مشاريع الإعمار المصرية في غزة تنعش الاقتصاد المحلي

تنامي الواردات من مصر إلى غزة ينعش الاقتصاد المحلي المتدهور.
الأحد 2023/02/12
التنفيس الاقتصادي مرتبط بمحافظة حماس على الهدنة

غزة - يستعرض التاجر الفلسطيني ناجي عبدالعال أمام زبائنه بمتجره في غزة أنواعا متعددة بأشكال وألوان مختلفة من السيراميك المستورد من مصر.

ويستورد عبدالعال وهو في نهاية الأربعينات من عمره، كميات شهرية من السيراميك من مصر عبر بوابة صلاح الدين التجارية المجاورة لمعبر رفح مع القطاع، لكنه يبرز أنه تمكن في الأشهر الأخيرة من مضاعفة صفقاته.

ويقول عبدالعال إنه أصبح يعتمد كليا على الاستيراد من مصر بدلا عن إسرائيل لانخفاض تكلفة الصفقات وجودة المنتج بما يلبي مطالب زبائنه.

ويوضح أنه بدأ الاستيراد من مصر عام 2018 لكن بكميات محدودة، لكنه في الأشهر الأخيرة ضاعف الكميات نظرا إلى سهولة دخول البضائع ووفرة التكاليف على قطاع غزة.

واعتمد الكثير من التجار في القطاع خلال السنوات الأخيرة على استيراد بضائعهم من معبر رفح البري من الجانب المصري بديلاً عن معبر كرم أبوسالم الذي تتحكم به إسرائيل.

قطاع غزة شهد انتعاشا غير مسبوق في حركة التجارة و إدخال البضائع بفضل التسهيلات المصرية الملموسة

وباتت مصر تغطي ما يزيد عن 40 في المئة من احتياجات قطاع غزة من الواردات بما يشمل مواد البناء والحديد والأخشاب وأنواع الطلاء والقمح ومنتجات أخرى، بحسب مسؤولين محليين في القطاع.

ويقول المحلل الاقتصادي حامد جاد إن عام 2022 سجل زيادة قياسية في عدد الشاحنات والبضائع التي دخلت إلى القطاع من خلال معبر رفح التجاري مقارنة مع الأعوام الماضية.

ويوضح جاد أن عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة من مصر تجاوز خلال العام الماضي 38 ألف شاحنة بزيادة نسبتها أكثر من 90 في المئة مقارنة مع العام 2021.

ويشير جاد إلى أن الزيادة القياسية في عدد الشاحنات الواردة من مصر إلى قطاع غزة تعكس تسهيلات واسعة أدخلتها القاهرة في التوريد التجاري للقطاع والإقبال الواسع من التجار فيه على المنتجات المصرية.

وفي مقابل الزيادة القياسية على الاستيراد من مصر، سجل قطاع غزة تراجعا في الاستيراد من إسرائيل وهو أمر مرتبط بعدة عوامل من ضمنها التكلفة الاقتصادية والقيود الإسرائيلية المفروضة على قائمة الواردات للقطاع.

وأظهرت إحصاءات صدرت عن غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة أن واردات القطاع عبر معبر كرم أبوسالم انخفضت بنسبة 5 في المئة خلال عام 2022 مقارنة مع العام الذي سبقه.

ويقول الناطق باسم غرفة التجارة والصناعة ماهر الطباع إن إسرائيل لا تزال تمنع إدخال مئات من أصناف السلع والبضائع والمواد الخام والمعدات والآليات والماكينات وقطع الغيار إلى القطاع.

مصر تغطي ما يزيد عن 40 في المئة من احتياجات قطاع غزة
مصر تغطي ما يزيد عن 40 في المئة من احتياجات قطاع غزة

ويوضح الطباع أن حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبوسالم سجلت حوالي 80 ألف شاحنة خلال عام 2022 تشمل مختلف الأصناف المسموح دخولها إلى القطاع، وهي أرقام تعد الأقل منذ سنوات.

ويشير إلى أن بوابة صلاح الدين المجاورة لمعبر رفح على حدود قطاع غزة مع مصر شهدت انتعاشا غير مسبوق في حركة إدخال البضائع يعدّ الأكبر منذ افتتاحها بداية عام 2018 بفضل تسهيلات مصرية ملموسة لصالح القطاع.

والزيادة الملحوظة في عدد الشاحنات التي دخلت القطاع والتي وصفت بالإيجابية على الواقع الاقتصادي تعزو وزارة الاقتصاد الفلسطينية في غزة أحد أسبابها الرئيسية إلى المشاريع المصرية التي يتم العمل فيها حالياً في القطاع.

ويقول وكيل وزارة الاقتصاد في غزة عبدالفتاح الزريعي لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن انطلاق مشاريع إعادة الإعمار المصرية لاسيما المتعلقة بالإسكان في القطاع ساهم في دفع قياسي للحركة التجارية مع القطاع.

ويشير الزريعي إلى أن زيادة عدد أيام بوابة صلاح الدين التجارية وإدخال المزيد من التسهيلات أدى إلى انتعاش أكبر في إدخال البضائع وتنامي إقبال التجار المحليين في غزة على المزيد من الصفقات التجارية.

التجار في القطاع يعتمدون على استيراد بضائعهم من معبر رفح البري من الجانب المصري بديلاً عن معبر كرم أبوسالم الذي تتحكم به إسرائيل

وينبه إلى أنه من المتوقع الانتهاء من بناء وتشطيب المدن المصرية الثلاث للإسكان في قطاع غزة في منتصف عام 2023 الجاري على أن يتم بدء التسكين مع نهاية العام ذاته، حيث تشمل المدن نحو 2500 وحدة سكنية.

وكانت مصر رعت اتفاقا لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لإنهاء جولة قتال هي الأعنف منذ سنوات استمرت في الفترة من العاشر إلى الحادي والعشرين مايو 2021.

وعقب ذلك أعلنت القاهرة عن منحة بقيمة نصف مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة بما يتضمن مرحلتين، الأولى تتعلق بإزالة الركام، فيما تشمل الثانية الإشراف على مشاريع للإعمار. وتتضمن المشاريع المصرية إقامة ثلاث مدن سكنية إلى جانب مشاريع للبنية التحتية.

وشكلت مصر لجنة لإعادة الإعمار وأوفدت طواقم هندسية متخصصة للإشراف على تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في قطاع غزة.

ويؤمل في غزة أن تساهم مشاريع الإعمار المصرية في التخفيف من حدة أزمة البطالة وانعدام فرص العمل عبر إنعاش الاقتصاد المحلي المتدهور، لاسيما في ظل الاتفاق مع شركات فلسطينية ليكون العمال المنفذون من سكان القطاع.

كما أن تنامي الواردات من مصر إلى غزة يعزز إيرادات المتابعة الحكومية التابعة لحركة حماس كون السلطة الفلسطينية هي التي تحصل على أغلب الإيرادات المالية للبضائع الواردة من إسرائيل.

3