"الجاثوم".. مسرحية جزائرية عن سلطة العادات والتقاليد

خنشلة (الجزائر)- قدمت دار الثقافة “علي سوايحي” بخنشلة العرض المسرحي “الجاثوم” من إنتاج المسرح الوطني الجزائري، محي الدين باشطارزي، والذي قدم لجمهور الفن الرابع رؤية مسرحية حديثة لمسألة الاختلاف بين الأجيال ونظرتهم إلى العادات والتقاليد ومدى التزامهم بالعرف.
وتتناول مسرحية “الجاثوم” قصة أفراد قرية صغيرة يعيشون وسط بيئة صحراوية تحت وطأة الأعراف والتقاليد المفروضة من المجتمع وكبير القرية، الذي يسعى إلى التقرب من الشابة فوزية وإقناع والدتها بفكرة الزواج منها قبل أن تفر من القرية في ليلة عرسها، لكنها تصطدم بكلام نسوة القرية اللواتي يتمسكن بالعرف والتقاليد ويرفضن رفضا قاطعا كل ما قامت به الشابة فوزية.
وعالجت المسرحية حسب مخرجها عبدالقادر عزوز، قضية “الجاثوم” (أي فكرة أو شخص يضغط على الإنسان ويثقل عليه فيشعره بضيق وانزعاج) الذي يطبق على صدر الأفراد من العادات والتقاليد التي لا يقتنعون بها، لكنهم يرفضون الخروج عنها بسبب تقيدهم بضوابط البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها، والتي تجعلهم يشعرون بعجز كبير أمام عدم قدرتهم على التعبير ولا على تغيير تلك العادات التي توارثوها عن أجدادهم.
والجاثوم في الموروث العربي هو ما يعرف طبيا بشلل النوم، ويحدث عندما يستيقظ الإنسان في منتصف الليل، ليجد أنه يرى كل شيء، ويسمع كل شيء، لكنه غير قادر على تحريك أطرافه، أو النطق أو الصراخ، كما لو أنه في جسد ليس جسده، وتكون عضلات الجسم مشلولة ما عدا عضلات التنفس والعين. وهو الوضع نفسه الذي أراد مخرج المسرحية إيصاله حول الإنسان الذي يستيقظ ليجد نفسه مكبلا بقيود المجتمع.
تحكي أحداث المسرحية قصة أفراد قرية صغيرة، يعيشون تحت وطأة تسلط شيخ القرية الصادق الكبير، الذي يسعى بكل الطرق إلى التقرب من فوزية، الشابة المتمردة عن الأعراف والتقاليد، للزواج منها، لكن يصطدم برؤية أخرى للحياة لم تكن معهودة في السابق عند نساء القرية الصغيرة، رؤية تخلق صراعا وصداما بين نساء يسعين للتحرر والتمرد ضد القوانين الذكورية وبين العرف المقدس الذي تفرضه المجموعة وتلاحق كل من يحاول التمرد ضده.
وأكد الممثل أحمد مرزوقي أن هذا العمل يستهدف تسليط الضوء على قضية يعيشها الكثيرون داخل المجتمع الجزائري، لاسيما في المدن الصغيرة والقرى، حيث يرفض أفراده خروج أي واحد منهم وخاصة من النساء عن الأعراف والتقاليد.
وأبدى الحضور إعجابهم بالمسرحية التي عالجت واقعا معيشا، حسب زبير مرغاد الذي أكد عقب نهاية العرض أن الممثلين نجحوا في طرح قضية هامة، وهي قضية خروج المرأة عن البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها، والظلم والتسلط اللذان تعانيهما من أفراد المجتمع في حال مخالفتها لتلك العادات.
وتقمص أدوار العرض المسرحي “الجاثوم” كل من أحمد مرزوقي في دور “الصادق” كبير القرية ونوارة براح في دور “فوزية” ووهيبة باعلي في دور والدة فوزية وسليمان هورو في دور إيدير ابن الصادق، بالإضافة إلى نسرين بن محمد محي الدين في دور العجوز جارة عائلة فوزية.
وعلى مدار ساعة ونصف من الزمن، تابع الجمهور الذي كان أغلبه من فئة الشباب هذه المسرحية التي أخرجها عبدالقادر عزوز وكتبت نصها وفاء براهم شاوش، باهتمام كبير حيث كان التجاوب مع أبطال العرض ملفتا من خلال التصفيقات الحارة للممثلين.