القاهرة تبيع فنادق تاريخية بحثا عن العملات الأجنبية

الحكومة تتخلى عن حصص تتراوح بين 20 و30 في المئة في سبعة كيانات تقدم خدماتها بالدولار.
الخميس 2023/03/09
العلامات أمامكم تتلألأ. من يدفع أكثر سيفوز!

بدأت القاهرة رحلة البحث عن مشترين لعدد من الفنادق التاريخية للتغلب على شح العملات الأجنبية التي تسببت في تردي الأوضاع الاقتصادية وانفلات الأسعار في الأسواق، وسط تباين آراء المحللين في كونها خطوة اضطرارية، بينما يرى آخرون تطويرها بدلا من بيعها بأسعار ربما تكون غير عادلة.

القاهرة - قررت الحكومة المصرية طرح حصص متفاوتة في فنادق مملوكة للدولة أمام المستثمرين من خلال شركة إدارة الفنادق الجديدة، حيث سيتولى الصندوق السيادي إدارة تلك الطروحات بعد تعيين عدد من المستشارين.

وتقوم القاهرة بإعادة تقييم تلك الكيانات لدمجها بالشركة الحديثة المرتقب الإعلان عنها قبل عرضها على المستثمرين الأجانب والخليجيين، لكن الاهتمام الأكبر من قبل الصناديق السيادية الخليجية، على رأسها صندوقا الثروة في كل من السعودية وقطر.

وتضم الفنادق، التي تتراوح الحصص المعروضة لبيعها بين نحو 20 و30 في المئة، سبعة كيانات تاريخية، هي ماريوت الزمالك، مينا هاوس الهرم، كتراكت، موفنبيك أسوان، شتايجنبرجر التحرير، نتر بالاس الأقصر وسيسيل الإسكندرية.

وتعمل الحكومة بالتوازي على تطوير الفنادق التاريخية الأخرى مثل إنتركونتيننتال العتبة، وشبرد التحرير، حيث تعاقدت على تطوير الأخير مع شركة الشريف السعودية.

وتدرس السلطات عروضا مقدمة من مستثمرين مصريين وعرب للشراكة في تطوير فندق إنتركونتيننتال، وتجرى مراجعة التصميمات الخاصة بالفندق والموافقة عليها لإعادته إلى طرازه التاريخي.

أحمد سمير: الخطوة ستعزز جذب التدفقات من الخارج وأيضا التطوير
أحمد سمير: الخطوة ستعزز جذب التدفقات من الخارج وأيضا التطوير

وتأتي خطة البيع نتيجة الرياح المعاكسة العالمية التي ضربت الاقتصاد المصري بمختلف قطاعاته، منذ أزمة كورونا ثم الحرب الروسية – الأوكرانية.

واندفعت الحكومة إلى تسريع خططها لتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وتفعيل وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تهدف إلى جذب استثمارات جديدة بقيمة 40 مليار دولار على مدار السنوات الأربع المقبلة، من خلال بيع حصص في أصول مملوكة للدولة.

ومن المتوقع أن يتم بيع الفنادق لمستثمر إستراتيجي، ومستبعد طرح أسهمها بالبورصة المصرية، لجذب العملة الصعبة للبلاد، وغالبا ما يقوم المستثمر بالشراء بهدف التنمية والتطوير وضخ رؤوس أموال جديدة ومن الأفضل أن يكون ذا خبرة بهذا القطاع.

وربما تواجه السلطات عراقيل في عمليات البيع، لأن معظم المستثمرين يفضلون الاستحواذ على حصص أغلبية لضمان قدرتهم على دمج نتائج استثماراتهم الجديدة، وتكون لديهم السيطرة على الإدارة، لضمان قيادتهم لتطوير الأداء.

لكن الحصص المقرر بيعها لا تلبي أهداف السيطرة، وقد يتكرر الحديث حول هذا الموضوع خلال تنفيذ برنامج الطروحات، لاسيما في ما يتعلق بالشركات ذات الإدارة الجيدة التي لم تدرج في البورصة بعد.

وهذا الوضع يدفع الحكومة إلى اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص الأجنبي وعبر عقود يتم التوافق حولها.

وقال المحلل الاقتصادي أحمد سمير لـ”العرب” إن “الدولة في حاجة ماسة إلى الدولارات، لذلك تلجأ إلى بيع الأصول الرابحة لسهولة تسويقها”.

ناجي عريان: من الأفضل طرحها في البورصة والعمل على تحسين إدارتها
ناجي عريان: من الأفضل طرحها في البورصة والعمل على تحسين إدارتها

وأضاف أن “شراء أي مستثمر إستراتيجي لحصص الشركات لا يكون هدفه الربح السريع وتحويل العملة إلى الخارج، في حال كان أجنبيا، لذلك ينتعش الاقتصاد بتدفق العملة مع التطوير أيضا”.

