قيس سعيّد يدعو الأجهزة الأمنية إلى التصدي للمتآمرين على أمن الدولة

الرئيس التونسي يطالب بالإسراع بمحاسبة كل من أجرم في حق البلاد باعتباره مطلبا شعبيا، معتبرا أن التباطؤ قد يدفعهم إلى ارتكاب جرائم في المستقبل.
الأربعاء 2023/02/01
قيس سعيّد يخوض معركة تحرير وطني

تونس – أكد الرئيس التونسي أنه يخوض معركة تحرير وطني من أجل الحفاظ على الدولة، داعيا قيادات الحرس الوطني إلى "التصدي لمن تآمر على الدولة"، وذلك في رسالة واضحة لتفعيل المحاسبة ضد القوى المتورطة في الإضرار بمصالح البلاد خلال العشر سنوات الماضية، والتي يصفها محللون وخبراء بـ"العشرية السوداء".  

وتعاني تونس إلى حد الآن من تداعيات القرارات التي اتخذتها الحكومات والبرلمانات المتعاقبة خلال العشر سنوات الماضية التي هيمنت عليها حركة النهضة الإسلامية أو شاركت فيها، وكانت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من أكتوبر من عام 2021، استجابة للمطالب الشعبية بإخراج البلاد من النفق التي وضعتها فيه تلك الحكومات وتفعيل المحاسبة، خاصة لمن تورطوا في الفساد وانتهاك مؤسسات الدولة خلال العشرية الماضية.

وقال سعيد خلال اجتماعه مع قيادات عليا للحرس الوطني (قوات تابعة لوزارة الداخلية) في ثكنة العوينة بتونس العاصمة، وفق تسجيل مصور بثته الرئاسة عبر صفحتها على فيسبوك، "لا يمكن أن يُترك أعداء الدولة وأعداء الوطن، بل وأعداء الشعب التونسي خارج المساءلة أو خارج دائرة أي جزاء".

وتوجه إلى قيادات الحرس الوطني قائلا إن "الشعب يريد المحاسبة ومطلبه الأساسي المحاسبة ودوركم تاريخي في الاستجابة لمطالب الشعب".

وتابع "واجبكم المقدس أن تتم محاسبة كل من أجرم في حق الوطن (...) ولا يمكن أن يُترك مجرم واحد دون مساءلة.. اليوم نخوض معركة تحرير وطني للحفاظ على الدولة، وكفى من يستخفون بالدولة ما اقترفوه من جرائم ومن يدبرونه من جرائم في المستقبل".

وفي خطابه الشبيه بما وجهه منذ أيام للقضاة بضرورة الإسراع بالنظر في ملفات بعض المشتبه بهم لتحقيق العدالة، شدد سعيّد على "قيادات الحرس الوطني والقضاة الشرفاء أن يقوموا بدورهم كاملا حتى يتم التصدي لمن تآمر على الدولة في السنوات الماضية، ومازالوا إلى حد هذه الساعة يتآمرون على الدولة".

وأضاف أن "الشعب يريد تطهير البلاد، الشعب يريد المحاسبة لأنه سئم بالفعل من طول الإجراءات، وسئم بالفعل من القضايا التي بقيت منشورة لمدة أكثر من عقد دون أي حكم، وحتى إن صدرت بعض الأحكام فقد صدرت للأسف على المقاس".

وسعى سعيّد لإصلاح المرفق القضائي من خلال حل المجلس الأعلى للقضاء السابق في فبراير الماضي، والعمل على البت في ملفات بعض من تمسكوا بحصانتهم خلال العشرية الماضية.

وانتقد الرئيس التونسي التحركات النقابية الأخيرة، وقال إن الحق النقابي مضمون بالدستور، ولكن لا يمكن أن يتحوّل إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد.

وعين سعيّد الاثنين وزيرين جديدين للتربية والفلاحة لمواجهة خصميه الرئيسيين: الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة الإسلامية، اللذين يوظفان هذين الوزارتين وغيرهما خدمة لأجنداتهما.    

وكلّف الرئيس التونسي محمد علي البوغديري الأمين العام المساعد السابق للمنظمة النقابية بحقيبة وزارة التربية، وهو نقابي سابق مناهض لتوجهات الأمين العام نورالدين الطبوبي وله وزن مؤثر داخل المنظمة، وهو قادر على عقد التحالفات وتحريكها بما يخدم دوره إذا استمر الاتحاد في التصعيد.

كما أن تكليف أمير اللواء منعم بلعاتي المتفقد العام للقوات المسلحة وزيرا للفلاحة، سيساعد على تفكيك مجموعات النفوذ المختلفة داخل هذه الوزارة التي تعتبر منطقة نفوذ كبيرة لحركة النهضة، حيث تتهم أطراف مقربة من اتحاد الفلاحين لوبيات موالية لحركة النهضة في قطاعات حساسة، وخاصة إنتاج اللحوم والبيض والألبان، بعرقلة الإنتاج بهدف إدامة الأزمة وإثارة الغضب في الشارع على الرئيس سعيّد وحكومته.

ويأتي خطاب الرئيس سعيّد بعد استكمال آخر محطة في المسار الانتقالي عقب إجراء الدور الثاني للانتخابات التشريعية، ووضع حد للجدل المثار على مدى نحو عامين بشأن غياب برلمان في البلاد، بعد أن تم تعليق عمل البرلمان السابق وحله لاحقا.

ورغم الهجوم الذي شنته المعارضة، وفي مقدمتها "جبهة الخلاص" الواجهة السياسية لحركة النهضة، على مسار الرئيس التونسي ومطالبته بالتنحي عن منصبه بسبب ضعف المشاركة في الدور الثاني من الانتخابات التي بلغت 11.4 في المئة، إلا أن مراقبين يرون أنها لا تملك القدرة على دفع سعيّد إلى هذه الخطوة أو حتى على تعديل المسار الذي خطه في ظل تشرذمها، وانفضاض الشارع التونسي من حولها، حيث يحمّلها الأخير جزءا كبيرا من المسؤولية عن تردي الأوضاع في البلاد.

وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد تمديد حالة الطوارئ في كامل تراب الجمهورية التونسيّة، حتى نهاية العام الحالي، ونُشر القرار في الجريدة الرسمية (الرائد الرسمي).

 وتمدد تونس دوريا حالة الطوارئ، منذ أن قرر الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي إعلانها في البلاد في الرابع والعشرين من نوفمبر 2015، إثر التفجير الانتحاري في تونس العاصمة، والذي أودى بحياة 12 عنصرا من الأمن الرئاسي، وجرى تجديد حالة الطوارئ دوريا منذ ذلك الوقت، بشهر وثلاثة أشهر إلى ستة، غير أن هذه هي المدة الأطول، إذ تمتد إلى قرابة السنة.

 ويستند قرار الطوارئ إلى أمر قديم يعود إلى عام 1978. وتشهد تونس جدلا حقوقيا منذ ذلك الوقت، ولم ينجح البرلمان السابق في المصادقة على مشروع قانون جديد.