قيادة جديدة لحركة حمس الجزائرية بالخط السياسي ذاته

تزكية عبدالعالي حساني رئيسا للحركة خلفا لعبدالرزاق مقري يكرس بقاء الحركة الإخوانية على نفس الخط السياسي.
الاثنين 2023/03/20
جناح مقري يفصّل مؤتمرا على المقاس

الجزائر - أفضى مؤتمر حركة مجتمع السلم المعروفة اختصارا بـ"حمس"، إلى تزكية عبدالعالي حساني، رئيسا لها خلفا لعبدالرزاق مقري، وهو ما يكرس بقاء الحركة الإخوانية في الجزائر على نفس الخط السياسي الذي تتبناه منذ العام 2012، والاكتفاء بالحفاظ الشكلي على النصوص الناظمة لإعطاء الانطباع باحترام التداول داخل الحركة.

وزكت قيادات وكوادر حمس حساني رئيسا للحركة خلال العهدة الجديدة التي تدوم خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، ليكون بذلك خامس رئيس للحزب الإخواني، منذ نشأته في العام 1989، على يد الراحل محفوظ نحناح، وعدد من الشخصيات والوجوه الإسلامية.

ويعد الرئيس الجديد أحد المقربين وعلبة أسرار الرئيس المنتهية ولايته مقري، الأمر الذي يؤكد استمرار نفس الخط السياسي، بعد إبعاد جناح الحمائم الممثل في الرئيس والوزير السابق أبوجرة سلطاني، والمرشح عبدالمجيد مناصرة، الذي قرر الانسحاب في آخر لحظة من السباق.

◙ هيمنة جناح مقري، من خلال الانتقال السلس للقيادة داخل كوادره، وتعزيزها بشخصيات معروفة بولائها للرجل

وعبر الرئيس الجديد لحمس عقب تزكيته عن "استعداد الحركة للتعاون مع الجميع في إطار الشراكة السياسية وتقديم البديل والنصح"، مشددا "نحن مستعدون للتعاون مع السلطة ومع الطبقة السياسية، وحركتنا وفية لتقاليدها وخطها السياسي".

وأكد حساني في تصريح للصحافيين أن “حمس حريصة على أن تعيش وتعاصر كل السياقات في الجزائر وتعمل على تمتين الجبهة الداخلية لهذا الوطن، وأن القيادة الجديدة للحركة انبثقت من المناضلين والإطارات والكفاءات، وستكون لها آفاق جديدة في العمل السياسي وتصل إلى الجزائر المنشودة التي دعا إليها المؤسس الأول محفوظ نحناح".

ومر المؤتمر الثامن لحركة حمس، في هدوء، وحضرت شخصيات عربية وإسلامية من التيار الإخواني، كرئيس حركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية، ورئيس التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الموريتاني حمادي ولد سي مختار.

ويرى مراقبون أن تزامن مؤتمر الحركة مع عدة أحداث هو من حجب عليه الأضواء، على غرار الجدل القائم في البلاد حول التعديل الحكومي المعلن عنه الأسبوع الماضي، وانشغال الجزائريين بالوضع الاجتماعي.

وظهرت هيمنة جناح الرئيس المنتهية ولايته، من خلال الانتقال السلس للقيادة داخل كوادره، وتعزيزها بشخصيات معروفة بولائها للرجل، كما هو الشأن بالنسبة للبرلماني السابق ناصر حمدادوش، وعبدالكريم دحمان، ورئيس الكتلة النيابية الحالية في الغرفة الأولى للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني) أحمد صادوق، ليشغلوا مناصب نواب الرئيس.

وبهذا التشكيل يكون المؤتمر الثامن لحمس، قد فصل المخارج وفق المقاس الذي يلائم جناح عبدالرزاق مقري، وأغلق المنافذ أمام الأجنحة الأخرى، الموالية لعبدالمجيد مناصرة، وأبوجرة سلطاني، مما يكرس استمرار نفس النهج السياسي الذي لا يوالي السلطة ولا يعارضها، رغم التظاهر داخل البرلمان بأداء الدور الأخير، بالوقوف في وجه بعض المشاريع الحكومية.

وكان الرئيس الجديد لحركة حمس، قد شغل منصب الأمين الوطني المكلف بالتنظيم والرقمنة خلال العهدة الأخيرة، وهو ما يكون قد سهل له مسألة الفصل في هوية وخيارات الشخصيات المدعوة للمؤتمر، وغلق المجال أمام كل من يفترض فيه التغريد خارج السرب المهيمن.

◙ تزامن مؤتمر الحركة مع عدة أحداث حجب عنه الأضواء على غرار الجدل القائم حول التعديل الحكومي في البلاد

وأدى مقري، عشية عقد مؤتمر حركته، زيارة للرئيس عبدالمجيد تبون، صرح عقبها، بأنه “دأب على طلب مقابلة رئيس الجمهورية، للنظر في مختلف القضايا والملفات الوطنية، لكن هذه المرة كانت من أجل شكره على العلاقة التي ربطتهما طيلة السنوات الماضية بين رئيس جمهورية يمثل السلطة، وبين رئيس حزب يمثل المعارضة".

وسبق لمناصرة أن أعلن عن ترشحه لخوض سباق رئاسة حمس، وألمح إلى تغيير في الخط السياسي للحركة، بالدعوة إلى تنظيم ندوة وطنية سياسية لجميع الأطراف من أجل بلورة مخرج مرضي لجميع الأطراف، وينهي حالة الاحتقان القائم، رغم امتعاضه من سيرورة عملية التحضير، وهو ما يكون قد دفعه إلى الانسحاب في آخر المطاف، لإدراكه بأن اللعبة صممت وأغلقت لصالح المرشح حساني.

وقال المرشح المنسحب في تدوينة له على حسابه الرسمي في فيسبوك، "سبق وأن عبرت عن نيتي للترشح لرئاسة الحركة، ولما لم تتوفر شروط ذلك بالشكل الذي أنا مقتنع به، فضلت عدم تحويل النية إلى فعل أثناء انعقاد مجلس الشورى الوطني”. وأكد على "أن الحركة تبقى تجمعنا ونحن في خدمتها دائما، مع تمنياتي بالنجاح لجميع إخواني في القيادة الجديدة، وندائي لجميع أبنائها من أجل الالتفاف حولها وحول المشروع الوطني الإسلامي".

وفيما تفادى الرجل الخوض في الخلافات داخل حمس، وفي ظروف انعقاد المؤتمر الثامن، ألمح إلى أن عملية التحضير التي كانت محل انتقاد وتحفظ الأجنحة الأخرى، سارت في صالح القيادة القائمة منذ العام 2012. وتسود حالة من الشلل غير المسبوق في المشهد السياسي الجزائري، في السنوات الأخيرة، فباستثناء تنظيم الموعدين الانتخابيين المبكرين للمجالس المحلية والوطنية، غابت القوى السياسة عن الأنظار، بما فيها تلك الموالية للسلطة، وسط جدل عن جدوى خيارات السلطة بتحييد النشاط السياسي والحزبي، مقابل الشراكة مع فعاليات المجتمع المدني.

 

4