المعارضة الإيرانية تخرج عن صمتها وتدعو إلى تغيير جذري للنظام السياسي

طهران – شكلت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مهسا أميني منذ أشهر في إيران نقطة ارتكاز قوية للدعوة إلى التغيير الجذري للنظام السياسي الذي بات يواجه "أزمة مشروعية"، لاعتماده القوة المفرطة في قمع المتظاهرين وإعدام عدد منهم بحجة التآمر على أمن الدولة وغيرها من الاتهامات، لتتعالى الأصوات المعارضة مطالبة بدستور جديد لإنقاذ البلاد.
وفي أحدث النداءات دعا مير حسين موسوي، أبرز الوجوه المعارضة والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية في إيران، الأحد إلى تغيير النظام ووضع دستور جديد للبلاد وإقامة استفتاء عام وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وذلك في تطور لافت من شأنه أن يعيد إحياء ثورة الحركة الخضراء القوية التي شهدتها إيران في 2009، على خلفية تزوير الانتخابات.
وقال موسوي إن "إيران والإيرانيين هم في حاجة وعلى استعداد لتغيير جذري، رسمت خطوطه العريضة الحركة من أجل نساء - حياة - حرية"، وذلك في رسالة نشرت على موقع إلكتروني عائد له وتداولتها وسائل إعلام محلية الأحد.
ويشير موسوي، الموضوع قيد الإقامة الجبرية منذ زهاء 12 عاما، إلى الشعار الرئيسي الذي رفعه المحتجون الذين نزلوا إلى الشوارع اعتبارا من السادس عشر من سبتمبر، بعد وفاة أميني (22 عاما) إثر توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
واعتبر أن التحركات الاحتجاجية الأخيرة تأتي في ظل "أزمات متداخلة (...) اقتصادية، وبيئية، واجتماعية، ومشروعية، وثقافية، وإعلامية".
ودعا موسوي، الذي تولى رئاسة الوزراء في الجمهورية الإسلامية بين 1981 و1989، إلى إجراء "استفتاء حرّ وعادل بشأن الحاجة إلى صياغة دستور جديد" للبلاد، نظرا إلى أن الصيغة الحالية للنظام السياسي "غير مستدامة".
وترشح موسوي (80 عاما) للانتخابات الرئاسية عام 2009، والتي أعيد بنتيجتها انتخاب محمود أحمدي نجاد.
وندد موسوي والمرشح الآخر مهدي كروبي بعمليات تزوير واسعة في تلك الانتخابات الرئاسية، وقادا تحركات احتجاجية عرفت بـ"الحركة الخضراء"، وقد شكلت هذه الاحتجاجات أكبر أزمة داخلية تشهدها البلاد منذ ثورة 1979.
ووضع المعارضان وزوجتاهما قيد الإقامة الجبرية اعتبارا من مطلع العام 2011.
وشدد موسوي على أن الإيرانيين يحق لهم، "كما خلال ثورة الشعب في 1979"، في إشارة إلى الثورة الإسلامية، "إجراء مراجعات جذرية (...) تتيح تدشين مسار الحرية، العدالة، الديمقراطية والتنمية".
واعتبر أن "رفض القادة الإقدام على أدنى خطوة نحو تحقيق حقوق المواطنين المحددة في الدستور الحالي (...) أثبط عزيمة المجتمع على إجراء إصلاح في إطار الهيكلية القائمة".
وتأتي تصريحات موسوي بعد أن أثار بيان له في أغسطس الماضي جدلا واسعا في الأوساط الإيرانية، بعدما حذر من "مؤامرة" توريث منصب المرشد من خامنئي إلى ابنه مجتبى خامنئي.
وجاء بيان موسوي غداة تصريحات للمحامية البارزة شيرين عبادي لوكالة "رويترز"، قالت فيها إن وفاة مهسا أميني أطلقت شرارة "عملية ثورية" لا رجعة عنها، ستؤدي في النهاية إلى انهيار الجمهورية الإسلامية.
وواجهت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بالقمع كما فعلت على مدى العقود الأربعة الماضية. كما أصدرت السلطات العشرات من أحكام الإعدام بحق مشاركين في الاحتجاجات ونفذت 4 منها على الأقل شنقا، فيما وصفه نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان بأنه إجراء يهدف إلى ترهيب الناس وإبعادهم عن الشوارع.
ودفعت الاحتجاجات الأخيرة إيران إلى أزمة محتدمة، إذ فجرت وفاة أميني غضبا مكبوتا منذ سنوات بين الإيرانيين، بسبب مشكلات من البؤس الاقتصادي وحتى التفرقة بحق أقليات عرقية، إضافة إلى فرض السلطات قيودا اجتماعية وسياسية صارمة.
وعلى مدى أشهر، دعا إيرانيون من كل أطياف المجتمع ومشاربه إلى سقوط المؤسسة الحاكمة، وهتفوا بشعارات مناهضة لصاحب كلمة الفصل في النظام المرشد علي خامنئي.
وتسببت عمليات القمع التي انتهجتها السلطات مع الاحتجاجات في توتر دبلوماسي، في وقت أصيبت فيه المحادثات لإحياء اتفاق طهران النووي الموقع في 2015 بالجمود. وفرضت الولايات المتحدة ودول غربية عقوبات على السلطات الإيرانية وكيانات أخرى بسبب مشاركتها في القمع وفي انتهاكات لحقوق الإنسان.