منتدى الفكر العربي يناقش دور المؤسسات الثقافية في التواصل بين الأجيال

اللقاء أكد أهمية العمل على حماية الاستقلال الفكري والثقافي للدول العربية في ظل التطورات التقنية والتكنولوجية المتسارعة.
الأربعاء 2023/02/01
الانفتاح الرقمي غير أسلوب الناشئة الثقافي (لوحة علي رضا درويش)

عمان- عقد منتدى الفكر العربي لقاء حواريا عبر تقنية الاتصال المرئي، حيث ناقش المشاركون فيه واقع الحالة الثقافية والفكرية في الوطن العربي، ودور المؤسسات الثقافية في التواصل بين الأجيال والحفاظ على منظومة القيم في ما بينهم.

وحاضرت في المنتدى رئيسة النادي الثقافي العربي سلوى السنيورة بعاصيري حول “دور المؤسسات الثقافية العربية في التواصل بين الأجيال”، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره فواز شرف، نائب رئيس جامعة اللّاعنف في بيروت وعضو المنتدى عبدالحسين شعبان ورئيس مجلس جامعة كردستان وعضو المنتدى شيرزاد النجار، ومستشار الرئيس للعلاقات الدولية في جامعة فيلادلفيا وعضو المنتدى إبراهيم بدران، وحضر اللقاء عدد من الأكاديميين والمهتمين.

الشريف فواز شرف: تنمية الجانب الثقافي والفكري للأفراد والمجتمعات لا يقل أهمية عن تنمية الجانب الاقتصادي
الشريف فواز شرف: تنمية الجانب الثقافي والفكري للأفراد والمجتمعات لا يقل أهمية عن تنمية الجانب الاقتصادي 

وأوضحت المُحاضرة أن للمؤسسات الثقافية دورا أساسيا في رسم الحراك الثقافي العربي وترسيخه وإثراء مفاعيله، ونقل المخزون الثقافي والذاكرة الثقافية بين الأجيال، وإبداع المستحدث من الأنماط الفكرية والسلوكية.

وأضافت السنيورة أن الجيل العربي الشاب بعمومه يعيش اليوم حالة من الانبهار والدهشة من العالم الافتراضي بالمقارنة مع ما يراه على أرض الواقع من ضيق أفق وقلق وإحباط وحالة عدم اليقين، ولاسيما إزاء ما يشاهده من هجرة الكفاءات واستشراء البطالة بين صفوفه.

وأشار المتدخلون إلى تأثير وسائل الإعلام والاتصال والتكنولوجيا على الثقافة العربية بشكل عام والثقافات المحلية للدول العربية، وإلى مساهمة معارض الكتب وأهميتها في حماية التراث الفكري والثقافي العربي ونشره، وأكد المتداخلون في اللقاء أهمية العمل على حماية الاستقلال الفكري والثقافي المحلي للدول العربية في ظل التطورات التقنية والتكنولوجية المتسارعة والانفتاح على العالم.

كما تطرقت المُحاضرة السنيورة بعاصيري إلى مفهوم الثقافة ودورها في استنهاض وصحوة الإنسان والمجتمع في ظل التغيرات المتسارعة لكونها المحرك الأساسي للفكر والإبداع وصناعة الوعي العام حول القضايا المختلفة، مؤكدة أن الثقافة بشقيها المحلي والعالمي تحتاج إلى أُطر للرعاية وحاضنة تساهم في رسم الحراك الثقافي وإثراء فاعليته في المجتمعات، ونقل المخزون الثقافي والذاكرة الثقافية في ما بين الأجيال، وإبداع المستحدث من الأنماط الفكرية والسلوكية.

وأوضحت الأستاذة أن للمؤسسات الثقافية والفكرية العربية دوراً أساسياً في حفظ التواصل بين الأجيال دون التعارض بين ما هو مستحدث ومحبب لدى الشباب وبين ما هو متوارث، مبينةً أن جيل الشباب اليوم يعيش حالة من الانبهار تجاه العالم الافتراضي والتكنولوجيا ووسائل الإعلام والتواصل مقارنة مع ما يراه على أرض الواقع من ضيق أفق وقلق وإحباط وحالة من عدم اليقين، وإزاء ما يشاهده من هجرة الكفاءات واستشراء البطالة بين صفوفه، مما أوجد لديه حالة من التوتر تجاه الأطر الاجتماعية.

سلوى السنيورة بعاصيري: الجيل العربي الشاب بعمومه يعيش اليوم حالة من الانبهار والدهشة من العالم الافتراضي
سلوى السنيورة بعاصيري: الجيل العربي الشاب بعمومه يعيش اليوم حالة من الانبهار والدهشة من العالم الافتراضي 

كما شددت على أهمية وجود مؤسسات ومراكز ومبادرات تعمل على تفعيل الحركة الثقافية في الوطن العربي، وذلك لتوسيع منصات الحوار وتنويعها لتتماشى مع أسلوب الأجيال الجديدة، وإيجاد آليات تسمح بالمزيد من التفاعل والتواصل والاتصال وتستوعب النتائج الثقافية الناتجة عن توسع حركة انتقال الأفراد وسرعة وتيرتها، وتنشر ما تخزنه الذاكرة الثقافية من إرث ليكون متاحاً للجميع، وتسعى إلى نشر ثقافة معاصرة تكون أقرب إلى جيل الشباب من خلال استخدام طرق مبتكرة وحديثة.

