مجموعة الدعم الدولية للبنان قلقة إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي

بيروت - قال الداعمون الدوليون للبنان الخميس إن الفراغ الرئاسي المستمر في البلاد يبعث على القلق الشديد، واصفين الوضع السياسي الحالي بأنه “غير مستدام”.
ويمر لبنان بأزمة لم يسبق لها مثيل، مع بقاء منصب الرئيس شاغرا منذ انتهاء ولاية ميشال عون في 31 أكتوبر، وصعوبات يعانيها البرلمان لتمرير قوانين، وحكومة تصريف أعمال بصلاحيات محدودة.
وبفعل تعقد الحسابات السياسية والطائفية في لبنان، عادة ما يستغرق اختيار رئيس للبلاد، أو حتى تشكيل حكومة أو تكليفها، أشهرا عديدة. وفي العام 2016، إثر مرور أكثر من عامين على الشغور في سدة الرئاسة، جاء انتخاب عون رئيسا للبلاد بعد 46 جلسة برلمانية بموجب تسوية سياسية بين الفرقاء السياسيين.
الوضع الراهن يصيب الدولة بالشلل، ما يحد بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية
لكن الفراغ السياسي القائم في لبنان حاليا، يبدو مختلفا في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعاني منها البلاد أفقدت العملة المحلية أكثر من 98 في المئة من قيمتها منذ عام 2019.
وأعربت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وأكثر من ست دول من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، الخميس “عن بالغ قلقها إزاء تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي”.
وقالت “يعد الوضع الراهن أمرا غير مستدام؛ إذ يصيب الدولة بالشلل على جميع المستويات، ما يحد بشدة من قدرتها على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية”.
وأشارت المجموعة إلى أن لبنان “لم يبرم بعد برنامجا ماليا مع الصندوق”. وحثت قادة البلاد على “التعجيل بإقرار القوانين اللازمة لاستعادة الثقة بالقطاع المصرفي ماليا وتوحيد أسعار الصرف”.
وقال مصرف لبنان الأربعاء إنه سيبيع الدولار بسعر 70 ألف ليرة للدولار الواحد لكن سعر الصرف الرسمي، الذي جرى تعديله في الأول من فبراير، لا يزال عند 15 ألفا.
وتوحيد أسعار الصرف المتعددة أحد الشروط المسبقة التي وضعها صندوق النقد الدولي للبنان من أجل الحصول على حزمة مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
لكن صندوق النقد قال العام الماضي إن التقدم في تنفيذ الإصلاحات مازال “بطيئا للغاية”، ولم يُنفذ الجزء الأكبر منها على الرغم من خطورة الأزمة التي تعد أكثر المراحل اضطرابا في لبنان منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
وقالت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان إنها تلاحظ “بقلق” عدم إحراز تقدم في التحقيق المتعلق بالانفجار المروع في مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020، ونجم عن مواد كيميائية خطيرة كانت مخزنة بالمرفأ لسنوات.
وحاول القاضي الذي يحقق في الانفجار طارق البيطار استئناف عمله في يناير بعد توقف دام أكثر من عام بسبب تدخل سياسي من مسؤولين كبار. ورغم ذلك صدرت أوامر للنظام القضائي بعدم تنفيذ قراراته، والتي تشمل توجيه اتهامات لمسؤولين كبار حاليين وسابقين.
ويتمتع السياسيون بنفوذ كبير في مسألة تعيينات القضاة وصلاحياتهم في لبنان، وللبنوك التجارية نفوذ أيضا.
ويزداد الوضع الاقتصادي سوءا في لبنان، حيث ضاقت سبل العيش بالكثير من الأشخاص. وخلال أسبوعين فقط تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية في السوق السوداء من 60 ألفا مقابل الدولار إلى أكثر من 80 ألفا.
وانعكس ذلك ارتفاعا في أسعار المحروقات والمواد الغذائية، فيما توقفت عدة متاجر عن تسعير بضائعها.
وقد قارب سعر صفيحة البنزين (20 لترا) مليونا وأربع مئة ألف ليرة (حوالي 19 دولارا)، أي ما يعادل ثلث راتب جندي، في بلد بات فيه 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وانهارت الخدمات العامة. ويمكن للأسر، من دون استئجار مولد خاص، أن تتوقع فقط ساعة أو نحو ذلك من الكهرباء في اليوم، وساهم نقص مياه الشرب في تفشي الأمراض، بما في ذلك حالات الكوليرا الأولى منذ عقود.
ومن المتوقع أن يزداد الضغط المعيشي على سكان البلاد نتيجة حزمة الضرائب التي تستعد السلطات لإقرارها، إذ بدأت من رفع تعرفة الاتصالات الخلوية، وستمتد إلى قطاع الكهرباء الذي لا يؤمن أكثر من تغذية ساعتين في اليوم، كما من المتوقع أن ترتفع أسعار السلع والمواد الغذائية والبضائع المستوردة ما بين 20 و50 في المئة خلال الأشهر المقبلة.
وبفعل الاحتقان الآخذ في الازدياد بات الانفجار الاجتماعي نتيجة تتوقعها أعلى المراجع الأمنية في البلاد، وتحذر منها التقارير الدولية التي ترصد أحوال لبنان، خاصة وأنه ما من إجراءات حكومية أو سياسية تتخذ في سبيل كبح الانهيار، فيما كل متطلبات الانفجار صارت متوفرة على الساحة اللبنانية.