دار الشعر بمراكش تستضيف جغرافيات شعرية من مختلف القارات

مراكش (المغرب) - أعرب الشاعر الأميركي مارك ليبمان عن سعادته بأن يتوج قراءاته الشعرية في دار الشعر بمراكش، وأمام جمهور عاشق لبهاء الحرف والكلمة بجميع الألسن، أما وأن يكون اللقاء في أيقونة المدن مراكش، فهذا ترسيخ لمكانة هذه المدينة والتي صنفت السنة الماضية ضمن عشر أفضل وجهات سياحية بالعالم و”إحدى المدن الرائعة التي يتعين زيارتها”، وذلك حسب تصنيف أنجزته المجلة البريطانية المتخصصة “وندرلوست”.
والتئم شعراء من ثلاث قارات في أمسية شعرية واحدة، وفي دار الشعر بمراكش ضمن فقرة جديدة من برنامجها الثقافي “شاعر ومترجمه”، وهي الفقرة التي سبق للدار أن افتتحتها سنة 2020 باستضافة الشاعر الكولومبي خورخي توريس ميدينا إلى جانب مترجمه المغربي خالد الريسوني.
تجارب شعرية تنتمي إلى جغرافيات ثقافية مختلفة، أوروبية وأميركية وأفريقية، وبمرجعيات تمتح من الراهن ومفارقاته: الشاعر والكاتب والفنان الأميركي مارك ليبمان، إلى جانب مترجمه الشاعر والمترجم والباحث الأكاديمي المغربي الحبيب الواعي، والشاعرة والروائية لوسيل برنار والشاعر والكاتب يوسف غرنيط، في استضافة شعرية وربطا لجسور الحوار والتواشج بين متون نصية إبداعية من مختلف الجنسيات.
وهي لحظة استضافة حوارية تسعى لمد جسور التواصل بين الشعراء، كما أنها استضافة رمزية لتجارب شعرية تنتمي لجغرافيات متعددة، لكن جامعها هو القصيدة والأفق الإنساني المشترك.
وافتتح فقرة “شاعر ومترجمه” الشاعر الأميركي ليبمان، وهو كاتب وشاعر وفنان وناشط أميركي، مؤسس دار فغابوند للنشر ومهرجان كالفرسيتي للكتاب بكاليفورنيا ومهرجان إلبا للشعر بإيطاليا، وقد سبق له أن توج بجائزة جو هيل لابور للشعر 2015 وجائزة الكتاب اللاتيني الدولية 2016 (إيطاليا).
ومن متنه الشعري اختار الشاعر أن يفتتح مختاراته بنص قصير يقول “في زمن الحرب/ تكون الحقيقة/ الضحية الأولى..”، ليواصل قراءة نصوصه الشعرية والتي تصدح بقيم البحث عن ربط الشعر بقضايا العدالة الاجتماعية المشتركة، في نقد صريح للحروب ونشدان مجتمع السلم والمحبة والصفاء الإنساني.
وحرص الأكاديمي والمترجم والفنان الموسيقي الحبيب الواعي على قراءة ترجمات قصائد الشاعر ليبمان إلى اللغة العربية، ضمن مختارات من نصوصه التي ألقاها أمام جمهور الشعر وتفاعل معها في تناسج خلاق. والمترجم المغربي الواعي، وهو شاعر ومترجم وباحث مغربي أصدر العديد من الترجمات والنصوص الإبداعية، خبر عن قرب تجربة ليبمان وأعد ترجمة كاملة لتجربته الشعرية والتي تتوزع بين “الحب والدعوة إلى السلم”.
وفي فقرة “محبة المكان” قدمت دار الشعر بمراكش لجمهورها تجربة شعرية من فرنسا، تقيم بين ضفتين (المغرب وفرنسا)، وهي الشاعرة والروائية لوسيل برنار والتي قدمت نصا بثلاثة أوجه، ضمن انتقال شعري مشهدي.
استضافة حوارية لمد جسور التواصل بين الشعراء، كما أنها استضافة رمزية لتجارب شعرية تنتمي لجغرافيات متعددة، لكن جامعها هو القصيدة والأفق الإنساني المشترك
قصائد برنار قريبة من أسئلة الراهن الشعري، من خلال التقاطها التفاصيل اليومية ومن شعرية الأمكنة واستعارتها، وانتهت إلى مشهد قصير عن المكان/ مراكش “حيث تبدو اليد التي تكتب وهي تلوح للباب وللغريب، عن سحر الضوء والرائحة القادم من نهاية الأفق”.
وتنفتح تجربة المبدعة برنار على أجناس تعبيرية أخرى، كالروايات والقصص القصيرة والمقالات إلى جانب الشعر، وتدير لوسيل بمراكش مركزا للإبداع الفني كمكان للتلاقي والتبادل بين مختلف الثقافات.
وانتهى الشاعر والكاتب المغربي يوسف غرنيط، وهو مهندس معماري يقيم في مراكش وشاعر يكتب باللغة الفرنسية (له كتب مراكش في 80 يوما، والسعادة أربعة فصول)، ومولع بشعر عمر الخيام، إلى روائح المكان ومجازاته من خلال قراءة نصوص شعرية قصيرة تلتقط “الشخوص، الأمكنة، والمحكيات التراثية الصغرى، والتفاصيل البسيطة”، لينسج منها قصائد ظلت تسافر بين “أرابيسك” وهندسات المعمار واللغة الشعرية.
الشاعر غرنيط، والذي يدين بتجربته الشعرية لوالده، الشاعر الذي ظل يكتب ويخزن مخطوطاته، قدم ضمن “معارضات” لبعض النصوص الشعرية العربية المشهورة لمحمود درويش، لوحة شعرية بحس فني مسرحي. ليختتم المبدع والفنان الواعي فقرة “شاعر ومترجمه” بتقديم مقامات موسيقية، على آلة الساكسوفون، في لقاء شعري التئم نسيج التعدد شعريا في مكان واحد: بدار الشعر مراكش.
فقرة “شاعر ومترجمه”، وإلى جانب فقرة “شعراء بيننا”، هي نوافذ دار الشعر بمراكش على شعريات كونية مقيمة بيننا، في سفر بين نصوص شعرية وفي تناغم خلاق بين متون الشعر بجميع الألسن، وفي انتقال واع للمزيد من إبداع وتنويع برامج وفقرات الدار وانفتاحها على المنجز الشعري المغربي والعربي والكوني، ضمن برمجتها العادية للموسم السادس.