر عنها الحلفاء الغربيون.
وأدخلت تعديلات على مشروع القانون في جلسة مراجعة عقدها الكنيست الأحد، إذ إنه سيتم توسيع لجنة الاختيار من تسعة إلى أحد عشر عضوا كما هو مقترح في الأصل، ولكن مع تركيبة تمنح الحكومة نفوذا أقل.
وكان مشروع القانون يتضمن أن تتألف تركيبة اللجنة من ثلاثة وزراء واثنين من نواب أحزاب الائتلاف الحاكم واثنين من الشخصيات العامة تختارهما الحكومة، بما يمنح الحكومة أغلبية سبعة مقابل أربعة في عدد الأصوات.
وفي النسخة المعدلة سيكون في اللجنة ثلاثة وزراء وثلاثة نواب من الائتلاف وثلاثة قضاة واثنان من نواب المعارضة، بما يعني أغلبية بهامش أقل للحكومة بستة أصوات مقابل خمسة.
كما ينص مشروع القانون المعدل على أنه لا يمكن تعيين أكثر من قاضيين في المحكمة العليا خلال تصويت اعتيادي في جلسة واحدة بالكنيست. ويتعين إقرار أي تعيينات تتجاوز ذلك بموافقة أغلبية الأصوات، بما في ذلك قاض واحد على الأقل ونائب معارض واحد من أعضاء لجنة الاختيار.