العدول عن تعديل الدستور العراقي بعد فيتو الإطار التنسيقي

عضو باللجنة القانونية يكشف عن وجود ثلاث عقبات أدت إلى استبعاد طرح التعديلات خلال الدورة البرلمانية الحالية.
الخميس 2023/03/02
الإطار التنسيقي أول المعترضين على إجراء التعديلات

بغداد – كشف عضو اللجنة القانونيّة في مجلس النواب العراقي محمد جاسم الخفاجي، اليوم الخميس، عن وجود عقبات تعترض عملية إجراء تعديلات على الدستور، التي كان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أعلن توجهه لإجرائها ضمن برنامجه الحكومي الذي أقره البرلمان نهاية أكتوبر من العام الماضي.

وتؤشر هذه التصريحات على أن إجراء التعديلات قد اصطدمت بفيتو الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران، حيث سبق وأن حذر في يناير الماضي من أن يؤدي تعديل بعض فقرات الدستور العراقي إلى خلافات سياسية.

ويرى مراقبون أن الإطار التنسيقي عمل طيلة الفترة الماضية على عرقلة مناقشة هذه التعديلات بحجة أنها تحتاج إلى توافق سياسي ومفاوضات طويلة، مشيرة على لسان أحد قياداتها محمود الحياني إلى أن أي تعديل يحتاج إلى استفتاء شعبي وفي حال رفض ثلاث محافظات لهذا الاستفتاء يعني عدم حصول أي تغيير.

والعنوان العريض الذي كان من المؤمل أن تجري تحته آلية التعديلات الدستورية هو منع تكرار حالة الانسداد السياسي، عقب إعلان نتائج كل انتخابات، والتي استمرت بعضها لأكثر من عام، وتطورت أخيرا إلى صدام مسلح ما بين أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، والفصائل المسلحة المحسوبة على طهران بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر 2021، الأمر الذي دفع الصدر إلى العزلة السياسية.

وحدّد الخفاجي في تصريحات لصحيفة "الصباح" الرسمية اليوم الخميس ثلاث عقبات أدت إلى استبعاد طرح تعديل الدستور خلال الدورة البرلمانية الحالية.

وقال الخفاجي إنَّ "غياب الاتفاق السياسي الوطني والرؤية المشتركة التي تسهم في إنضاج التعديل الدستوري ومشكلات الوضع الراهن أدت إلى عدم طرحه للتعديل خلال الدورة البرلمانية الحالية بشكل فاعل وجدي رغم الإجماع الشعبي على ضرورته".

وأضاف أنَّ العمر الافتراضي للدساتير قد يتراوح بين 25 ـ 30 سنة بعدها يستوجب التعديل أو التغيير وفق البيئة السياسية والاجتماعية للبلد المعني، والعراق ليس استثناء من ذلك ويمكن أن تجرى التعديلات مبكرا جدا إن تطلب ذلك بغض النظر عن عمر الدستور وهذا ما نحتاجه حاليا.  

وتابع أنه جرت محاولات منها مبكرة ومنها متأخرة لتعديل الدستور إلا أنَّ جميعها تعثرت مما أدى إلى تجاوز تعديل دستور 2005 عمره الافتراضي وتعثر المحاولات المبكرة أو المتأخرة في تعديله وعدم جدية أغلبها بالحقيقة.  

وأوضح عضو مجلس النواب عن كتلة "إشراقة كانون"، أنَّ التعديلات التي نطمح لها يجب أن تكون ضمن سقف الممكن وأن تكون بسيطة وآثارها كبيرة، مثل معالجة النهايات السائبة والمفتوحة لبعض مواد الدستور، أو ترحيل المشاكل وعدم حسمها، وفي الحقيقة يعد هذا المورد الأكثر احتياجاً للتعديل الدستوري، فوجود استعمال وإسهاب كثير في مسائل مهمة أحالها الدستور إلى تشريع قانون، وهذا يدل على تجنبه الوقوف على نهايات مقفلة وحاسمة وبالتالي تعطيل هذه المادة لعدم تشريع قانون لها. 

وأشار الخفاجي إلى أنَّ هناك الكثير من الصياغات القانونية الدستورية يمكن أن تطرح للتعديل أيضا نظرا للمشكلات التي تحملها، ولا نغفل في نفس الوقت الإشكالية في تطبيق الدستور أصلا من قبل أغلب القوى السياسية حيث دأبت على العمل بخلاف الدستور وذلك من خلال التوافقات السياسية.  

وأكد أنه رغم صعوبة التوصل إلى رؤية موحدة في إجراء تعديلات جوهرية في الدستور مع وجود إجماع شعبي على ضرورتها، إلا أنّ التعديلات يجب أن تكون واقعية وضمن سقف الممكن دون أن نحلم بتعديلات كبرى لا يمكن تحقيقها في ظل الخلافات السياسية الراهنة.

وهناك كثير من المواد الجدلية في الدستور العراقي تحتاج إلى تعديل، من بينها تحديد الكتلة الكبرى الفائزة بالانتخابات التي تعنى بتشكيل الحكومة والمواد المتعلقة بثروات النفط من حيث الإدارة والتقاسم والتوزيع والمواد المتعلقة بعلاقة الأقاليم بالحكومة الاتحادية.

ويرى مراقبون أن بعض قوى الإطار لا تريد طرح التعديلات خلال الدورة البرلمانية الحالية، خصوصا مع وجود بعض الفقرات الجدلية قد تجدد المشاكل بين القوى السياسية في غياب الصدريين، مشيرين أن بدعة الكتلة الأكبر والتي ترسخ المحاصصة الطائفية، تلقى تأييدا واسعا بالإبقاء عليها في الدستور وخصوصا من طرف نوري المالكي زعيم ائتلاف "دولة القانون"، و قيس الخزعلي أمين عام "عصائب أهل الحق" وهادي العامري زعيم كتلة "الفتح".

وسبق أن قرر السوداني تكليف حسن الياسري مستشارا لرئيس الوزراء للشؤون الدستورية، الذي قدم بدوره الشهر الماضي، مشروعا لتعديل الدستور العراقي إلى رئيس الجمهورية عباللطيف رشيد، لم تكشف بعد تفاصيله، إلا أن الياسري لم يعلن أي خطوات جديدة بهذا الاتجاه، منذ التاسع عشر من الشهر الماضي، بعدما عرض الخطوط العريضة لمشروع التعديلات على رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.

وشكل مجلس النواب العراقي في عام 2019 لجنة لتعديل الدستور على خلفية الاحتجاجات الشعبية، إلا أن اللجنة لم تحقق أي تقدم باتجاه التعديلات، بسبب وجود رفض سياسي لذلك.

وتختلف وجهات النظر السياسية من ناحية المواد التي تحتاج إلى تعديل، مثل قانون المحكمة الاتحادية، وهي أعلى محكمة في العراق، وتتخصص في الفصل في النزاعات الدستورية، إضافة إلى تعديل فقرة نظام الحكم في الدستور، وتحويله إلى رئاسي أو شبه رئاسي، وكذلك "قانون المساءلة والعدالة، فضلاً عن الفقرات المرتبطة بالمحافظات، ومنها إنهاء الجدل حول عدد أعضاء مجلس النواب، فهناك مطالبات سياسية بخفض العدد، فضلا عن قوانين النفط والغاز، والمادة الـ140 من الدستور، المتعلقة بملف المناطق المتنازع عليها بين سلطتي بغداد وإقليم كردستان العراق، وقانون الهيئات المستقلة، والصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء باختيار وزرائه وإقالتهم والمحافظين.