هل يعج السجن النموذجي في مصر بالانتهاكات؟

نزلاء سجن بدر يشكون التعذيب الممنهج وظروف الاحتجاز التي تهدد حياتهم.
الخميس 2023/02/16
السجل الحقوقي يؤرق القاهرة

القاهرة - قال أقارب سجناء وجماعات حقوقية إن أحد السجون الجديدة الذي وصفته مصر بأنه نموذج للإصلاح وتحتجز فيه بعض أبرز السجناء، يحرم النزلاء من الرعاية الصحية ويخضعهم لمعاملة عقابية تشمل العزل.

والكثير من السجناء القابعين الآن في سجن بدر، على أطراف مدينة القاهرة، تم نقلهم من سجن طرة القديم الواقع في إحدى الضواحي الجنوبية للمدينة حيث كان يتم احتجاز سجناء من بينهم قادة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وغيرهم من النشطاء السياسيين.

وتقدر جماعات حقوقية أن عشرات الآلاف سُجنوا بسبب المعارضة السياسية في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ويشكون منذ فترة طويلة من انتهاكات بما في ذلك التعذيب الممنهج وظروف الاحتجاز التي تهدد الحياة.

ونفت الحكومة المصرية في الماضي اتهامات بارتكاب انتهاكات وقالت إنها تعمل على تحسين الظروف من خلال تقليل كثافة السجناء في سجونها وتحديث المنشآت العقابية.

القاهرة تنفي اتهامات سوء المعاملة وتقول إنها تعمل على تحسين الظروف من خلال تحديث المنشآت العقابية

واصطحبت السلطات المصرية صحافيين في جولة إلى بدر العام الماضي، وهي خطوة يرى منتقدون أنها جزء من محاولة الحكومة لمواجهة الانتقادات الغربية لسجلها الحقوقي وجذب المزيد من الاستثمارات وتدفقات المساعدات، وتعزيز نفوذها الإقليمي.

وفي عام 2018 تم اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسي السابق الذي كان محسوبا على تيار الإسلام السياسي المعتدل عندما ترشح للمنصب عام 2012، وكان من بين الذين نُقلوا من طرة إلى جناح بدر 1 في السجن الجديد.

وقال ابنه حذيفة أبوالفتوح “الوضع أسوأ كتير من طرة. في الوقت اللي المفروض يكون فيه (السجن) حتى على نفس المستوى لكن من ساعة النقل لبدر حاجة أصعب بكتير والوضع أسوأ ومش قادرين نلاقي أي مبرر”.

وأضاف أن والده البالغ من العمر 71 عاما أمضى 12 يوما مرتديا نفس الملابس في السجن الجديد، ولم تعد لديه الحشية التي كانت معه في سجن طرة “ليرتاح ظهره أثناء النوم”. وقال أيضا إنه حُرم من الأغطية الكافية لدرء برد الشتاء.

وحكت جماعات حقوقية وأقارب سجناء تفاصيل انتهاكات أخرى، على الرغم من أن العديد ممن تحدثت إليهم رويترز قالوا إنه كان من الصعب عليهم الحصول على معلومات حول الظروف داخل سجن بدر، حيث قالوا إن السجناء محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، أكثر من وضعهم السابق في سجن طرة.

وقالت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان والشبكة المصرية لحقوق الإنسان إن أربعة سجناء توفوا في سجن بدر العام الماضي بسبب الإهمال الطبي، من بينهم علاء السلمي (47 عاما) الذي كان مضربا عن الطعام لمدة شهرين بسبب ظروف الاحتجاز.

وقال محمد دومة، الذي يُحتجز شقيقه في جناح بدر 1 “شقيقي أحمد دومة ظل يطلب دون جدوى إجراء تحاليل الدم والأشعة السينية لآلام المفاصل ومشاكل الكلى الناجمة عن الإضراب عن الطعام لمدة ثمانية أشهر على الأقل”.

وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي منظمة حقوقية مصرية، إنها تقدمت بشكوى قانونية للسلطات بعد أن تم جذب الأعضاء التناسلية لمسجون آخر يدعى عمر علي بعنف أثناء التفتيش في سجن بدر. وقالت إنها لم تتلق أي رد.

سجن بدر.. الواجهة الإعلامية للنظام المصري
سجن بدر.. الواجهة الإعلامية للنظام المصري

ولم ترد وزارة الداخلية والهيئة العامة للاستعلامات على عدة طلبات للتعليق على هذا المقال وعلى أسئلة حول الحالات التي أثارتها الجماعات الحقوقية وأقارب السجناء مثل الحرمان من الرعاية الصحية.

وكان أحد مراسلي رويترز قد انضم إلى زيارة لبدر عند افتتاحه في أواخر عام 2021 حيث شوهدت معدات طبية حديثة ونزيلات يقمن بأعمال فنية وخياطة. وفي ذلك الوقت، وصف أحد المسؤولين السجن بأنه جزء من التحول نحو نهج “إصلاحي” يعكس “مدى التقدم والحداثة” في نظام الاحتجاز المصري.

وقالت وزارة الداخلية إن النزلاء لديهم مساحة لممارسة الرياضة والعبادات والتدريب. كما أوضحت الوزارة أن سجن بدر يركز على “إعادة التأهيل”، بما يتماشى مع إستراتيجية حقوق الإنسان الخمسية التي نُشرت في عام 2021، وهي واحدة من عدة مبادرات طُرحت في الأشهر الثمانية عشر الماضية وتشمل الإنهاء التدريجي لحالة الطوارئ التي كانت سارية منذ سنوات، والعفو عن بعض السجناء وإطلاق حوار سياسي.

وفي أواخر عام 2021 افتتحت مصر منشأة جديدة أخرى في وادي النطرون، شمال غربي القاهرة، حيث يقضي الناشط المصري - البريطاني المعروف علاء عبدالفتاح مدة عقوبته.

جماعات حقوقية تقدر أن عشرات الآلاف سُجنوا بسبب المعارضة السياسية في عهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

ووصف منتقدون من بينهم نشطاء وأقارب سجناء وجماعات حقوقية وشخصيات معارضة الخطوات بأنها شكلية إلى حد كبير ويقولون إن السجون مازالت تحتجز العديد من سجناء الرأي.

وبعد أن قاد السيسي حينما كان قائدا للجيش عام 2013 الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد احتجاجات حاشدة ضد حكمه تم حظر الجماعة وسجن العديد من أعضائها وأنصارها. وسجن مرسي وانهار وتوفي في قاعة محكمة في طرة عام 2019.

وقال أقارب أحد النزلاء وعمرو حشاد الباحث في الجبهة المصرية لحقوق الانسان إنه خلال واقعتين في بدر تُرك سجناء بحاجة ماسة للرعاية الصحية لساعات دون علاج، وقام النزلاء بقرع الجدران أو الأبواب لجذب الانتباه.

وقال حسين بيومي من منظمة العفو الدولية إن بعض الموجودين في جناح بدر 3 هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين أو متعاطفون مع الجماعة المحتجزة بتهم الإرهاب. وكانت منظمة العفو قد وصفت الجناح في أكتوبر بأنه يعاني من “ظروف مروعة وعقابية”.

وذكر بيومي “بناء على تقييمنا، من المتعمد إخضاع السجناء لظروف غير إنسانية فقط بسبب هويتهم وخلفيتهم السياسية”.

2