المستثمرون يعيدون إحياء صفقات التضخم لتجنب تآكل الأصول

المتداولون يلجأون إلى الملاذات الأكثر أمنا لحماية قيم محافظهم.
الأربعاء 2023/03/08

دفعت المخاوف من موجة بيانات اقتصادية أميركية والتضخم، التي جاءت أعلى من المتوقع الشهر الماضي، المستثمرين نحو إحياء إستراتيجيات التداول التي تراهن على ارتفاع أعلى في الفائدة، بهدف حماية محافظ أعمالهم بعدما تضررت أصولهم عالية المخاطر.

نيويورك - أدت إعادة تقويم توقعات التضخم إلى قيام بعض المستثمرين بالمراهنة على معدل فائدة قد يقرره الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) بنسبة ستة في المئة أو حتى أعلى من ذلك بنهاية 2023.

ويقصد بهذه العملية صفقات التضخم أو التداول على التضخم، وهي التحركات التي يمكن أن يقوم بها المستثمرون ردا على ارتفاع الأسعار، لحماية قيمة أصول محافظ أعمالهم.

وغالبا ما يتم تحديد الأصول ذات الأداء الجيد استنادا إلى الأسباب التي أدت إلى التضخم، رغم أنها ليست قائمة ثابتة. ومع ذلك، يمكن للمستثمرين النظر إلى فترات التضخم السابقة للحصول على بعض التوجيهات.

وتتطلب هذه العملية من المستثمرين التحلي ببعض المرونة لتحويل الأموال بعيدا عن أصول معينة تجاه أصول أخرى، أو إدخال أصول جديدة إلى المحفظة.

ولا يعني ذلك ضخ كل الأموال في النفط أو العقارات على سبيل المثال، بل وضع أهداف طويلة الأجل في الاعتبار عند إجراء صفقة تضخم، وتجنب الإفراط في توسيع التوزيعات.

وفقدت أصول المخاطرة مثل الأسهم وسندات الشركات التي استفادت من موجة تضخم استمرت لأشهر حتى يناير الماضي زخمها، ولذلك يبحث المتداولون الآن عن ملجأ في أصول أكثر أمانا مثل سندات الخزانة أو النقد.

دوغ فينشر: الشهر الماضي كان بمثابة جرس إنذار للأصول الخطرة
دوغ فينشر: الشهر الماضي كان بمثابة جرس إنذار للأصول الخطرة

وقال دوغ فينشر، مدير محفظة في آيونك كابيتال مانجمنت، لوكالة رويترز “لقد كان الشهر الماضي بمثابة جرس إنذار”.

وأوضح فينشر، وهو مدير محفظة مشارك في صندوق متداول في البورصة لحماية التضخم، أن “المتعاملين ما زالوا يقدّرون ذلك، لكننا بالتأكيد نشهد تجدد الاهتمام بمنتجات من نوع التضخم”.

واكتسبت الرهانات على البنك المركزي ارتفاعا أكثر قوة في معدلات الفائدة في أسواق المال. وأظهرت بيانات “مجموعة سي.أم.إي” أن احتمالات رفع الفائدة إلى 6 في المئة، بلغت أكثر من 13 في المئة الاثنين الماضي ارتفاعا من 8 في المئة قبل أسبوع.

وقال ألفونسو بيكاتيلو، الرئيس التنفيذي لشركة ماكرو كومباس لإستراتيجيات الاستثمار الكلي، إن الأدلة القصصية من العملاء في صناعة صناديق التحوط أظهرت “اهتماما كبيرا” بهياكل التداول.

وأوضح أنهم يراهنون على ذلك المعدل أو أعلى بحلول ديسمبر المقبل، وعلى الفائدة التي لا تزال أعلى من 5 في المئة بحلول يونيو 2024.

ويرى بيكاتيلو أن غالبا ما يتم تنفيذ التداولات عبر الخيارات، لاسيما الرهان على اتجاه معدل التمويل الليلي المضمون “سوفر”، مع رهان “نعم أو لا” على مستوى أعلى من ستة في المئة العامل الرئيسي الذي يقود ربحية التجارة.

وذكرت منصة التداول “تراد ويب” أنها شهدت زيادة في متوسط الحجم اليومي لمقايضات التضخم، وهي المشتقات المستخدمة للتحوط من مخاطر ارتفاع الأسعار، بنسبة 23 في المئة على أساس شهري في فبراير.