وتعد الفنادق من القطاعات غير الرائجة في البورصة المحلية بسبب النظرة الشرعية لغالبية المستثمرين، إذ يخشون شراءها والاستثمار فيها كونها تقدم الخمور وتتعامل فيها، ولذلك الأفضل بيع الحصص لمستثمر إستراتيجي.

كما أن بيع حصص من الفنادق عن طريق البورصة فقط لن يكون مجديا، إذ لا يترتب عليه الهدف المأمول من تدفق العملة الصعبة ولن يحدث تغييرا جذريا في الإدارة، وهو هدف أساسي لاستمرار تطويرها.

وأوضح سمير أن مزايا شراء المستثمر الإستراتيجي لحصص من الفنادق يترتب عليها ضخ حزمة من الدولارات مرتين بالسوق المصرية، وهو ما تدركه السلطات جيدا، الأولى عند شراء النسبة المتفق عليها، والثانية عند بدء التطوير والتحديث بالكيان الذي جرى شراؤه.

وجاء تخلص الحكومة من الفنادق التاريخية والمطلة على النيل في الوقت الذي تقوم فيه ببناء الأبراج الشاهقة في العاصمة الإدارية الجديدة وسط الصحراء مثل البرج الأيقوني الأعلى في أفريقيا، وتتطلب تسويقا لبيع وحداتها أيضا.

ومع تأسيس شركة العاصمة الإدارية والسعي إلى طرح حصة منها بالبورصة المصرية، أصبح هدفها تحقيق عوائد وأرباح، كما أن ما تشمله العاصمة من مشروعات وعلى رأسها البرج الأيقوني يعزز من إقبال المستثمرين على شراء أسهمها.

وتقوم هذه الشركة بإنشاء عدد من الكيانات الفرعية والتحول إلى شركة قابضة، حيث سيتم طرح الشركات المنبثقة منها فقط بالبورصة مثل شركات للمياه والكهرباء والغاز، بجانب المباني ومحفظة الأراضي.

وكشف ذلك اجتماعات شركة العاصمة مع الهيئة العامة للرقابة المالية وشركة سي.آي كابيتال القابضة للاستثمارات المالية، وهو في إطار بحث عملية الطرح، حيث من المتوقع أن يصبح أكبر طرح في البورصة المحلية.

من المتوقع أن يتم بيع الفنادق لمستثمر إستراتيجي، ومستبعد طرح أسهمها بالبورصة المصرية، لجذب العملة الصعبة للبلاد

ويظل تأسيس أي مشروع جديد بهدف تحقيق عائد منه، أفضل من الإنفاق على آخر قديم، لأنه من الأوفر بيع أجزاء من أصول قديمة مع الاحتفاظ بالنسبة الأغلب مع ضمان الحصول على أرباح بعد وجود إدارة محترفة عقب تملكها حصة جديدة.

وتكمن أهمية تأسيس المشاريع الجديدة في أنها تجر مختلف القطاعات وراءها وتنشطها، خاصة الاستثمار العقاري، وهو حالة العاصمة الإدارية الجديدة، إذ تنتعش من خلاله صناعات مواد البناء والأخشاب والرخام والجرانيت والزجاج وغيرها.

وأبدى ناجي عريان، نائب رئيس غرفة المنشآت الفندقية، اعتراضه على بيع حصص من الفنادق لمستثمرين إستراتيجيين باعتبارها مصدرا رئيسا للعملات الأجنبية.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن رجال الأعمال أو صناديق الاستثمار هدفهما في النهاية تحقيق الأرباح وتحويلها إلى بلدانهم أو استثمارها في مناطق أخرى، محذرا من البيع بأسعار زهيدة.

وبدلا من ذلك، طالب عريان طرحها في البورصة فقط للمستثمرين الأفراد أو لمؤسسات، بشرط عدم الاستحواذ على حصة مسيطرة فيها.

ويرى أن من الضروري تطوير الفنادق المصرية التابعة للحكومة أو إسناد إدارتها لشركات محترفة، ما يعزز تسويقها وجذب النزلاء، لأنها تطل على النيل ومواقعها حيوية تدعم رفع نسب الإشغالات فيها.

ويعزز من الاستثمار بقطاع الفنادق المصرية الطفرة المرتقبة بالسياحة، إذ تشمل خطة العام المالي الجاري نموا في استثمارات القطاع بنسبة 19.4 في المئة، لتصل إلى 7.4 مليار جنيه (250 مليون دولار) مقابل 200 مليون دولار في العام السابق.

وتتضمن إستراتيجية التنمية السياحية للحكومة العام المالي الجاري الترويج المكثف لبرنامج تحفيز الطيران العارض، وتكثيف الخطة الإعلامية للبرنامج في الدول ذات الحركة الوافدة الرئيسة، خاصة المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا ودول شرق أوروبا.

11