مهرجان أفلام حقوق الإنسان يرفع شعار "المرأة، السلام والأمن"

"بيروت في عين العاصفة" يفتتح فعاليات المهرجان بقصص عن نساء لبنانيات.
الخميس 2023/03/02
مهرجان لا ينفصل عن توجهه الحقوقي

“المرأة، السلام والأمن” ثلاثي رأى المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان أنه لا يتجزأ، فتمكين المرأة في كل المجالات وخاصة منها الثقافية هو أحد العناصر الهامة لتحقيق السلام وحتى الأمن بين الشعوب، والأمر نفسه ينطبق على عنصري السلام والأمن، فلا يمكن تحقيقهما بتغييب المرأة عن الحضور اجتماعيا ولا يمكن الحديث عنهما دون الحديث عن المرأة، لذلك خصص المهرجان فعاليات دورته الثامنة لرصد العلاقة المتشابكة بين “المرأة، السلام والأمن” وانعكاساتها على المجتمع والقطاع السينمائي.

تونس - أعلنت الهيئة المديرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس أن الدورة الثامنة لهذه التظاهرة ستقام من الرابع إلى الثامن من مارس الجاري تحت شعار “المرأة، السلام والأمن”.

وكشفت الجمعية الثقافية التونسية للإدماج والتكوين “أكتيف”، الهيكل المنظم للمهرجان منذ سنة 2014، في ندوة صحافية التأمت بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي الثلاثاء، عن محتوى هذه الدورة التي ستعرض لجمهورها 37 فيلما تمّ انتقاؤها من ضمن 3400 فيلم، بحسب ما أفاد الناقد السينمائي وعضو هيئة المهرجان الناصر السردي. والأفلام التي اختيرت تمثل 16 بلدا هي تونس والمغرب ولبنان ومصر والعراق وفلسطين وإيران وتركيا وكولومبيا وكوريا وكندا وفنلندا وفرنسا وبلجيكا والنمسا وإسبانيا.

وتتسابق الأفلام المعروضة على 5 جوائز هي “أفضل فيلم روائي طويل” و”أفضل فيلم روائي قصير” و”أفضل فيلم وثائقي طويل” و”أفضل فيلم وثائقي قصير”، إلى جانب جائزة “أفضل فيلم تحريك” المحدثة خلال هذه الدورة. وستكون السينما التونسية ممثّلة في الدورة الحالية بأربعة أفلام هي “عبور” (روائي طويل) للمخرج منصف زهروني و”طريق الموت” (روائي قصير) لنصرالدين رقام و”عقرب مجنونة” (وثائقي طويل) للمخرج أكرم منصر و”نضال” (وثائقي قصير) لبسام بن إبراهيم.

نساء رائدات

المهرجان يكرم نساء رائدات من خلال معرض فوتوغرافي يسلّط الضوء على تجاربهنّ السينمائية إضافة إلى سيرة ذاتية لكلّ شخصية
المهرجان يكرم نساء رائدات من خلال معرض فوتوغرافي يسلّط الضوء على تجاربهنّ السينمائية إضافة إلى سيرة ذاتية لكلّ شخصية

تحتكم مسابقة الأفلام الروائية إلى لجنة مكونة من الباحثة والأكاديمية لمياء بلقايد قيقة وسيف الدين هلال (موسيقي أفلام) والمخرج سيد جزيب علي (الهند). أما مسابقة الأفلام الوثائقية فتحتكم إلى لجنة تتألف من المخرج أنيس الأسود والمخرجة عائدة شامخ والمخرج أيمن بردويل (فلسطين).

واختار المنظمون تكريم نساء رائدات في تاريخ السينما التونسية، وذلك تزامنا مع احتفال السينما التونسية بمئويتها. وتحتفي هذه الدورة بخمس نساء هنّ الممثلة هايدي تمزالي ابنة ألبير سمامة شكلي، وهي أوّل ممثلة تونسية في تاريخ السينما التونسية، حيث بدأت هايدي تجربة التمثيل في سن مبكرة مع أبيها سنة 1922 في أول فيلم له بعنوان “زُهْرَة” وهو أول فيلم خيالي تونسي. وقامت هايدي بكتابة السيناريو وكان لها في الفيلم دور البطولة، ثم توالت مشاركتها في السينما التونسية.

كما يكرم المهرجان الممثلة والمطربة حسيبة رشدي (1918 – 2012) والتي تعد واحدة من أشهر الفنانين في تاريخ الفن التونسي، تركت في رصيدها عددًا من الأغاني والأفلام الشهيرة.

ويكرم المهرجان الممثلة أنيسة لطفي التي يعرفها التونسيون في المسلسلات الرمضانية لكن لها أيضا مشاركات في المسرح والسينما ناهيك على الأفلام السينمائية مثل فيلم “دار الناس”، “الصراخ” و”وغدا”.

وقررت إدارة المهرجان تكريم الكاتبة والمخرجة ناجية بن مبروك وهي كاتبة سيناريو ومخرجة تونسية. واشتهرت على المستوى المحلي والعالمي عقب عملها على إخراج مجموعة من الأفلام لعل أبرزها فيلم “السّامّة” وكذلك الفيلم الوثائقي “حرب الخليج.. ماذا بعد؟”، وكذلك تكرم المخرجة سلمى بكّار وهي أوّل منتجة سينمائية تونسية منذ العام 1990، وفي 2006 حصلت على جائزة السينما بمناسبة اليوم الوطني للثقافة.

