إجراءات تطويق الجائحة سببت تأخيرات تعليمية تُركت دون تدارك

الأطفال الآتين من المجتمعات الفقيرة يعانوا من تأخيرات تعليمية كبيرة.
الخميس 2023/02/02
الجائحة حرمت الأطفال من كسب المهارات

باريس - واجه عدد كبير من الأطفال تأخيرات تعليمية دون تعويضها لاحقاً، بسبب الإجراءات الصارمة التي اتُّخذت في بداية جائحة كوفيد - 19، حسب ما أظهرته دراسة موسّعة.

وأشارت الدراسة التي نُشرت في مجلة “نايتشر هيومن بيهيفيير” إلى أنّ هذا الاستنتاج “يؤكد الخوف من أنّ الجائحة تسببت في تأخيرات تعليمية كبيرة” للأطفال.

ولفت الباحثون الذين استندوا في عملهم إلى نحو أربعين دراسة أجريت في حوالي خمسة عشر بلداً، من بينها دول أوروبية والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، إلى أنّ الأطفال خسروا ما يعادل ثلث عام دراسي واحد.

التأخيرات التعليمية تُعزى إلى الإجراءات التي اتُخذت عام 2020 في بداية الجائحة، وتضمنت حجراً صحياً وإقفالاً للمدارس

وهذا الرقم لا يعطي سوى فكرة مبسطة جداً عن الوضع بسبب وجود تباينات كبيرة، وتحديداً في ما يتعلق بالبيئات التي ينحدر منها الأطفال. ويُرجّح أن الأطفال الآتين من المجتمعات الأكثر فقرًا عانوا من تأخيرات تعليمية أكبر.

وقال معد الدراسة الرئيسي باستيان بيتهاوسر في مؤتمر صحفي إنّ “أزمة التعلّم هذه هي أزمة عدم مساواة”.

وتُعزى التأخيرات التعليمية إلى الإجراءات التي اتُخذت عام 2020 في بداية جائحة كورونا، وتضمنت حجراً صحياً وإقفالاً للمدارس في عدة بلدان.

ورغم أنّ هذه التأخيرات تقتصر على بضعة أشهر، إلا أنها قد تتسبب في آثار سلبية. وأشار بيتهاوسر في هذا الصدد إلى أن هناك “مشكلة حقيقية ستعانيها الأجيال”.

ولفت إلى أنّ التعلّم هو أحد العوامل وربما العامل الرئيسي الذي “يحدّد كيف سيكون مدخل الشخص إلى الحياة العملية، ونجاحه في سوق العمل، وقدرته على إعالة نفسه”.

والدراسة هي أكثر عمل بحثي مكتمل حتى الآن بخصوص هذا الموضوع، رغم أنها تفتقد بصورة كبيرة إلى معلومات عن أوضاع الدول الفقيرة.

وتعطي بعض النتائج فكرة عن الكيفية التي حصلت وفقها التأخيرات التعليمية التي طالت مادة الرياضيات أكثر من القراءة.

وقال بيتهاوسر “قد يكون الآباء استطاعوا مساعدة أطفالهم في مادة القراءة أكثر من توفيرهم مساعدة لهم في مسائل الرياضيات”.

وقالت هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر عام 2021 “على الحكومات أن تعمل بسرعة على إصلاح الضرر الذي لحق بتعليم الأطفال في أعقاب الاضطراب غير المسبوق الناجم عن تفشي فايروس كورونا (كوفيد - 19)”. وأرفقت تقريرها بميزة تفاعلية تستكشف بها الحواجز الشائعة أمام التعليم والتي ازدادت خلال تفشي الجائحة.

التعلّم هو أحد العوامل وربما العامل الرئيسي الذي يحدّد كيف سيكون مدخل الشخص إلى الحياة العملية ونجاحه في سوق العمل وقدرته على إعالة نفسه

ويوثّق التقرير كيف أثّر إجراء غلق المدارس -الذي اتخذ لتطويق تفشي الفايروس- على الأطفال بشكل غير متكافئ، بما أنه ليس لدى جميع الأطفال الفرص أو الأدوات أو الإمكانيات اللازمة لمواصلة التعلم أثناء الأزمة الصحية. وقد وجدت هيومن رايتس ووتش أن الاعتماد الشديد على التعلم على الإنترنت أدى إلى ازدياد التوزيع الحالي غير المتكافئ للدعم المقدم إلى التعليم. والكثير من الحكومات ليست لديها السياسات أو الموارد أو البنى التحتية اللازمة لاعتماد التعلم على الإنترنت بطريقة تضمن تمكين جميع الأطفال من المشاركة فيه على قدم المساواة.

وقالت إيلين مارتيناز -وهي باحثة أولى في مجال التعليم في هيومن رايتس ووتش- “بعد حرمان ملايين الأطفال من التعليم خلال تفشي الجائحة، حان الوقت لتعزيز حماية الحق في التعليم عبر إعادة بناء أنظمة تعليمية أفضل وأكثر إنصافا وقوة. ينبغي ألا يكون الهدف إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل تفشي الفايروس، بل ينبغي تلافي العيوب في الأنظمة التي منعت المدارس لفترة طويلة من أن تفتح أبوابها أمام جميع الأطفال وتُرحب بهم”.

وقابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من 470 عنصرا من الطلاب والأهالي والمعلمين في 60 بلدا بين أبريل 2020 وأبريل 2021.

15