الإمارات وراء سماح الأسد بمساعدة منكوبي الزلزال في مناطق المعارضة

التحرك الإماراتي فتح الباب أمام تقارب عربي مع سوريا.
الجمعة 2023/02/24
الشيخ عبدالله بن زايد يقنع الأسد بأن من مصلحته فتح المعابر

دمشق- قالت مصادر إن الرئيس السوري بشار الأسد سمح بتوصيل المزيد من المساعدات إلى المتضررين من الزلزال شمال غرب بلاده، بعد تدخل من الإمارات، وهو ما يمثل انتصارا دبلوماسيا وإنسانيا لأبوظبي التي برزت بشكل لافت من خلال تحرك مكثف لتقديم المساعدات إلى المناطق المنكوبة في تركيا وسوريا.

ويأتي تحرك أبوظبي لإقناع الرئيس السوري بالموافقة على عبور قوافل مساعدات من الأمم المتحدة إلى المناطق المتضررة، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، ضمن المقاربة الإنسانية التي تقوم على تجاوز الاعتبارات السياسية خلال الأزمات والتفكير في أولوية تسريع المساعدات لإنقاذ الأرواح.

◙ الكارثة خلقت "دبلوماسية الزلزال" التي دفعت نحو الانفتاح مع دمشق والتعاون الإنساني على مجابهة هذه الكارثة

وقال مصدر رفيع المستوى على دراية بتفكير الحكومة السورية ومصدر دبلوماسي كبير إن وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ناقش مسألة المعابر مع الأسد في دمشق يوم 12 فبراير، أي قبل يوم واحد من إعلان موافقة الأسد.

وأضاف المصدر القريب من الحكومة السورية أن “وزير الخارجية الإماراتي حث الأسد على تقديم بادرة حسن نية تجاه المجتمع الدولي. وقال له هذه فرصتك لإظهار التعاون بموضوع المعابر، الكل الآن يتطلع إلى فتح المعابر أمام المساعدات وهذه ستكون نقطة مفصلية”، لافتا إلى أن الأسد وعد خيرا وهذا ما حصل.

وقال المصدر الدبلوماسي الكبير إن إحدى النقاط الرئيسية التي أثارها كانت الحاجة الملحة إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بأيّ طريقة كانت.

وبعد إقناع  الأسد أشار الشيخ عبدالله بن زايد إلى أن مارتن غريفيث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة سيزور دمشق في اليوم التالي للاطلاع على موقف دمشق من عبور المساعدات.

وأعلنت الأمم المتحدة قرار الأسد بعد ساعات من لقاء غريفيث بالأسد في دمشق. وقال المصدر رفيع المستوى إنه يجب عدم الاستهانة بدور الإمارات في إقناع الأسد.

وكشف مصدر سوري مقرب من الخليج أن الإمارات استخدمت “قوتها الناعمة” مع الأسد، وقال مسؤول تركي أيضا إن الإمارات لعبت دورا في إقناعه.

◙ الإمارات أرسلت 88 طائرة محملة بنحو ثلاثة آلاف طن من المساعدات إلى سوريا في تجل لتدفق أكبر للدعم العربي
الإمارات أرسلت 88 طائرة محملة بنحو ثلاثة آلاف طن من المساعدات إلى سوريا في تجل لتدفق أكبر للدعم العربي

ويرى مراقبون أن الإمارات بإعادة علاقتها الدبلوماسية مع سوريا وتركيا باتت الطرف العربي الأكثر قدرة على التأثير في الملف السوري، وأن التحرك الإنساني العاجل كشف عن الفرص التي باتت تمتلكها أبوظبي من أجل المساعدة في التوصل إلى حل.

وكانت تقارير مختلفة قد أشارت إلى تحرك إماراتي للتقريب بين تركيا وسوريا والسعي لتأمين لقاء بين الرئيس السوري ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وفقد الأسد السيطرة على معظم الحدود السورية مع تركيا منذ سنوات. ومنذ ذلك الوقت عبرت قوافل مساعدات من جانب واحد، من منظمات غير حكومية أو دول، إلى الشمال الغربي السوري.

لكن وكالات الأمم المتحدة، التي تدير في سوريا واحدة من أكبر عمليات الإغاثة في العالم، قالت إنها لن تعبر الحدود دون موافقة الحكومة السورية أو تفويض من مجلس الأمن الدولي.

وبعد وقوع الزلزال حصلت وكالات الأمم المتحدة على تصريح من مجلس الأمن باستخدام معبر واحد توقف مؤقتا عن العمل. ومكنتها موافقة الأسد من استخدام معبرين آخرين لمدة ثلاثة أشهر.

وجاءت موافقة الأسد في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تضغط من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن يسمح بالمزيد من دخول المساعدات، وهو ما لم تكن روسيا حليفة الأسد تعتقد أنه ضروري.

ولطالما احتدم الجدل بين موسكو ودول غربية في مجلس الأمن بشأن تقديم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا بحجة أن هذا ينتهك سيادة الدولة السورية.

وكشف مصدر دبلوماسي روسي، تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن موسكو كانت ستمنع صدور قرار يسمح بتوسيع وصول المساعدات من تركيا.

وقال مسؤول إماراتي في بيان لرويترز إن الإمارات قدمت إلى سوريا مساعدات منذ وقوع الكارثة، مرسلة 88 طائرة محملة بنحو ثلاثة آلاف طن من المساعدات في تجل لتدفق أكبر للدعم العربي. وأضاف أن هناك “حاجة ملحة إلى تعزيز الدور العربي في سوريا”.

◙ التحرك الإماراتي يأتي ضمن مقاربة تقوم على تجاوز الاعتبارات السياسية والتفكير في أولوية المساعدات لإنقاذ الأرواح

وكان الرئيس السوري قد قام بزيارة إلى الإمارات في مارس العام الماضي وصفت بالتاريخية لكونها الأولى إلى دولة عربية بعد اندلاع الحرب الأهلية في 2011.

وبعد الزلزال تحركت دول عربية أخرى، منها دول حليفة للولايات المتحدة، لاستعادة العلاقات مع الأسد.

وزار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق للمرة الأولى منذ 2011، وأجرى الأسد أول مكالمة هاتفية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وقام الرئيس السوري بعد الزلزال أيضا بزيارة رسمية إلى سلطنة عمان.

وقال مصدر خليجي إن الكارثة خلقت “دبلوماسية الزلزال” التي دفعت نحو الانفتاح مع دمشق والتعاون الإنساني على مجابهة هذه الكارثة.

وأضاف المصدر “لقد أمضى الأسد السنوات الإحدى عشرة أو الاثنتي عشرة الماضية موليا وجهه شطر موسكو وطهران والآن عاد إلى التواصل مع جيرانه العرب”.

1