أيّ حقيقة تقدمها لنا العلوم الإنسانية؟

الجزائر - يتناول كتاب “مشكلة الحقيقة في علوم الإنسان وحتمية التفلسف” للباحث الدراجي زروخي مشكلة الحقيقة في علوم الإنسان بعد التطور الرهيب الذي شهدته العلوم الطبيعية في عصرنا الحالي.

ويؤكد المؤلف، في مقدمة الكتاب، أن المشاكل الفلسفية والعلمية بدأت تظهر على المناهج المعتمدة في دراسة السلوك البشري مع هذا التطور، ذلك أن الاعتقاد السائد في الأوساط العلمية والفلسفية هو أن الظواهر الفيزيائية لا روح ولا إرادة، ومن هنا يمكن للباحث أن يمنهِجها ويبلغ فيها اليقين.

ويضيف المؤلف أنه آثر، في هذا الكتاب، أن يركز على جانب عقلانية المنهج ومدى قدرته على بلوغ الحقيقة في علوم الإنسان، ومدى قدرته على التخلص والتجرد من الطابع الفلسفي في ظل افتقار السلوك البشري إلى مصادرات المنهج التي آمن بها العلم الحديث.

ويشير الدراجي زروخي، في كتابه، بالقول “وفقا لمنطق الإبستمولوجيا المعاصرة لا بد من تعديل بعض المفاهيم كمفهوم العلم ومفهوم العقلانية والحقيقة العلمية، لأن العلم في منطق الفترة الحديثة كان يعني مجموعة القوانين التي تحكم الظواهر وجوهر هذه القوانين هو الحتمية، لكن هذا المفهوم فقد مفعوله مع الأبحاث العلمية المعاصرة، وتحول العلم إلى فرضيات استنتاجية يراعى فيها مدى خلو المقدمات والنتائج من التناقض، ومن هنا أصبحت الحقيقة في العلم مجرد فرضية متناسقة في منطلقاتها ونتائجها.

كما أن العقلانية الحديثة التي كانت تدعو إلى اتفاق العقول في النتائج والوحدة في القوانين لم تعد من العقلانية، لأن الاختلاف أصبح صفة مقبولة في الأبحاث العلمية المعاصرة. ومن هنا وجب، بحسب مؤلف الكتاب دائما، أن نعيد النظر في مفهوم الحقيقة العلمية في حد ذاتها، ووجبت أيضا إعادة النظر في العلاقة بين المنهج والحقيقة من جهة، وبين المنهج ومصادراته من جهة ثانية، وهذا الأمر أصبح ضروريا أكثر.

ويذكر أن كتاب “مشكلة الحقيقة في علوم الإنسان وحتمية التفلسف” صدر عن منشورات مخبر الدراسات الأنثروبولوجية والمشكلات الاجتماعية، بجامعة المسيلة جنوب الجزائر.