تغطية الإعلام الفرنسي للشأن المغربي تثير حفيظة المغاربة

إيقاف صحافي قناة "بي.أف.أم.تي.في" عن العمل بسبب عبارة الصحراء المغربية.
السبت 2023/02/04
يمنع الخروج عن النص

يتهم مراقبون وسائل الإعلام الفرنسية بالانحياز والكيل بمكيالين في تغطيتها للشأن المغربي، مؤكدين تواتر الحوادث التي تؤكد سعي الإعلام الفرنسي لإرضاء أنظمة سياسية على حساب أخرى.

الرباط - انتقدت وسائل إعلام مغربية ما وصفته بـ”الاستفزازات المتكررة” للقنوات الفرنسية المعروفة خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد قرار قناة “بي.أف.أم.تي.في” (BFMTV) الإخبارية الفرنسية توقيف الصحافي ذي الأصل المغربي رشيد المباركي عن العمل والتحقيق معه بسبب خبر أذاعه قبل أشهر عن “اعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على صحرائه”.

وقالت وسائل إعلام مغربية “يظهر جليا، وفق متتبعين، أن القنوات الفرنسية وبالأحرى القائمين عليها، توصلوا بتعليمات لرفض ذكر الانتصارات المتوالية للدبلوماسية المغربية في ما يخص الوحدة الترابية”.

وتتعلق التقارير موضوع الحدث بما بثه المقدم من تقرير حول منتدى اقتصادي بين المغرب وإسبانيا تمّ تنظيمه في يونيو الماضي، حيث نطق الصحافي المغربي في نشرة الأخبار الليلية يوم الثاني والعشرين من يونيو 2022 التي يقدّمها عبارة “الصحراء المغربية” وهي العبارة التي أغضبت إدارة القناة.

يونس مجاهد: قناة فرانس 24 تتعامل مع الشأن المغربي بشكل منحاز
يونس مجاهد: قناة فرانس 24 تتعامل مع الشأن المغربي بشكل منحاز

آنذاك، تمّ نشر تقرير إخباري حول “تحسن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا” حيث تم ذكر “عبارات غير معهودة في وسائل الإعلام الفرنسية” التي تتضمن اعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على صحرائه.

وفي هذا الصدد، قال رشيد على الهواء إنّ “صفحة مهمة في العلاقات بين المغرب وإسبانيا افتتحت، منتدى اقتصادي يرحّب بالمستثمرين الإسبان في مدينة الداخلة”، مستخدما مصطلح “الصحراء المغربية”.

ونقلت صحيفة بوليتيكو أنّ إدارة “بي.أف.أم.تي.في” فتحت تحقيقا داخليا من أجل فهم مصدر محتويات إعلامية عديدة بثت في برنامج على القناة لم تخضع مسبقا إلى الموافقة المعمول بها في قاعة التحرير.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن موقع بوليتيكو، إن إدارة القناة الإخبارية الأكثر شعبية في فرنسا قررت فتح تحقيق حول مصدر مواد إخبارية بثّها المذيع من دون الرجوع إلى مسؤوليه في القناة.

وأعلنت إدارة القناة الفرنسية أن تحقيقا داخليا “قد أطلق بالفعل منذ أكثر من أسبوعين، بعد ورود معلومات بخصوص أحد صحافييها”، مؤكدة أن المعني قيد التوقيف عن العمل في الوقت الحالي.

واعتبرت نقابة الصحافيين التابعة للقناة أن الحادثة تمثل “وقائع خطيرة وغير مقبولة، في حالة ثبوت كونها صحيحة”.

وتسلط الحادثة الضوء، وفق مراقبين، على “ازدواجية” سلوك السلطات الفرنسية مع الانفصاليين. فبينما تقدم قنوات إخبارية فرنسية على غرار فرانس 24 نفسها كمنبر في جميع المواسم للانفصاليين في بوليساريو باسم احترام حرية التعبير، تراقب السلطات الفرنسية من أعلى مستوى من الدولة عندما يتعلق الأمر بانتقاد الجزائر.

وكمثال على ذلك، ألغيت مقابلة لزعيم “ماك” الجزائري فرحات مهني ضيفا على أكتوبر الماضي على قناة “سي.نيوز”(CNEWS)  الإخبارية التابعة لمجموعة بولوري الشهيرة القريبة من الإليزيه قبل دقائق من مروره على الهواء، وفق ما أظهر فيديو مسرب على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مراقبون للشأن المغربي إن إلغاء مقابلة مهني الفرنسية في اللحظة الأخيرة سلط الضوء على الرقابة التي تمارسها فرنسا على وسائل إعلامها لإرضاء بعض الأنظمة على حساب أخرى.

ويتساءل مراقبون، بعد تجاهل حرية التعبير التي ترفعها كراية على أراضيها وفي أي مكان آخر، إلى أي مدى ستكون فرنسا مستعدة للانحراف عن قيمها الديمقراطية؟

لل

وفي سياق آخر، انتقدت وسائل إعلام مغربية تخصيص مذيع بقناة فرانس 24 لجزء من وقت برنامجه للحديث عن أن القناة اتصلت بالعديد من مسؤولي الإعلام بالمغرب للمشاركة في برنامجه لكنهم اعتذروا تارة ولم يجيبوا تارة أخرى.

