حركة معارضة للسوداني تدعو الصدر إلى إنهاء اعتكافه السياسي

بغداد - في خطوة سياسية هي الأولى من نوعها بعد تشكيل الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، أعلن رئيس حركة "وعي الوطنية"، إحدى القوى العراقية الناشئة، معارضتها للحكومة الحالية، داعية زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى إنهاء اعتزاله السياسي، وتدارك الأوضاع الراهنة خشية انهيار الدولة العراقية.
وهذا الإعلان الذي جاء بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة العراقية برئاسة السوداني، مرشح تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع الكتل والأحزاب الموالية لطهران، يعكس تزايد التشكيك السياسي بقدرة السوداني على تنفيذ وعوده، التي على أساسها منحت القوى السياسية الثقة البرلمانية له في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي.
ومن أبرز ما تضمنه منهاج السوداني الحكومي مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وخفض سعر صرف الدولار وتحسين الواقع المعيشي للمواطنين، وخصوصا الطبقة الفقيرة، لكن ما حصل هو عكس ذلك تماما، فسعر صرف الدولار ارتفع بشكل كبير، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها في السوق، وأثّر بشكل كبير على وضع المواطن المعيشي.
كما تشير دعوة الصدر للعودة إلى المشهد السياسي إلى تعاظم المخاوف من انفلات الأزمة والتوجه نحو سيناريوهات سبق أن عاشها العراق خلال حكومات متعاقبة منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مع عدم قدرة الأحزاب والحركات الصغيرة على مواجهة الائتلاف الحاكم الذي، بحسب رئيس الحركة صلاح العرباوي، لن يترك السلطة والبلاد تتجه نحو الانهيار.
وقال العرباوي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء إن "العمر الحقيقي للحكومة وللائتلاف الحاكم ليس مئة يوم، إنما هو عقدان من الزمن".
وتابع "مع إدراكنا أن المعادلة السياسية القديمة لا يمكن أن تنتج شيئا جديدا، ولكننا لم نشأ الذهاب إلى المعارضة عند تشكيل الحكومة أملا بالتغيير".
واعتبر أن "منح المزيد من الفرص سيؤدي إلى المزيد من الانهيار والدمار"، لافتا إلى أن "هذه الحكومة هي نسخة طبق الأصل من الحكومات السابقة (كوبي بيست)".
كما أشار العرباوي إلى أن "الأزمات المتراكمة والمتفاقمة والتي لم تستطع الحكومة الحالية وحاضنتها السياسية حلّها أو التخفيف من حدتها (أزمة انهيار العملة الوطنية، أزمة تضخم القطاع العام، أزمة الفقر وهي الأعلى تقريبا بوجود ربع الشعب العراقي تحت خط الفقر، أزمة البطالة، آفة الفساد وسرقة القرن وغيرها)، دعتنا إلى إعلان موقف المعارضة السياسية بإرادة عراقية حرة".
ومنذ إسقاط النظام العراقي السابق في 2003 على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة، يجري تقاسم المناصب في البلاد بين الأحزاب الشيعية والسنية والكردية النافذة بموجب عرف سياسي يسمى المحاصصة.
ويرى الكثير من الجيل الشاب في العراق أن النظام الحالي جعل الأحزاب تتوغل في الدولة وتستفيد من ثرواتها لمصالحها الحزبية، بينما غرقت البلاد في الفوضى الأمنية والفساد وأعمال العنف.
والعرباوي قيادي سابق في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، أعلن تأسيس حركة "وعي" في سبتمبر 2019 في مسعى لإدخال جيل جديد في معترك السياسة ومنافسة الأحزاب التقليدية.
ورغم أن الحركة ترفع شعار المدنية والتغيير، إلا أنها لم تنضم إلى تحالف "قوى التغيير الديمقراطية" التي تحوي أغلب الكيانات السياسية والأحزاب الجديدة، عدا الحزب الشيوعي العراقي، فيما تتبنى الحركة خطاباً يصفه مراقبون بأنه "الأقسى" على الأحزاب التقليدية المعروفة.
وأوضح أن "معارضتنا ستحمل السمات الآتية: تشخيصية وليست مشخصنة، تصحيحية وليست تسقيطية، واقعية وليست 'فيسبوكية'، منهجية وليست همجية، تقويمية وليست انتقامية".
وتابع "في معارضتنا خطان أحمران: الأول، لا تستهدف إسقاط نظام الحكم، بل تغييره عبر الاستفتاء العام وبوسائل سلمية وديمقراطية، والثاني، لا تدعو إلى الفوضى المجتمعية والاحتجاج العنيف وتعطيل مؤسسات الدولة، إنما تهدف إلى صناعة احتجاج سلمي منضبط ومنظم وواع".
ودعا العرباوي الحكومة ومجلس النواب والقضاء إلى "إعادة هيبة الدينار العراقي، وخفض نسبة البطالة إلى النصف، وذلك بتوفير فرص عمل لا وظائف، وإيقاف قرارات الاستبعاد والاستبدال السياسي وإعادة تدوير الوجوه الفاشلة والمجربة، والالتزام بإجراء الانتخابات المبكرة وعدم الالتفاف عليها، وإعادة الأموال المهربة والمسروقة وزج السراق والمهربين في السجون".
كما دعا الصدر إلى إنهاء اعتكافه (وليس اعتزاله) السياسي لأن العراق في حاجة إلى كل المصلحين، ولأن الاستمرار بهذا النهج السياسي والحكومي سيؤدي إلى انهيار الدولة.
وحث كذلك "القوى الوطنية الجديدة والمعارضة لطبقة الحكم هذه ولائتلاف إدارة الدولة، على أن تنظم صفوفها وأن تنتظم في مشروع معارض حقيقي حتى يتسنى لها أن تكون بديلا للقوى التقليدية".
وكانت الحركة شاركت في الانتخابات البرلمانية السابقة ولم تحصل على نتائج جيدة، لذلك تجد نفسها حاليا أمام مفترق طرق في ظل استمرار ذات المناهج وطرق العمل السياسية للحكومة الحالية.
وهي كمعظم القوى المدنية والعلمانية في البلاد تشعر بالاستياء من حكومة السوداني، والهيمنة عليها من قبل الفصائل المسلحة والميليشيات وقوى الإطار التنسيقي، وما يرافق ذلك من مشاكل اقتصادية بسبب تراجع قيمة الدينار العراقي.
ويرى مراقبون أن دعوة الصدر إلى إنهاء اعتكافه، يعني أن الدعم السياسي لزعيم التيار الصدري قد بدأ يظهر من غير الجماعات التي تنتمي إلى تياره، وقد تلتحق بالحركة كيانات أخرى، حتى يجد الصدر نفسه جاهزاً للعودة إلى العمل السياسي.