حزمة مبادرات عُمانية واعدة لتحفيز تنافسية قطاع الأعمال

مسقط - اتسعت طموحات سلطنة عمان لجعل مناخ الأعمال أكثر جاذبية للاستثمار ضمن مساعيها الدؤوبة للتحول إلى وجهة منافسة بين بقية أسواق الخليج والشرق الأوسط، بإعلان صندوقها السيادي الاثنين عن حزمة مبادرات واعدة في هذا المضمار.
وأطلق جهاز الاستثمار أربعة برامج لتعزيز القيمة المضافة في الاقتصاد ضمن مشروع “قمم”، تمثلت في القائمة الإلزامية وأيضا تطوير الموردين، وثالثا تخصيص المنتجات والخدمات للسوق المحلي، وأخيرا المبادئ التوجيهية للبحث والتطوير والابتكار.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن ناصر الحارثي نائب رئيس جهاز للعمليات خلال حدث أقيم في مسقط الاثنين إن “الجهاز يولي اهتماما كبيرا بتمكين القطاع الخاص وإثراء المحتوى المحلي وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحفيزها”.
ولتحقيق أهدافه قام الصندوق قبل فترة بإنشاء مديرية عامة تُعنى بالقيمة المضافة والبحث والتطوير والابتكار، إلى جانب الاستثمار الاجتماعي بما يسهم في تنمية الاقتصاد وتطوير سوق تنافسي مستدام للسلع والخدمات ورأس المال البشري العُماني.
وأوضح المعتصم السريري مدير عام القيمة المحلية المضافة في جهاز أن هناك 6 محاور رئيسة تتمحور حولها أعمال المديرية في الجهاز.
وتشمل تلك المحاور التخطيط الإستراتيجي لوضع برامج وسياسات تعزز المحتوى المحلي، والإسهام في تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتمكين الكوادر الوطنية وتطوير الموردين المحليين وتعظيم الاستفادة من البحث والتطوير والابتكار.
وعلاوة على ذلك حوكمة برامج الاستثمار الاجتماعي، بالإضافة إلى متابعة أداء الشركات التابعة للجهاز في المحتوى المحلي.
وقال السديري إن المبادرات الجديدة “تستهدف دعم السوق المحلي من مقدمي المنتجات والخدمات وإعطاء الأولوية للمنتجات المحلية والتشجيع على التصنيع بدلا من الاستيراد”.
وأشار إلى أن أبرز الأهداف هو تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على الدخول في المنافسة، وبناء قدرات الموردين المحليين وزرع ثقافة البحث والتطوير والابتكار لدى الشركات التابعة للجهاز.
ودأب جهاز الاستثمار منذ تأسيسه قبل أكثر من عامين على إطلاق العديد من البرامج والمبادرات والسياسات واللقاءات لتعزيز القيمة المحلية المضافة.
ومن بين تلك البرامج تخصيص المشتريات التي لا تزيد قيمتها على 10 آلاف ريال (قرابة 26 ألف دولار) للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحاصلة على بطاقة ريادة الأعمال، إلى جانب تخصيص 10 في المئة من المشتريات في الجهاز وشركاته.
وبالإضافة إلى ذلك إعفاؤها من رسوم المناقصات وإعطاء ما نسبته 10 في المئة كتفضيل لها في المشتريات والعقود التي تقدر قيمتها بين 10 و50 ألف ريال (26 و130 ألف دولار) في المواد والخدمات وغيرها.
وفي دليل على جدية مسقط في هذا المنحى وقعت شركات مملوكة للجهاز خلال الحدث اتفاقيات مع مؤسسات محلية من بينها شركات صغيرة ومتوسطة، بقيمة تبلغ 2.6 مليار دولار، شملت التعاون في مجالات البحث والتطوير والابتكار والقيمة المحلية المضافة.
وأبرمت مجموعة أسياد للوجستيات اتفاقيتين تتعلق الأولى ببدء مشروع مع شركة رحال الناشئة لتطوير مستودع للبيانات باستخدام أحدث التقنيات الرقمية وعلم البيانات، بينما تتعلق الثانية بشراكة مع الجامعة الألمانية لتطوير تقنية تسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية من سفن الشحن.
كما وقعت شركة نماء القابضة ثلاث اتفاقيات تصل مدة بعضها إلى خمس سنوات مع شركات عُمانية لمشاريع تشمل توريد الكابلات والموصّلات وتوريد المفاتيح الكهربائية وتوريد محولات الجهد المنخفض.
فيما أبرمت شركة تنمية أسماك عُمان اتفاقية تعاون مع شركة خط الوسطى العالمية إحدى المؤسسات الصغيرة لإنشاء مصنع إنتاج صناديق حفظ المنتجات السمكية وتخزينها بقيمة 1.3 مليون دولار.
أما هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فأبرمت مذكرة تفاهم مع كريدت عُمان للمساهمة في تنمية التجارة الرقمية.
وكانت الحكومة قد أطلقت الشهر الماضي برنامج الاستثمار وتنمية الصادرات (نزدهر)، والذي يأتي ضمن مُسرّعات الاقتصاد في محور التنمية لرؤية 2040.
ويهدف البرنامج إلى تكثيف جهود الدولة لاستقطاب الاستثمارات وإيجاد بيئة محفزة للأعمال وتنمية الصادرات بما يتناسب مع الخطة الخمسية الراهنة التي تنتهي في 2025.
ويؤكد ثبات نمو الاقتصاد ومتانته حتى مع التدابير الاحترازية للوباء صواب خطط الإصلاح، إذ تعول الحكومة على تنمية كافة المجالات، وخاصة القطاع غير النفطي، كونها أحد صمامات الأمان لتحقيق أعلى مؤشرات للناتج المحلي الإجمالي.
وفي نوفمبر الماضي أكدت وكالة موديز نظرتها المستقبلية للاقتصادي العماني عند درجة إيجابية بفضل سياسة مسقط التي مكنتها من جمع أصول احتياطية جديدة والشروع في تنفيذ حزمة من المشاريع التنموية، والتي كانت بطيئة خلال فترة الوباء وقبل ذلك بسنوات.
وشرعت السلطنة العام الماضي في منح تأشيرات إقامة طويلة الأجل لمستثمرين أجانب فيما تطبق الدولة الخليجية المثقلة بأعباء الدين إصلاحات واسعة لتصحيح أوضاعها المالية الواهنة.
ويرى محللون أن القرار سيدعم مناخ الأعمال وسيعمل على توفير بيئة مشجعة على نمو ونجاح المشاريع الاستثمارية، وسيعطي الوجهة العمانية مكانة تنافسية إقليميا ودوليا.
وبينما تعول مسقط كباقي جيرانها في منطقة الخليج على جذب الحلقات الأساسية في صناعة التكنولوجيا والتقنية والذكاء الاصطناعي ضمن مشاريعها الطموحة لتنويع إيراداتها، لكنها قد تصطدم بتحديات تتمثل في عدم إمكانية نقل المعرفة اللازمة من دول العالم المتقدم.
ونظرا إلى أن الاستثمار في المعرفة سيكون الأكثر ربحية على المدى المتوسط، فإن محللين يرجحون أن تزيد كلفة نقل وامتلاك التقنيات والتكنولوجيا اللازمة لبناء اقتصاديات المعرفة التي تراهن عليها مسقط.