ورد يونس مجاهد رئيس مجلس الصحافة بالمغرب إنه اختار عدم المشاركة في برنامج “منتدى الصحافة” الذي تبثه قناة فرانس 24، بسبب “ضعف مستوى المضامين التي يقدمها”، مؤكدا أن القناة لم تتواصل معه سوى عبر تطبيق واتساب، دون أي تفاصيل حول البرنامج والضيوف.

وأضاف مجاهد أنه يتلقى يوميا العشرات من الرسائل والاتصالات من قنوات وصحف وطنية ودولية يجيب عنها حين القدرة، مؤكدا أنه لا يمثل نفسه، والمشاركة باسم الهيئة تقتضي التواصل عبر قنوات رسمية واضحة وليس بتلك الطريقة التي اتصلت به القناة عبرها.

وأضاف رئيس مجلس الصحافة، في حديث مع موقع هسبريس المغربي “أنه يتحفظ على البرنامج، وكذلك الصحافي الذي وقعت له مشاكل سابقة مع المجلس الوطني للصحافة ورفض الاعتذار عنها، رغم مطالب الهيئة العليا للاتصال الفرنسية”، وزاد “القناة تتعامل مع المغرب بشكل منحاز”.

واعتبر المتحدث ذاته أن القناة “أصبحت تطغى على مضامينها البروباغندا بشكل كبير”، مطالبا بـ”الجدية في التعاطي مع الصحافة المغربية”، كما أكد أن “سوء النية دائما يحضر في مثل هذه البرامج وأهداف التواصل مع رئيس المجلس”.

2017

استنكرت الحكومة المغربية إقدام فرانس 24 على بث لقطات تعكس أجواء التوتر والتظاهر في دولة فنزويلا، وتقديمها على أنها صور لمتظاهرين في مدينة الحسيمة

كما أورد مجاهد أن “مجلس الصحافة طرح بيانات عديدة تهم وضعية صحافيين بعد طردهم من ألعاب البحر المتوسط، وتغطية القمة العربية في الجزائر، لكن القناة لم تتناول الموضوع على الإطلاق، في حين تسارع للاتصال في مثل المواضيع التي ناقشها البرنامج”.

وليست هذه المرة التي تتصادم فيها قناة فرانس 24 مع المجلس الوطني للصحافة، وفق المتحدث ذاته، مشيرا إلى أن مناسبة أخرى سبقتها خلال يوليو 2021، وفي البرنامج نفسه “منتدى الصحافة”، بعدما تناول موضوع حرية الصحافة في المغرب، وزاد “ادعى الصحافي تواصله مع المجلس وهذا لم يحدث أبدا”.

كما أكد رئيس المجلس، في تصريحه لهسبريس، مراسلة القناة حينها وإقرار هيئة الاتصال الفرنسية بضرورة الاعتذار “لكن القناة ظلت تتهرب لمدة ثمانية أشهر قبل أن تتلو الاعتذار، ولم يكن حينها المذيع الأصلي من قدم البرنامج، بل اختار صحافية أخرى”.

وشدد مجاهد على أن قناة فرانس 24 “تتعامل مع المغرب بشكل منحاز وبانتقائية كبيرة”، مردفا “بلدان عديدة تشهد خروقات لكن لا يتم التطرق إليها على الإطلاق”، ومتسائلا حول العلاقة بين هذا الأمر والنقاش بين المغرب وفرنسا على المستوى السياسي.

ويتهم مغردون وإعلاميون مغاربة وسائل إعلام فرنسية بشن هجمات إعلامية ضد بلادهم، وسبق ان اتهموا قناة فرانس 24 بتمويل حملة إعلانية على موقع فيسبوك للترويج لاتهاماتها ضد المغرب.

ويوليو الماضي تصدر هاشتاغ ساخر بعنوان #غرد_كأنك_صحافي_فرانس 24 الترند المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي، رد فيه مغردون مغاربة بطريقتهم الخاصة على بعض التقارير الصحفية التي نشرتها قناة فرانس 24 حول اتهام المغرب باستخدام برنامج بيغاسوس للتجسس.

وتقول شامة درشول الباحثة المتخصصة في الإعلام الجديد إن قناة فرانس 24 تنتمي إلى ما يسمى بالإعلام الدعائي أو الإعلام الموجه، وهو الإعلام الذي يكون تابعا لوزارة خارجية دولة ما، ويمول من قبلها، لكن ينفذ أجندة وزارة الدفاع تحت غطاء ناعم. ويستهدف هذا النوع من الإعلام الدول التي لوزارة الخارجية مصالح إستراتيجية بها (حالة فرنسا/المغرب). وتضيف أن “هذا النوع من الإعلام يدخل في مجال نادر اسمه الخدمات اللاعسكرية”.

وعام 2017 استنكرت الحكومة المغربية إقدام قناة فرانس 24 القسم العربي على بث لقطات تعكس أجواء التوتر والتظاهر في دولة فنزويلا، وتقديمها على أنها صور لمتظاهرين في مدينة الحسيمة.

5