تونس تكشف فسادا واسع النطاق في النقابات الأمنية

تونس - قالت وزارة الداخلية التونسية السبت إن عمليات تدقيق مالي بشأن أنشطة النقابات الأمنية كشفت عن فساد واسع النطاق، في خطوة قال مراقبون إنها تندرج ضمن تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد بتفعيل المحاسبة لتشمل جميع القطاعات.
وقررت السلطات التونسية الاحتفاظ بتسعة أشخاص من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية ووسطاء بتهمة الاختلاس والقيام بعمليات مالية احتيالية وتزوير وتلاعب مالي بلغ 134 مليون دينار (نحو 45 مليون دولار).
وأوضحت الوزارة أن الأبحاث كشفت عن شبهة إنشاء طلبات دفع مزوّرة وتضخيم فواتير وإجراء تحويلات بنكية غير مدعومة وأخرى مشبوهة إلى حسابات خاصة لوسطاء من أقارب ومعارف أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة. كما لفتت الوزارة إلى عمليات تبرير مغلوطة لنفقات وهمية وعمليات سحب نقدي لمبالغ هامة بقي مآلها مجهولا.
وفي سبتمبر الماضي نفذت نقابة قوات الأمن الداخلي، أكبر النقابات الأمنية، سلسلة من الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية إثر إيقاف ثمانية عناصر من النقابة تورطوا في أعمال شغب وفوضى في اعتصام أمني بجهة صفاقس.
مكافحة الفساد تندرج ضمن تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد بتفعيل المحاسبة لتشمل جميع القطاعات
وتطالب النقابة بحرية ممارسة النشاط النقابي وبالتعددية في هذا المجال بينما تطالب السلطة بالتقيد بضوابط.
ومثّل ملف الفساد داخل النقابات بما فيها النقابات الأمنية أحد أبرز المطالب الشعبية التي تعهد الرئيس سعيد بالبت فيها.
ونشأت العشرات من النقابات الأمنية في الأشهر الأولى بعد ثورة يناير 2011 دون أيّ إطار قانوني ينظمها، قبل أن تتحصّل في مايو 2011 على اعتراف رسمي، عبر إصدار المرسوم عدد 42 المنقّح للنظام الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي الذي أجاز العمل النقابي لأعوان الأمن لكن دون الحق في الإضراب.
وتم تأكيد هذا المبدأ لاحقا في الفصل 36 من دستور 2014 المنتهية صلاحيته لكن الرئيس سعيد شدد على ضرورة توحيد النقابات التي تجاوزت 100 نقابة في هيكل نقابي واحد وألا ينخرط في العمل السياسي وأن تكون مهمته الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للأمنيين.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها نقابات أمنية في ملفات مشبوهة متعلقة بالفساد المالي حيث أكدت الداخلية في سبتمبر الماضي أن عملية إخلاء مقر إحدى النقابات الأمنية مكّن من العثور على مبلغ مالي نقدي قُدّر بحوالي 600 ألف دينار (200 ألف دولار).
وتأتي هذه التطورات في خضم صراع كذلك بين الرئيس سعيد والنقابات العمالية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل حيث تؤكد السلطة أنها تريد محاسبة الفاسدين وليس التضييق على العمل النقابي باعتباره من الحقوق المكفولة في الدستور.