ومع ارتفاع توقعات التضخم التي ترفع عوائد السندات قصيرة الأجل أعلى من تلك الموجودة، يشعر بعض المستثمرين بالقلق من الالتزام بآجال استحقاق الديون في النهاية الطويلة لمنحنى عائد سوق السندات.

وقال أنتوني وودسايد، رئيس إستراتيجية الدخل الثابت في الولايات المتحدة في أل.جي.ىي.أم أميركا، إن “تقليل ائتمان الشركات لصالح الأصول الخالية من المخاطر مثل سندات الخزانة كان إحدى الطرق للعب بوتيرة أعلى ولمدة أطول خلال الأشهر القليلة المقبلة”.

وأشار إلى أن العوائد الشاملة في حين تبدو جذابة، تبدو فروق ائتمان الشركات ضيقة للغاية “بالنظر إلى أننا على الأرجح نتجه نحو تراجع وسط السياسة النقدية التقييدية”، في إشارة إلى التوقعات بأن التشديد قد يؤدي في النهاية إلى تباطؤ اقتصادي حاد.

وخارج الدخل الثابت، يمكن أن تكون إضافة التعرض للسلع وسيلة للاستفادة من الطلب وراء الدافع الحالي في الاقتصادات العالمية.

وقال وودسايد “مع كون الصين مصدرا كبيرا للطلب، فإننا نرى احتمالا لضغط تصاعدي على أسعار النفط في الأرباع الثلاثة القادمة، ويمكن أن يستفيد النحاس لأسباب مماثلة”.

وركز المستثمرون الذين يحاولون التنبؤ بتحركات الاحتياطي الفيدرالي على شهادة رئيسه جيروم باول أمام الكونغرس الثلاثاء، والتي تأتي قبل الاجتماع التالي لتحديد سعر الفائدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يومي الحادي والعشرين والثاني والعشرين من مارس.

ألفونسو بيكاتيلو: صناديق التحوط أظهرت اهتماما كبيرا مؤخرا بهياكل التداول
ألفونسو بيكاتيلو: صناديق التحوط أظهرت اهتماما كبيرا مؤخرا بهياكل التداول

ويتوقع المتداولون إلى حد كبير أن يقوم البنك المركزي برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، رغم أن احتمال رفعها بمقدار 50 نقطة أساس بلغ حوالي 30 في المئة الاثنين الماضي، وفقا لبيانات سي.أم.إي.

ورفع المركزي الأميركي تكاليف الاقتراض العام الماضي بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود، لكنه تراجع إلى زيادة ربع نقطة مئوية في الشهر الماضي.

وفي السوق، تحركت الأسعار مع توقع المزيد من الارتفاعات الشديدة في الفائدة، حيث تعكس أحدث البيانات سوق عمل ضيقا وبقاء التضخم مرتفعا.

ويعيد هذا الوضع إثارة المخاوف من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى اللجوء مجددا إلى نفس الزيادات الكبيرة في الفائدة، التي أضرت بالأسهم والأوراق المالية والسندات العام الماضي.

وانتقلت التوقعات على معدل التعادل على سندات الخزانة الأميركية المحمية من التضخم “تي.آي.بي.أس” لمدة عشر سنوات من 2.12 في المئة خلال يناير الماضي، وهو الأدنى في عامين تقريبا، إلى حوالي 2.5 في المئة حاليا، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر.

وارتفعت عوائد السندات الحكومية الأميركية في فبراير، حيث عاد العائد القياسي لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 4 في المئة الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر.

واكتسبت عائدات عامين، والتي تعكس بشكل وثيق توقعات السياسة النقدية، حوالي 70 نقطة أساس منذ بداية الشهر الماضي، لتصل إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2007 قبل الأزمة المالية.

وقال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في أبولو غالوبال مانجمنت، الذي يرى أن الفائدة النهائية ربما تزيد عن 6 في المئة، “قد يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى الذهاب إلى 50 نقطة أساس في اجتماع لجنة للسوق المفتوحة القادم، إذا حصلنا على تقرير عمل قوي آخر”.

وأوضح أن الزخم في الاقتصاد قوي للغاية إلى درجة “أننا قد نضطر إلى الوصول إلى عام 2024 قبل أن تصل الفائدة على أموال الاحتياطي الفيدرالي إلى ذروتها”.

11