حكاية غريبة لرجل لم يبق غيره في العالم

لندن - يصور الروائي الكردي العراقي سردار عبدالله في روايته الجديدة “إكليل الورد.. تاج الشوك” الوضع الكابوسي الذي عاشه البشر في ظل فايروس كورونا، وذلك من خلال سرد قصة حب غريبة بين رجل ستيني وامرأة تصغره بأكثر من عقدين.
تسرد الرواية تاريخ الإنسانية وعذاباتها منذ قصة الخلق إلى يومنا هذا، وتراهن على أن البشرية تقف على أعتاب القدر أو المصير، وما إذا كانت ستتمرد على هذا القدر وتخلق مصيرها الذي تستحقه.
وتكشف كيف أن الوباء أعاد البشر إلى الكهوف، والكهف يرمز هنا إلى البداية التي انطلق منها الإنسان ليبني حضارته، كما أنه يشير إلى ملاذ التأمل الذي لجأ إليه الأنبياء والفلاسفة للتخطيط لبداية جديدة. وتلفت الرواية كذلك إلى أن الإنسانية تبقى في كهفها هذا لتنتهي أو تبني حضارتها الجديدة، التي تستند إلى إعادة سرد الحكايات الكبرى، منذ حكاية الخلق حتى حكاياتنا المتجددة.
يهندس الروائي عمله بطريقة فنية لافتة؛ يسرد روايات داخل روايته، وينسج مجموعة قصص قصيرة داخل كل رواية، بحيث تتكامل في سياق إبداعي مميز.
وفي مشهد كابوسي يستيقظ رجل ستيني في سريره ليجد العالم قد فرغ تماما من البشر، ويحاول فهم ما يجري، ليصير الموت والخوف منه أهون بكثير من كل ذلك المجهول. ثُم يظن أن الله قد استجاب لدعائه في إبادة البشر ليبني مع حبيبته التي تصغره بعقدين عالماً جديداً، ويعيشا في ظل هذه الأجواء قصة حب غرائبية.
هي رواية فلسفية رومانسية، تسرد من خلال تقنيات روائية جديدة قصصا قصيرة، وتضم في طياتها رواية أخرى، وتحاول استدراج القارئ إلى داخل النص، لتخوض معه في الأوهام والحكايات الكبرى منذ حكاية الخلق الأولى، محاوِلةً إعادة سردها من جديد.
وتمنح الرواية حيزاً كبيراً لصوت المرأة التي تعتبرها بطلة حكاية الخلق الأولى، وتعيد إليها دورها البطولي في التاريخ الذي سينبني عليه العالم الجديد. ومن هنا فهي رواية انتصار للمرأة بامتياز.
وتتعرض “إكليل الورد.. تاج الشوك” لمجموعة من القضايا والأفكار وتمنحها رمزية كبيرة، أو تكتشف رمزيتها غير المرئية وغير المكشوفة للآخرين، وتمضي في رحلة متخيلة ثرية لتتحدث عن آلام الإنسانية وصراعاتها على مر التاريخ.
قال الشاعر والسياسي الكردي هفال كويستاني عن الرواية “تخبرنا هذه الرواية بأن لكل حكاية وجها آخر غير الذي اعتدنا سماعه، أثناء إعادة سرده للحكايات الكبرى، تعامل الكاتب مع الدين وأيديولوجياتنا وأوهامنا الكبرى بمنتهى الدقة والاحترافية. المرأة هنا ليست الكائن الذي عرفناه من خلال الحكايات الدينية والاجتماعية، بل هي العنصر الأقوى. لقد أراد الكاتب من خلال هذه الرواية أن يعيد للمرأة شعورها بالاعتزاز كونها امرأة. كما أراد أن يغير نظرة الرجل تجاهها“.
يشار إلى أن الرواية من ترجمة الكاتب نفسه، وقد نشرت باللغة الكردية بداية، وتقع في مئتي صفحة من القطع المتوسط. وقد صمم غلافها الشاعر والفنان ياسين حسين ولوحة الغلاف للفنان الكردي حسن عبدالله.