السوداني يتنصل من مسؤولية صعود الدولار ويشن هجوما على سياسات الكاظمي

رئيس الوزراء العراقي يعلن رصد تحويلات احتيالية للدولار إلى الخارج عبر فواتير مزورة لواردات كان يتمّ تضخيم أسعارها.
الأربعاء 2023/02/01
السوداني يلمّح إلى عجز نظام سويفت عن وقف استنزاف الدولار

بغداد – شنّ رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني هجوما على سياسات حكومة مصطفى الكاظمي السابقة ومحافظ البنك المركزي المقال مصطفى غالب مخيف، بتحميلهما مسؤولية ارتفاع سعر الدولار، معتبرا أنهما لم يؤهلا المصارف ولا التجار لاستخدام آلية "نظام سويفت"، لذلك تم رصد تحويلات احتيالية للدولار إلى الخارج.   

ورغم أن السوداني حاول تجاوز رواية الإطار التنسيقي التي تتهم الولايات المتحدة و"نظام سويفت" بالتسبب في ارتفاع سعر الدولار وتقديم تفسيرات موضوعية لهذا الصعود المفاجئ، إلا أن تنصله من المسؤولية وإلقاءها على عاتق سلفه، يعتبره مراقبون أمرا غير بريء، خصوصا وأن انخفاض سعر الدينار العراقي لم يحصل إلا في نوفمبر الماضي لما كان هو على رأس مجلس الوزراء.

ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون الموالون لإيران في العراق اطمأنوا لوجوده بغطاء سياسي من الإطار التنسيقي الشيعي المدعوم إيرانيا ليعمدوا إلى تجاوز نظام التحويلات المركزية عبر منصة إلكترونية، واللجوء إلى أساليب ملتوية للحصول على كميات ضخمة من العملة الصعبة.

وكان العراق قد منع الجمعة أربعة بنوك من التعامل بالدولار بعد ورود معلومات أنها تقوم بتحويل مبالغ مالية إلى جهات وأشخاص مدرجين في القوائم الأميركية السوداء المشمولة بالعقوبات، وهذه الجهات إما إيرانية وإما أنها مرتبطة بإيران.  

وخسر الدينار العراقي في غضون الشهرين الماضيين أكثر من 10 في المئة من قيمته أمام العملة الخضراء، ممّا أدّى إلى تظاهرات متفرّقة احتجاجا على تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.

والثلاثاء بلغ سعر الدولار في السوق 1680 دينارا، في حين أنّ سعره الرسمي لا يزال على حاله عند 1470 دينارا.

ويعزو محللون ومسؤولون هذا التراجع في قيمة العملة الوطنية إلى امتثال النظام المصرفي العراقي للوائح الدولية المتعلقة بتحويل الأموال.

وبات لزاما على المصارف العراقية إجراء هذه التحويلات عبر منصّة سويفت الإلكترونية التي تتيح للبنك المركزي الأميركي خصوصا، مراقبة هذه التحويلات.

وخلال المقابلة التي أجرتها معه قناة "الإخبارية" التلفزيونية الرسمية ونشرتها وكالة الأنباء العراقية، تطرّق السوداني إلى هذه الآلية، معتبرا إياها أداة لتحقيق "الإصلاح الحقيقي للنظام المصرفي، للنظام الاقتصادي، للحفاظ على المال العام ومنعه من التهريب وغسيل الأموال".

وأوضح أن "الإجراءات لم تكن بالمستوى المطلوب من حيث تأهيل المصارف من قبل البنك المركزي والحكومة السابقة، وكان يفترض أن تتهيأ المصارف الأهلية والتجار لهذه الطريقة".

ولفت رئيس الوزراء إلى أن "التاجر العراقي يمتنع عن الذهاب للحصول على إجازة استيراد وفتح اعتماد مستندي وتسديد الضريبة، بل يذهب نحو شركة صرافة لتحويل المبالغ المالية لدولة معينة وبعدها يحصل على البضاعة".

وأكد أنّ تهريب العملة إلى الخارج كان يتمّ عبر تحويلات تتمّ على أساس فواتير مزوّرة لواردات كان يتمّ تضخيم أسعارها.

وقال إنّ التهريب كان يتمّ عبر "فواتير مزوّرة، وكانت الأموال تخرج ويتمّ تهريبها، وهذا واقع، وإلا فما الذي كنّا نستورده مقابل 300 مليون دولار يوميا؟".

وأضاف "ماذا يعني أنّنا كنّا نستورد بضائع بقيمة 300 مليون دولار باليوم الواحد؟ حتما هذه الأموال كانت تخرج من العراق وهذه كانت مشكلة مزمنة منذ سنوات".

واستدلّ رئيس الوزراء على وجود التهريب بالقول إنّه قبل تطبيق نظام سويفت كان البنك المركزي العراقي يبيع التجّار كمّيات من العملة الخضراء تفوق بأضعاف ما يبيعهم إياها اليوم، ومع ذلك فليس هناك أيّ سلع مفقودة في الأسواق اليوم.

ويعاني العراق من فساد مزمن يقوّض الإدارة العامة والاقتصاد بأكمله.

وقال "في السابق، كنّا نبيع 300 مليون دولار، 200 مليون دولار، 250 مليون دولار، باليوم الواحد. الآن، البنك المركزي يبيع يوميا 30 أو 40 أو 50 مليون دولار، وما الذي تغيّر، ما الذي فُقد في السوق، لا شيء".

وتابع السوداني "إذا، أين كانت تذهب الأموال التي تخرج؟ وكلّها بفواتير مزوّرة. هناك سلع يُدخلونها بأسعار غير منطقية، واضح أنّ الهدف منها إخراج العملة خارج العراق، هذا الأمر يجب أن يتوقّف".

ويرى مراقبون أن تصريحات السوداني التي رغم إشادته من خلالها بآلية "نظام سويفت" المصممة لمنع وتقييد غسيل الأموال، إلا أنها حملت انتقادا ضمنيا لها، حيث اعتبرها عاجزة عن منع استنزاف العملة الصعبة وهو نفس التوجه التي يذهب إليه الإطار التنسيقي.  

وأكّد رئيس الوزراء أنّ حكومته شكّلت "فرقا أمنية مختصّة" لكشف المهرّبين وضبط الأموال المهرّبة.

وأضاف "نسمع أنّ هناك تهريبا لأموال تُنقل إلى إقليم كردستان، ومن الإقليم تذهب إلى دول الجوار"، من دون أن يحدّد ما إذا كان يقصد تركيا أو إيران أو سوريا الغارقة في الحرب.

وقال السوداني إنّ "الوضع المالي في العراق اليوم في أفضل الحالات، لأنّ التجّار ورجال الأعمال تعوّدوا على التجارة الصحيحة والشرعية".

وأكّد رئيس الوزراء أنّ وزير الخارجية فؤاد حسين والمحافظ الجديد للبنك المركزي سيكونان ضمن الوفد الذي سيتوجه إلى واشنطن في السابع من فبراير لمناقشة آلية سعر الصرف وتقلّباته.