الخلافات بين البرلمان والحكومة تؤجل إقرار الموازنة في الأردن

يؤشر مشروع الموازنة الأردنية لعام 2023 على مدى الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في تحصيل إيرادات مالية مع انحسار المساعدات الخارجية، ما دفع الحكومة إلى الترفيع في الضرائب لسد عجز الموازنة، وهو إجراء لا يلقى ترحيبا نيابيا وشعبيا.
عمان - يعكس إصدار وزير المالية الأردني محمد العسعس لأمر مالي من أجل تأمين تسيير الوزارات والدوائر الحكومية لشهر فبراير الجاري، حدة الخلافات بين الحكومة والبرلمان بشأن إقرار موازنة العام 2023 التي ينتقدها طيف نيابي واسع.
وتوجه للموازنة الأردنية التي أقرها مجلس الوزراء وأحالها إلى البرلمان لمناقشتها انتقادات بسبب ارتفاع المديونية، وترحيل العجز، وخلوها من أي توجّه لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، وافتقارها إلى حلول تعالج مشاكل الفقر والبطالة، وعدم قدرتها على رفع النمو الاقتصادي.
ويقول المنتقدون إن موازنة العام 2023 لا تختلف عن سابقاتها، ولم تلتفت إلى القضايا الأساسية التي تهم المواطنين، مطالبين بتخفيض ضريبة المبيعات، وفرض ضريبة على البنوك والشركات الكبرى، وتخفيض ضريبة المحروقات.
وشكلت الإيرادات الضريبية نسبا مرتفعة من حجم الموازنة، إذ بلغت تحصيلات الإيرادات من الضريبة العامة على المبيعات نحو 4200 مليون دينار، مسجلة بذلك نموا نسبته 4 في المئة عن الموازنة الماضية.
وأقرت الحكومة الأردنية في الأول من ديسمبر الماضي موازنة عام 2023، متوقعة أن يبلغ عجز الموازنة بعد المنح الخارجية 2.5 مليار دولار، وأن يبلغ التضخم 3.8 في المئة، وبمعدل نمو حقيقي يبلغ 2.7 في المئة.
ورغم أن الحكومة حاولت من خلال عرضها لبرنامجها المالي توليد حالة إيجابية مسبقا لدى النواب قبل الشروع في مناقشة مشروع الموازنة، إلا أن ردة الفعل الأولية من قبل عدد من النواب تؤكد أن المناقشات ستكون ساخنة وبمثابة فرصة لمحاسبة الحكومة على عدد من الملفات.
ويرى النائب ينال فريحات أن الموازنة لم تتضمن حلولا للمشاكل التي يعاني منها المواطن الأردني، وعلى رأسها الفقر والبطالة، ويقول “موازنة تقليدية فقد تغير عنوانها، لا حلول عميقة للمشاكل الاقتصادية”.
وتابع فريحات “هذه الموازنة 65 في المئة منها تذهب للرواتب، 15 في المئة تذهب لخدمة فوائد الدين العام و20 في المئة لمصاريف تشغيلية، لذا لا توجد أي هوامش للتنمية أو مشاريع إستراتيجية تشغل الأردنيين وتحل مشاكل الفقر والبطالة، خطاب الحكومة حول العبء والتشوه الضريبي هو إنشائي كونها لم تقم بأي إجراء علاجي”.
وتأتي الموازنة وسط شارع مضطرب شهد إضرابات واسعة نهاية العام الماضي للمطالبة برفع الضرائب وتحسين المستوى المعيشي، ويعاني الاقتصاد من تضخم في الأسعار حاولت الحكومة امتصاصه من خلال رفع أسعار الفوائد على القروض، ما أصاب قطاعات تجارية بحالة ركود.
وكانت الحكومة قد واجهت انتقادات حادة بسبب ارتفاع الأسعار وإخفاق السياسات الاقتصادية، وتطورت إلى احتجاجات في العديد من المحافظات للمطالبة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية، وشهد الأردن على إثرها إضراب الشاحنات ووسائل النقل العام عن العمل لارتفاع الكلف التشغيلية، وكان يخرج عن الطابع السلمي.
مراقبون يتوقعون استمرار المصاعب الحكومية بالأردن للعام 2023، مرجعين سبب ذلك إلى عجز بالموازنة 2.6 3.6 مليار دولار، ونسب نمو متدنية
وتقر الحكومة الأردنية بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين وتشوه العبء الضريبي وارتفاع البطالة التي ولّدت حالة من الإحباط لدى الشباب، لكنها تقول إن الخروج من تلك الحالة يحتاج إلى وقت لإنجاز البرامج الإصلاحية الاقتصادية.
ويعتقد أمين عام الحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق أن “الحكومة لا تمتلك حلولا، وهي لا تمتلك عقلا اقتصاديا، في وقت تتعامل مع الشعب كإدارة بنكية بسياسة مالية والمواطن رقم في موازنة”.
وحول الحلول يرى الشناق “هناك حلول عاجلة، بمراجعة بنود الموازنة، بوقف هدر عشرات الملايين لمؤسسات وهيئات، التي تستنزف أموال الخزينة، ويجب تحديد سقف الرواتب للعشرات من المسؤولين، التي تكلف الدولة الملايين من خزينة الدولة، كما مطلوب نهج اقتصادي وطني إنتاجي يعتمد على الذات، وتحريك رأس المال الوطني بعشرات المليارات كمدخرات للأردنيين في البنوك، ورفع سيطرة البنوك لصالح الاستثمار والإنتاج في ثروات البلاد ومواردها”.
ويعاني البلد، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
ويتوقع مراقبون استمرار المصاعب الحكومية بالأردن للعام 2023، مرجعين سبب ذلك إلى “استمرار التوسع بالإنفاق ما بين 9 و10 في المئة، وعجز بالموازنة 2.6 مليار دينار (3.6 مليار دولار)، ونسب نمو متدنية لا تزيد عن 2.6 في المئة، وفقر نسبته 22 في المئة”.