وتحدثت الأستاذة السنيورة عن دور وسائل التواصل والاتصال الحديثة في التعرف على ثقافات العالم المختلفة، مشيرة إلى أنها غيرت أسلوب تلقي الشباب للمعلومات مما أوجد حالة من تراجع القراءة المعمقة، وإغفال مكانة دور النشر والمعارض وخصوصا في ما يتعلق بالمطبوعات والمنشورات الموجهة لفئة الشباب، كما لفتت إلى دور معارض الكتب في تقديم الإنتاج الفكري والثقافي العربي، وتقديم مساحة للحوار وتبادل الأفكار والوقوف عند التيارات الفكرية الناشطة.

وقال الشريف فواز شرف إن “تطوير القطاع الثقافي والفكري في الوطن العربي يُعد أمراً أساسياً في ظل ما يجري في العالم الحديث من تغيرات متسارعة وعولمة وخصوصا في الجوانب التقنية والتكنولوجية”، مؤكدا أن تنمية الجانب الثقافي والفكري للأفراد والمجتمعات لا يقل أهمية عن تنمية الجانب الاقتصادي لكونه مرتكزاً مهماً في عملية النهضة والتنمية المستدامة، كما أشار إلى دور الجامعات والكليات ومجامع اللغة العربية والمعارض في الحفاظ على الهوية واللغة العربية، وتعزيز التواصل بين الأجيال والتقارب والتبادل بين الثقافات المحلية للدول العربية.

وتناول عبدالحسين شعبان دور المؤسسات الثقافية في تحقيق التوازن وسد الفجوة بين الأجيال في المجتمعات العربية في ما يتعلق بالقيم الثقافية المتباينة بين الجيل الأكبر والجيل الأصغر في ظل التغيرات الاجتماعية والأحداث السياسية، كما تحدث عن نقل النُسق الثقافي بين الأجيال وأنماط العلاقة في ما بينهما، والهوية الوطنية والمواطنة، ودور البرامج التربوية والدراسية والمؤسسات الإعلامية والدينية ومنظمات المجتمع المدني في البحث عما هو جامع للأجيال والابتعاد عمّا هو مفرق من أجل الوعي ومواجهة التحديات المتعلقة بالجوانب الإنسانية.

شيرزاد النجار: لا يمكن فصل الإنسان وعزله عن الثقافات الأخرى ولا عن هويته التي نشأ عليها
شيرزاد النجار: لا يمكن فصل الإنسان وعزله عن الثقافات الأخرى ولا عن هويته التي نشأ عليها

وبَيّنَ شيرزاد النجار أهمية الحفاظ على استقلالية الثقافة المحلية ووحدتها لكل دولة في الوطن العربي، وتأثير الثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيا على تفكير الإنسان من خلال بناء هيكلية وخطط جديدة لرؤية الإنسان للمستقبل وتأثيره فيه، مؤكدا أنه لا يمكن فصل الإنسان وعزله عن الثقافات الأخرى ولا عن هويته التي نشأ عليها، مما يؤكد أهمية العمل على إيجاد فعل ثقافي فكري يستقل الإنسان من خلاله بثقافته وفكره وينسجم مع الفكر العربي الشامل والعام.

وأكد إبراهيم بدران أن مسألة الثقافة والتواصل بين الأجيال والحديث عنهما بحدودهما العامة يختلف من مجتمع إلى آخر لكونهما يعتمدان على طريقة معيشة الناس والثقافة المجتمعية السائدة، وأن التغيير الثقافي والإيجابي للدول العربية ينبغي أن يقوم بداية الأمر على أُسس ورؤى اقتصادية وطنية لكل دولة على حدة تقدم من قبل المفكرين والمثقفين في الدولة.

والمنتدى العربي هو منظمة عربيّة فكريةّ غير حكوميّة تأسست عام 1981 في أعقاب مؤتمر القمّة العربيّ الحادي عشر بمبادرة من المفكّرين وصانعي القرار العرب، وفي مقدمتهم الأمير الحسن بن طلال رئيس المنتدى وراعيه.

وهي تسعى إلى بحث الحالة الراهنة في الوطن العربيّ وتشخيصها، وإلى استشراف مستقبله، وصياغة الحلول العمليَّة والخيارات الممكنة، عن طريق توفير منبر حُرّ للحوار المفضي إلى بلورة فكر عربيّ معاصر نحو قضايا الوحدة، والتنمية، والأمن القومي، والتحرر، والتقدم. وقد اتخذ المنتدى عمّان مقرًّا لأمانته العامة.

12