الاقتصاد البريطاني يفلت من الركود رغم الاضطرابات

لندن - أصيب الاقتصاد البريطاني بالركود في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي حيث عانت البلاد تحت وطأة أزمة غلاء المعيشة التي تضغط على ميزانيات الأسر، وتقلص الاستثمار التجاري وتؤجج الاضطرابات العمالية.
وذكر مكتب الإحصاءات الوطنية الجمعة أن الناتج المحلي الإجمالي، وهو أوسع مقياس للنشاط الاقتصادي، “فشل في النمو خلال الربع الرابع من عام 2022”.
وتشير التقديرات الشهرية إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي في نهاية العام، مع انكماش الإنتاج بنسبة 0.5 في المئة خلال ديسمبر الماضي.
ومع ذلك، أظهرت الأرقام أن بريطانيا تجنبت الربع الثاني على التوالي من الانكماش، وهو أحد تعريفات الركود. ولم يسجل إجمالي الناتج المحلي أي نمو في الربع الرابع، بعد تقلصه بنسبة 0.3 في المئة في الربع السابق له.
وليس لدى بريطانيا هيئة مستقلة تعلن عن حالات الركود كما هو الحال في الولايات المتحدة وأوروبا، ولكن تستخدم اللجان الرسمية مجموعة متنوعة من البيانات الاقتصادية، بما في ذلك البطالة وإنفاق المستهلكين والشركات، لإجراء تقييماتها.
وأكد سورين ثيرو، مدير الاقتصاد في معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز، أنه في حين تجنبت البلاد “الركود التقني”، فإن الإضرابات التي قام بها سائقو القطارات وموظفو الصحة وغيرهم من العاملين في القطاع العام زادت التباطؤ في ديسمبر.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن ثيرو قوله إن البلاد “تواجه عاما قاسيا بشكل خاص مع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الضرائب الخفية والتأثير المتأخر لارتفاع أسعار الفائدة التي لا يزال من المحتمل أن تدفعنا إلى انكماش صيفي من خلال تقويض الدخل والثقة”.
وبشكل عام توسع الاقتصاد بنسبة 4 في المئة هذا العام في بريطانيا، أكثر من أي عضو آخر في مجموعة الدول الصناعية السبع، ولكن هذا النمو حدث في الجزء الأول من العام، قبل أن يؤدي اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع حاد في أسعار الغذاء والطاقة.
وظل التضخم في المملكة المتحدة عند المستويات التي شوهدت لآخر مرة في أوائل ثمانينات القرن الماضي، مما أدى إلى تقليص ميزانيات الأسر وعرقلة الاستثمار التجاري.
وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 10.5 في المئة في ديسمبر عن العام السابق بعد أن بلغت ذروتها عند 11.1 في المئة قبل شهرين.
وفي محاولة لإبطاء التضخم، رفع بنك إنجلترا المركزي أسعار الفائدة 10 مرات منذ ديسمبر 2021 ، مما أدى إلى زيادة كلفة الرهون العقارية وبطاقات الائتمان والقروض التجارية.
وحذر المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في وقت سابق هذا الأسبوع من أن عام 2023 “سيشعر بالتأكيد وكأنه ركود”، حيث يؤدي التضخم المستمر والنمو البطيء وارتفاع الضرائب إلى الضغط على دخل الأسرة.
في محاولة لإبطاء التضخم، رفع بنك إنجلترا المركزي أسعار الفائدة 10 مرات منذ ديسمبر 2021 ، مما أدى إلى زيادة كلفة الرهون العقارية وبطاقات الائتمان والقروض التجارية
ولن تتمكن أسرة بريطانية من كل أربعة، من بين نحو 7 ملايين أسرة، من دفع فواتير الغذاء والطاقة من دخلها بعد الضرائب في السنة المالية 2023 – 2024، ارتفاعا من واحد من كل خمسة في 2022 – 2023.
وتوقع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن تكون المملكة المتحدة هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد في مجموعة السبع، الذي سيتقلص هذا العام، حتى مع تحسن التوقعات لبقية العالم.
ووسط الكآبة اختار وزير الخزانة جيريمي هانت التركيز على النمو في اقتصاد بلاده على مدار عام 2022 بأكمله، والذي قال إنه “يظهر أن بريطانيا كانت أكثر مرونة مما يخشى الكثيرون”.
ومع ذلك أشار هانت إلى “أننا لم نخرج من الغابة بعد، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتضخم”. وأضاف “إذا التزمنا بخطتنا لخفض التضخم إلى النصف هذا العام فيمكننا أن نكون واثقين من أن لدينا أحد أفضل احتمالات النمو في أي مكان آخر في أوروبا”.
ويحذر النقاد من العودة إلى نوع القيود المشددة على الإنفاق التي اتبعها حزب المحافظين الحاكم في السنوات الاثنتي عشرة الماضية، مشددين على أنها ستضر بالخدمات العامة التي تعاني بالفعل من ضغوط كبيرة.