الأردن يبشر بقرب وقف التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين

أدت الضغوط الدبلوماسية التي قادها الأردن بمعية مصر والولايات المتحدة، حسب محللين، إلى إجبار إسرائيل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لبحث آليات وقف التصعيد ضد الفلسطينيين وتحريك العملية السياسية وهي خطوة رفضتها تل أبيب من قبل.
عمان- قالت مصادر أردنية إن الضغوط الدبلوماسية التي مارستها المملكة أفضت إلى تعهدات إسرائيلية بوقف التصعيد قريبا في الضفة الغربية، فيما كشفت مصادر فلسطينية عن اجتماع إسرائيلي – فلسطيني الأسبوع المقبل في عمان بمشاركة مصر والولايات المتحدة لبحث تحريك العملية السياسية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية فيصل الشبول، إن هناك “إشارات” تصل الأردن للذهاب نحو “التهدئة” في الأراضي الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي سيكون من “المهم إن تم الالتزام” بها خاصة مع اقتراب حلول شهر رمضان.
ويرى مراقبون أن الحملة الدبلوماسية الدولية التي قادها الأردن للضغط على تل أبيب ووقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية قد أتت أكلها، إلا أن الاستمرار في التقيّد بها يبقى رهين التطورات الميدانية.
ويشير هؤلاء إلى أن الاحتجاجات التي تعصف بتل أبيب جراء الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي يعتزم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تمريرها توفر أيضا عاملا مساعدا للتهدئة الخارجية مع الفلسطينيين.
وكشفت مصادر فلسطينية أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني سيعقدان الأسبوع المقبل اجتماعا للاتفاق على وقف للإجراءات الأحادية وتحقيق التهدئة وخفض التصعيد.
وأشارت المصادر إلى أن الفلسطينيين والإسرائيليين وافقوا أيضا على المشاركة في اجتماع يضم مصر والأردن والولايات المتحدة بالعاصمة الأردنية عمان للبحث في سبل تحريك العملية السياسية.
ويشعر الأردن بالقلق إزاء احتمال التصعيد الإسرائيلي – الفلسطيني، حيث أنه الدولة الأكثر تأثرا، سواء للأفضل أو الأسوأ، بنتيجة التطورات في هذه العلاقات. وكما مهدت اتفاقات أوسلو الطريق في عام 1993 لتوقيع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في العام التالي، تؤدي التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين مرارا وتكرارا إلى إثارة مظاهرات ومعارضة عامة في الأردن والذي يعتبرها تهديدا للاستقرار.
ويقدر المتابعون للعلاقات الإسرائيلية – الأردنية أنه لن يكون هناك أي ضرر للعلاقات الأمنية بين الدول، فالعلاقات بين الأجهزة الأمنية قوية ولا يترتب على تكليف وزير أو آخر إضرار بالعلاقة، لكن في النهاية مفتاح العلاقة في يد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، فهو الذي بإمكانه منح نتنياهو فرصة أخرى بعد الأزمات الحادة بينهما على مر السنين.
ويشير المتابعون إلى أن العقبة التي يمكن أن تتحدى العلاقات بين المملكة وتل أبيب هي الفلسطينيون الذين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ومن المرجح أن يضغطوا على الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، لتجميد علاقاتها مع إسرائيل وجعلها تدرك أنها تدفع ثمن إقامة حكومة فيها عناصر مرتبطة باليمين المتطرف.
التوترات زادت منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر مع وجود قوميين متدينين في مناصب وزارية رئيسية، وتوعدهم بموقف أكثر صرامة
وتشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية حالة توتر شديد، عقب اجتياح إسرائيلي لمخيم جنين (شمال) الشهر الماضي أسفر عن مقتل 9 فلسطينيين، أعقبته عملية إطلاق نار في القدس قتل فيها 7 إسرائيليين.
وزادت التوترات منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر مع وجود قوميين متدينين في مناصب وزارية رئيسية، وتوعدهم بموقف أكثر صرامة وإثارتهم لمشاعر الغضب لدى الفلسطينيين.
ومنذ فوز أحزاب اليمين الديني المتطرف في الانتخابات الأخيرة وعودة نتنياهو إلى السلطة وإحاطة نفسه بائتلافات متشددة، يتقدمها حزب الصهيونية الدينية و”عوتسما يهوديت” (العظمة اليهودية أو القوة اليهودية)، تسود مخاوف من تصعيد عسكري إسرائيلي خطير قد يفجر موجة عنف وعنف مضاد، متنقلا بين القدس وأحيائها وإلى مدن الضفة وقراها.
وتدفع هذه الأحزاب إلى تغيير قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين، ويركز إيتمار بن غفير زعيم القوة اليهودية والذي تولى منصب وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، على دعم الاستيطان في الضفة وتصعيد المواجهة مع الفصائل الفلسطينية وتضييق الخناق على العرب داخل إسرائيل.
وإلى حد الآن تبدو المؤشرات على نشوب حرب ضعيفة، لكن ثمة بوادر على استدعاء الحرب وسط تصعيد إسرائيلي وتهديدات فلسطينية بالرد.
اقرأ أيضا:
ويقول محللون إنه بعد إراقة الدماء في القدس والضفة الغربية وبعد شهر من وصول أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية إلى السلطة، تغامر إسرائيل والفلسطينيون بالانزلاق إلى دائرة مواجهة أوسع. ويتفاقم العنف باستمرار، بعد أن أصبحت آفاق التقدم السياسي أكثر قتامة مما كانت عليه منذ سنوات.
وتوقفت آخر جولة من المحادثات التي كانت ترعاها الولايات المتحدة بشأن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في عام 2014. وتضم حكومة نتنياهو المتشددة الجديدة شركاء يعارضون قيام دولة فلسطينية.
وحذر مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.أي.إيه) ويليام بيرنز، بعد زيارته إسرائيل والأراضي الفلسطينية قبل أسابيع، من أن الوضع الهش في المنطقة والعنف المتصاعد بين الإسرائيليين والفلسطينيين قد يؤديان إلى اندلاع انتفاضة ثالثة.
وقال المسؤول الأمني الكبير “كنت دبلوماسيا أميركيا كبيرا قبل 20 عاما أثناء الانتفاضة الثانية، وأشعر، مثل زملائي في مجتمع الاستخبارات، بالقلق من أن الكثير مما نراه اليوم له تشابه غير سعيد للغاية مع بعض ما رأيناه في ذلك الوقت أيضا”.