الوساطة وأسواق الطاقة يتصدران مباحثات وزيري خارجية السعودية وروسيا

موسكو – تصدر ملف الطاقة والوساطة في حل الأزمة الأوكرانية مباحثات وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسعودي الأمير فيصل بن فرحان الذي وصل إلى موسكو الخميس في زيارة غير معلنة وغير محددة المدة، وذلك بعد نحو أسبوعين من زيارة أوكرانيا كأول مسؤول عربي منذ انطلاق الحرب الروسية-الأوكرانية في فبراير 2022.
وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي أن بلاده "تسعى لتطوير العلاقات على جميع الأصعدة" مع روسيا، فيما شدد لافروف، على دور المملكة "المهم" في تسوية القضايا الدولية.
وقال وزير الخارجية السعودي "أنا في غاية الامتنان للقائنا لبحث القضايا الثنائية التي تهم بلدينا والتحديات التي تمس العالم".
وأوضح أنه "سيتم بحث وجهات النظر حول الأزمات والمستجدات الدولية والإقليمية".
وتابع الوزير "دائما هناك كل ما هو جديد في علاقات البلدين التي نسعى لتطويرها وتعزيزها على جميع الأصعدة".
وأعرب عن تطلعه بخروج المباحثات الثنائية اللاحقة مع لافروف، في "توحيد الرؤى، ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات أرحب، وفقا لتوجيهات قيادات البلدين".
وبدوره، قال لافروف خلال اللقاء ذاته إن "كافة الوزارات المعنية بتعزيز التعاون بين البلدين على اتصال دائم".
ورحب لافروف بـ"الاهتمام المتزايد لدى السعودية بتسوية القضايا الإقليمية وكذلك الدولية".
وأعرب عن أمله في أن "يتم الاتفاق اليوم على مزيد من الخطوات في هذا المسار"، دون تفاصيل أكثر.
وفيما يتعلق بأسواق الطاقة، قال الأمير فيصل بن فرحان، إن المملكة تنسق عن كثب مع روسيا بشأن أسواق الطاقة، وإنها ملتزمة باتفاق مجموعة أوبك+ بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها.
وما زالت واشنطن تتحفظ على قرار السعودية وتحالف "أوبك+" بخفض إنتاج الأعضاء بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر الماضي.
وتخشى أسواق الطاقة العالمية، حدوث أزمة نقص إمدادات لأسباب مرتبطة بعودة الطلب القوي من جانب الصين - أكبر مستورد للخام في العالم- والعقوبات الغربية على النفط الروسي.
وتشير تقديرات أوبك إلى نمو الطلب العالمي على النفط الخام هذا العام إلى 102 مليون برميل يوميا، في وقت تشهد الاستثمارات في الصناعة تراجعاً بسبب التحول للطاقة الجديدة والمتجددة.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية بعد إعلان مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأربعاء، أنها أعادت طرح مشروع قانون للضغط على منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" لجعلها تتوقف عن خفض إنتاجها.
ويرى مراقبون أن مضي المشرعين الأميركيين في تفعيل القانون ستكون له بالتأكيد تبعات كبيرة، لاسيما على العلاقة مع السعودية، وسيعزز مناخ انعدام الثقة بين الطرفين.
وخلال مؤتمر صحافي تلا اللقاء، قال الأمير بن فرحان "ناقشت مع لافروف الأزمة الروسية الأوكرانية".
وأضاف "أكدتُ على موقف المملكة الداعم لكافة المساعي الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة، ولكل ما من شأنه تخفيف التوتر وتخفيف المعاناة التي طالت الجميع بسبب تداعيات هذه الأزمة خاصة الدول النامية والأقل نمواً".
وقال إنه أبلغ لافروف "استعداد المملكة لبذل كافة الجهود للوساطة بين روسيا وأوكرانيا".
وشهدت زيارة الأمير فيصل بن فرحان أواخر فبراير الماضي، لكييف منذ اندلاع الحرب توقيع اتفاقية ومذكرة تفاهم بتقديم حزمة مساعدات إنسانية إضافية لأوكرانيا بمبلغ 400 مليون دولار، تتضمّن "تقديم مساعدات إنسانية من المملكة لأوكرانيا بقيمة 100 مليون دولار".
وأعربت وزارة الخارجية الأميركية، عن ترحيبها بزيارة وزير الخارجية السعودي، إلى أوكرانيا كما رحبت بالمساعدات التي قدمتها المملكة لكييف.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعرب خلال مكالمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022، عن استعداد المملكة لبذل جهود للوساطة بين كل الأطراف لحل الأزمة في أوكرانيا.
ورفض وزير الخارجية السعودي، نفي أو تأكيد سؤال بشأن "وجود مفاوضات سعودية حوثية بوساطة عمانية وإنشاء منطقة عازلة على حدود اليمن"، قائلا "صحيح أن هناك جهود قائمة للوصول لإطلاق نار دائم ثم إطلاق عملية سياسية بين الأطراف".
وأضاف "سوف نستمر في الحوار عبر مسارات متعددة مدعومة بالأمم المتحدة لتحقيق هذا المستهدف".
وتابع "الأولوية هي وقف إطلاق النار الدائم، ثم إطلاق الحوار والآن لن أخوض بأي تفاصيل تأكيدا أو نفيا، لأنها ليس مفيدة لمسار المفاوضات".
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، وتصاعد النزاع منذ مارس 2015، بعد تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران، وسط جهود أممية لحل الصراع.
من جانبه، قال لافروف في المؤتمر الصحافي ذاته، إن "روسيا ترحب بكافة الجهود التي يمكن أن تؤدي إلى حوار حقيقي، وحتى اللحظة لا نجد أي رغبة من الجانب الأوكراني إلى ذلك"، وفق قناة "روسيا اليوم".
وتطرق إلى التضامن العربي مع المتضررين من زلزال سوريا الذي وقع في 6 فبراير الماضي، قائلا "نتمنى أن يساعد ذلك التضامن العربي الإنساني في حل المشكلات السياسية، بما في ذلك عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية (مجمدة عضويتها منذ 2011)".
وكان وزير الخارجية السعودي قد أطلق مساء الثلاثاء بشأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وقال إن زيادة التواصل مع سوريا قد يمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت عشر سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.