قيس سعيد يحذر من مخطط لتوطين مهاجري أفريقيا لتغيير التركيبة السكانية

الرئيس التونسي يدعو إلى وقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا أن هدفها غير المعلن هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط.
الأربعاء 2023/02/22
مشروع توطين في تونس أم بحث عن لقمة العيش

تونس - حذر الرئيس التونسي، مما قال إنه "مخطط إجرامي" لتوطين مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء في بلاده بهدف تغيير التركيبة السكانية، بالتزامن مع حملة مناهضة لوجود هؤلاء الأفارقة، ودعوات لترحيلهم إلى بلدانهم، في قضيّة جدّدت الجدل حول موضوع التمييز العنصري.

وشدّد سعيد على وجوب اتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكدا أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم"، وفق بيان للرئاسة التونسية.

وجاءت تصريحات سعيّد خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي "خُصّص للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس".

وفي الاجتماع أبدى الرئيس التونسي تشدّدا كبيرا حيال تدفّق "جحافل المهاجرين غير النظاميين"، مع ما يؤدّي إليه من "عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة فضلاً عن أنها مجرّمة قانونا"، مشددا على "ضرورة وضع حدّ بسرعة لهذه الظاهرة".

واعتبر الرئيس التونسي أنّ "هذه الموجات المتعاقبة من الهجرة غير النظامية الهدف غير المعلن منها هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط، ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية".

ودعا سعيّد إلى "العمل على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس ولاجتياز الحدود خلسة".

وبحسب بيان الرئاسة التونسية اعتبر سعيّد أن "من يقف وراء هذه الظاهرة يتّجر بالبشر ويدّعي في نفس الوقت أنه يدافع عن حقوق الإنسان". وأشار إلى "ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة السكانية لتونس" من أجل "توطين المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء" في البلاد.

وأتت تلك الدعوات فيما أصبح وجود المهاجرين لافتا للانتباه في الشوارع والمدن التونسية، حيث انخرط بعضهم في سوق العمل وأصبحوا يعملون في المقاهي والمطاعم وجني الزيتون وهي مهن تشهد نفورا من التونسيين، بينما لجأ آخرون إلى التسوّل في الشوارع والأسواق.

وقد أعاد هذا الوضع الجدل في البلاد حول وضعية اللاجئين الأفارقة في تونس، بعد تضاعف أعدادهم وتشكلّهم في تجمّعات كبيرة وسط الأحياء، وعقب سلسلة جرائم وأعمال عنف نفذها عدد منهم، بين من يدعو إلى ترحيلهم لتفادي "الفوضى المحتملة" التي يمكن أن ينجم عنها وجودهم غير القانوني، ومن يطالب السلطات بضرورة التكفل بهم وتمكينهم من التمتع بحقوقهم الأساسية.

ومنذ أيام، يواجه المهاجرون أياما صعبة على وقع حملة أمنية وسياسية وشعبية منظّمة، حيث اعتقلت السلطات الأمنية عددا منهم بتهمة اجتياز الحدود خلسة، كما دعت حكومة نجلاء بودن خلال نهاية العام الماضي إلى "ضرورة الشروع في ترحيل المهاجرين غير القانونيين في أقرب وقت ممكن".

أما ميدانيا، فأطلق الحزب القومي التونسي، حملة لدفع السلطات على "طرد المهاجرين" وتطبيق القانون، معتبرا أن هناك مخططا لـ"الاستيطان"، وهي حملة وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي وانخرط فيها صانعو المحتوى والمؤثرون وكذلك الأحزاب وشخصيات سياسية والفنانون.

وانقسمت المواقف بين من يدعو إلى إعادتهم لبلدانهم، ومن يعتبر أن الحلّ ليس بإقصائهم وممارسة التمييز ضدهم.

وقال الأمين العام للحزب حسام طوبان، إن "خطابنا واضح منذ بدأنا الحملة منذ عام ونصف العام، ومن يتهمنا بالعنصرية نجيبه بأننا لا نريد سوى تطبيق القانون، فالإشكال ليس في اللون أو الجنس، نطالب بترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين يرتكبون جرائم، ونطالب بتطبيق القانون 7 الصادر عام 1968 وهو الحاسم في تلك المسألة".

ويتضمن القانون المذكور خمسة أبواب تتعلق بوضع الأجانب في تونس، والحالات التي يجب فيها طردهم أو منحهم بطاقة الإقامة أو العقوبات التي تسلّط في حالات معينة.

وأبرز طوبان أن "الحزب يطالب بفرض تأشيرة على القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وكانت مقررة قبل إلغائها في عام 2014، ولا نطالب سوى بتطبيق القانون واليوم نشهد تقدماً في حملتنا من خلال نشر الوعي لدى التونسيين بوجود مشروع استيطاني بدعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي، فالمشكلة ليست في الهجرة، بل في المشروع".

ولفت إلى أن "الحزب قدم تقريراً مفصلاً حول هذا المشروع إلى السلطات من رئاسة جمهورية ورئاسة حكومة وولاة، وعلى ضوء هذا التقرير تم استدعاؤنا وعقدنا جلسات معهم، حيث طلبنا إجراء تحقيقات حول منظمات وأحزاب أنشأها هؤلاء المهاجرون في تونس بشكل غير قانوني".

وشدد على أن "الحزب ليست لديه أيّ مشكلة مع المهاجرين، بل يحذر من سعي أوروبا إلى التخلص من الأفارقة بتوطينهم في تونس، والأزمة تكمن هنا في التغيير الديموغرافي للبلاد".

ويصطدم هذا الخطاب بانتقادات حادة خصوصاً أن تونس سبق أن صادقت في عام 2018 على قانون يتعلق بالتصدي والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

وفي هذا السياق، نددت 20 منظمة وجمعية تونسية بتنامي الخطاب العنصري ضد المهاجرين الأفارقة من بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي انتقد ما سماها بـ"حملة التحريض التي تستهدف المهاجريين الوافدين من بلدان جنوب الصحراء"، وقال إنّها "اتخذّت منحى خطيرا".

كما استنكر المنتدى عدم تحرك أجهزة الدولة في تتبّع "الخطابات العنصرية" التي تستهدف المهاجرين وملاحقة الضالعين في نشر الكراهية، معتبرا أن هذه الحملة اتّخذت غطاء رسميا وهي نتيجة لضغوط أوروبية من أجل التضييق على "المهاجرين الأفارقة" والحدّ من الهجرة غير الشرعية.

ولا توجد أرقام رسمية لعدد المهاجرين الأفارقة في تونس بينما تقدر منظمات غير حكومية أعدادهم بنحو مليون أو مليون و500 ألف لاجئ قدموا إثر تفجر الوضع في ليبيا عام 2011، بعد انتفاضة شعبية ضد حكم الزعيم الراحل معمر القذافي انتهت بغرق البلاد في فوضى أمنية سهّلت عمليات مرور المهاجرين الطامحين للعبور إلى أوروبا.