الدعم السياسي لحاكم مصرف لبنان يخبو في ظل تحقيقات الفساد

مصادر سياسية مطلعة تقول إن بعض حلفاء رياض سلامة القدامى ينأون الآن بأنفسهم عنه ويرونه عبئا.
الخميس 2023/03/16
سلامة ينفي الاتهامات الموجهة له

بيروت - تغيّب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأربعاء عن جلسة تحقيق في تهم فساد عقدها قاض محلي إلى جانب محققين أوروبيين بعد اعتراضات على الإجراءات من محامي سلامة، فيما يقول مراقبون إن الدعم السياسي لسلامة يخبو في ظل تحقيقات الفساد.

وتجري تحقيقات حول سلامة (72 عاما) وأخيه في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل بشأن مزاعم باختلاس مئات الملايين من الدولارات. وينفي سلامة الاتهامات ويقول إنها جزء من محاولة جعله كبش فداء للأزمة المالية في لبنان.

وجرى إبلاغ محققين فرنسيين وألمان، يزورون بيروت هذا الأسبوع لمتابعة تحقيقهم، أن بإمكانهم حضور جلسة استماع يرأسها قاض لبناني الأربعاء، وقدموا أسئلة ليطرحها رئيس المحكمة على سلامة.

لكن مصدرا قضائيا كبيرا ومصدرا ثانيا مطلعا على التطورات قالا إن محامي سلامة وصل الأربعاء إلى قصر العدل من دونه واعترض أمام القاضي الذي ترأس الجلسة على حضور المحققين الأوروبيين.

الدعم السياسي رفيع المستوى لحاكم مصرف لبنان بدأ يخبو، ويثير هذا التراجع للدعم تساؤلات حول تأثير التحقيقات على الطبقة السياسية الأوسع

وقال المصدر القضائي “محامي سلامة حضر وتقدم بمذكرة توضيحية اعتبر فيها أن استدعاءه لجلسة تحقيق أوروبية هو انتهاك لسيادة القضاء اللبناني بموجب المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد”.

وقالت مصادر سياسية إن الدعم السياسي رفيع المستوى لحاكم مصرف لبنان بدأ يخبو. ويثير التراجع الواضح للدعم تساؤلات حول تأثير التحقيقات على الطبقة السياسية الأوسع، نظرا إلى وجهة النظر السائدة بأن أفراد النخبة الحاكمة يخشون أن تكون لسقوط سلامة تداعيات عليهم.

وقالت مصادر سياسية طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية الأمر إن بعض حلفاء سلامة القدامى ينأون الآن بأنفسهم عنه ويرونه عبئا. ويُحمّل الكثيرون مسؤولية الأزمة لسلامة والنخبة السياسية الحاكمة التي يخدم مصالحها منذ فترة طويلة باعتباره حارسا للنظام المالي.

وقال سلامة، الذي يتولى منصب حاكم مصرف لبنان منذ ثلاثة عقود، في فبراير إنه لن يسعى لفترة جديدة في المنصب بمجرد انتهاء فترته الحالية في يوليو القادم.

وسيمثل رحيل سلامة علامة فارقة في الانهيار المالي الذي نتج عن الإنفاق الباهظ والفساد المستمر منذ عقود وكذلك السياسات المالية غير المستدامة لزعماء تركوا الأزمة تحتدّ منذ عام 2019.

ومنذ فترة طويلة يشكك المنتقدون في ما إذا كان الساسة من النخبة الحاكمة الذين يمارسون نفوذا كبيرا على القضاء سيسمحون بمقاضاة سلامة في لبنان بعد أن كان العمود الفقري للنظام المالي الذي استفادوا منه على مدى عقود.

وقال المصدر المطلع على اتصالات سلامة مع الساسة “إنه حجر الدومينو. إذا سقط، سيسقط كل شيء”. وكتب إبراهيم الأمين رئيس تحرير صحيفة “الأخبار”، التي تنتقد سياسات لبنان المالية منذ فترة طويلة، “إن الرجل يعرف غالبية الأسرار المالية لهؤلاء”.

مصرف لبنان

وعمل سلامة يدا بيد منذ عام 1993 مع شخصيات قوية، منها السياسي الشيعي ورئيس مجلس النواب نبيه بري وعدد من رؤساء الوزراء السابقين ومنهم السياسي السني سعد الحريري.

ويشغل سلامة منذ فترة طويلة المنصب المخصص لمسيحي ماروني بموجب نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان، كما أنه يتمتع بدعم السلطات الدينية المسيحية. لكن هناك مؤشرات على أن دعمه السياسي آخذ في التضاؤل.

وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إنه لن يقترح تمديد فترة سلامة في المنصب، مضيفا أن سلامة لا يريد الاستمرار وأن من الصعب أن يتولى المنصب لفترة جديدة.

وقال مصدر سياسي إن ميقاتي لن يدعمه بعد الآن. وأضاف المصدر “انتهى الأمر بالنسبة إلى رياض سلامة”.

وقال مصدر من حركة أمل، التي يرأسها بري الذي يُنظر إليه على أنه أحد الداعمين التقليديين لسلامة، إنه إذا كان سلامة متورطا في الفساد فيجب أن يحظى بمحاكمة عادلة. وأضاف “نحن لا نغطي أحدا أبدا”.

وقالت جماعة حزب الله اللبنانية ذات النفوذ إنها تعارض التمديد. وقال مصدر سياسي ثان “السياسيون الذين فعل من أجلهم الكثير يرونه الآن عبئا، وهم يبتعدون عنه شيئا فشيئا”.

 

• اقرأ أيضا:

            يد اللبناني لم تعد قادرة على عدّ الليرة مع تواصل انهيارها

2