وسيتمّ الاحتفاء بالمكرّمات من خلال تنظيم معرض فوتوغرافي يسلّط الضوء على تجاربهنّ السينمائية إضافة إلى سيرة ذاتية لكلّ شخصية وأهم الأفلام التي شاركت فيها، كما يعرض على شاشة عملاقة فيديو قصير يختزل بعض تجاربهن السينمائية. وستكرّم إدارة المهرجان أيضا مدير التصوير أحمد بنّيس والأستاذة الجامعية في التاريخ المعاصر قمر بن دانة.

وتفتتح الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان يوم الرابع من مارس الجاري بقاعة سينما الطاهر شريعة بمدينة الثقافة بفيلم “بيروت في عين العاصفة” للمخرجة الفلسطينية مي المصري، وهو وثائقي طويل تتمحور أحداثه حول أربع شابات تملأهنّ روح الأمل والتغيير أثناء الانتفاضة اللبنانية في أكتوبر 2019، ولكن بعد بضعة شهور تغلق المدينة أبوابها بسبب فايروس كورونا المستجدّ وتبدأ آمال الشابات بالتلاشي. وبعد عشرة شهور من انطلاق الثورة تُفجع بيروت بحادث انفجار المرفأ (4 أغسطس 2020).

وعُرض الفيلم لأول مرة من بين ثمانية أعمال ضمن مسابقة الفيلم الوثائقي في مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط في دورته السابعة والعشرين.

أما مخرجة الفيلم مي المصري فهي مخرجة فلسطينية ولدت في عمّان وترعرعت في بيروت. درست السينما في جامعة سان فرانسيسكو الحكومية وأسست شركة نور للإنتاج في عام 1995 مع زوجها الراحل جان شمعون. وأخرجت عدة أفلام عرضت عالميا وفازت بأكثر من 90 جائزة. وعرض فيلمها الروائي الطويل “3000 ليلة” (2015) لأول مرة في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي وفاز بثماني وعشرين جائزة.

السينما تنتصر للمرأة

خخ

يتضمن سجلها السينمائي أفلام “أطفال جبل النار” (1990) و“حنان عشراوي، امرأة في زمن التحدي” (1995) و“أطفال شاتيلا” (1998) و“حدود الأحلام والمخاوف” (2001) و“يوميات بيروت” (2006) و“33 يوم” (2007) و“بيروت في عين العاصفة” (2021). وقامت بإخراج عدد من الأفلام المشتركة مع زوجها جان شمعون منها “تحت الأنقاض” (1983) و“زهرة القندول” (1986) و“بيروت – جيل الحرب” (1988) و“أحلام معلقة” (1992).

وفي هذا السياق، برمج المنظمون للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان ندوة حول دور السينما في مناهضة العنف ضدّ المرأة وفي الدفاع عن قيم الأمن والسلام وذلك بالاشتراك مع وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، حيث سيتم التعريف بـ“الخطّة الوطنية 1325”، وهي خطة أممية متعلّقة بالمرأة والسلم والأمن، التي صدرت منذ العام 2000 واتبعتها العديد من الدول العربية، وتختص في تمكين النساء والفتيات من خلال إحداث فضاءات متعددة الاختصاصات لإحداث مشاريع نموذجية في المناطق الحدودية المهددة بخطر الإرهاب والتطرف العنيف والمناطق ذات الكثافة السكانية التي تعاني من الفقر والتهميش وتثمين المنتجات التي تعتمد سلسلة القيمة ومبادئ الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتطوير البنية التحتية اللازمة.

وسيتناول النقاش أيضا دور السينما في الدفاع عن حقوق النساء ومناهضة العنف ضدّ المرأة وترسيخ قيم الأمن والسلام. كما ينظّم المهرجان على مدى هذه الدورة ورشة في النقد السينمائي لأفلام حقوق الإنسان تستقطب الصحافيين والطلبة والمولعين بالنقد السينمائي المهتمين بتحليل الأفلام والكتابة عنها.

ويزور المهرجان أربع جهات داخل تونس هي توزر وقابس والقصرين والمهدية، حيث سيتم عرض 13 فيلما في هذه الجهات. وتحدّثت مديرة الدورة ريم بن منصور خلال الندوة الصحافية عن هوية المهرجان المتمثلة في نشر ثقافة حقوق الإنسان والدفاع عنها، من خلال تسليط الضوء في كل دورة على محاور تهتم بحقوق الإنسان، قائلة إن أغلب الأفلام التي سيتم عرضها تتمحور حول قضايا النساء من زوايا عديدة منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وتجدر الإشارة إلى أن الدخول لمتابعة مختلف عروض هذه الدورة سيكون مجانا للعموم، وستعرض الأشرطة الروائية بقاعة الطاهر شريعة والأشرطة الوثائقية بقاعة عمر الخليفي بمدينة الثقافة الواقعة في العاصمة التونسية.

14