ثورة أنظمة الترفيه المتقدمة تجتاح المركبات الحديثة

يولي مصنعو السيارات اهتماما كبيرا بالتكنولوجيا عبر اعتماد الأنظمة الرقمية بما فيها نظام الترفيه المتقدم، والذي بات يغزو معظم الطرز الحديثة لقناعة المطورين بجدوى العناية بمزاج السائق والركاب بما يسهم تدريجيا في وضع حدا للنمط التقليدي للمركبات.
برلين - بدأت أنظمة الترفيه المتقدمة في قضم جزء مهم من تجهيزات الطرز الجديدة للسيارات، حيث بات من البديهي أن يتضمن الكونسول الأمامي كافة وسائل الاتصال والتواصل وسبل تقديم البيانات للسائق والركاب، وكذلك وظائف الإعلام والملاحة.
وتعمل الشركات اليوم على زرع نظام “أنفوتينمنت”، ويشمل الإعلام والترفيه بكل خدماته ضمن شاشة مركزية مرتبطة بالراديو. ولذلك يُلاحظ مدى اهتمام الصناعة بالمقصورة الداخلية والزجاج الأمامي وحتى الكراسي الخلفية والسقف.
وتستخدم الطرز الحديثة أنواعا كثيرة من تلك الأنظمة، ومعظمها يملك أسماء خاصة بها. فشركة فيات كرايسلر تطلق عليه “يوكونيكت”، وفورد تسميه “سينك” وجنرال موتورز تطلق عليه اسم “مايلينك” أو “إنتليلينك”، فيما كاديلاك تدعو نظامها “كيو” وغيره من الأنظمة كثير.
وتملك كل هذه الأنظمة كمية مذهلة من قوة الحوسبة التي تعمل على أندرويد، وأو.أن.إكس ولينكس أو أي نظام تشغيل آخر. كما قام بعض المصنعين بإنشاء تطبيقات مخصصة لهم أيضا مثل هيونداي ومرسيدس.
وإضافة إلى إمكان عرض الخرائط والكاميرا الاحتياطية وأيضا تشغيل الموسيقى يمكن للأنظمة الحالية التي تستخدم أحدث التقنيات التكنولوجية تشغيل تطبيقات مهمة مثل سبوتيفي وباندورا وقنوات الطقس ونتفليكس وغيرها.
وعادة ما يتم الترويج للسيارات الفاخرة عبر تجهيزها بأرقى أنظمة الترفيه وأحدث الأنظمة الصوتية، حيث تزخر سيارات مرسيدس وغيرها من الطرز الفارهة بالعشرات من السماعات المتطورة، إلى جانب مضخم الصوت بقدرة 1800 واط.
وأوضح فرانك شفايكهارت رئيس قسم الصوت والعزل والديناميكا الحرارية وتدفق الهواء والبحث والتطوير في مرسيدس أثناء عرض تقنية موسيقى مكانية الصوت من أبل مع تقنية دولبي أتموس أن “الموسيقى تحتاج إلى الفضاء، أي إلى الهواء لكي تتحرك”.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن شفايكهارت قوله إن “هذا النظام الصوتي لم يكن متوافرا في السابق إلا في قاعات السينما أو في الأنظمة الصوتية فائقة الجودة والمخصصة للاستعمال المنزلي”.
وشرح ذلك بأن هذه التقنية تقوم بإنشاء تأثير صوتي محيطي ثلاثي الأبعاد بشكل افتراضي، وعندئذ يكون المستخدم في وسط النطاق الموسيقي على غرار قاعات الحفلات الموسيقية.
ولا تقتصر تقنية دولبي أتموس على بث الأغنيات الجديدة فحسب، ولكن يمكن لمهندسي الصوت أيضا تحديث الأغنيات القديمة بهذه التقنية المتطورة.
ويقول الموسيقي الكندي ديريك علي إنه للقيام بذلك يجب إعادة ترتيب الأغنيات مجددا، حتى يتمكن المستمع من تخصيصها مكانيا.
وأكد أن “هذه التقنية تعتبر هي المرحلة المستقبلية وتعد بمثابة قفزة كبيرة على غرار ما حدث من الصوت الأحادي إلى صوت ستريو، ويكون لكل أغنية طابعها الخاص، والذي يمكن للمستمع التعرف عليه مباشرة”.
ولكن يعيب هذه التقنية الفاخرة أنها باهظة التكلفة حيث يقتصر النظام الصوتي بروميستر 4 دي على الطرز الفارهة ويتكلف في سيارة مرسيدس من الفئة أس الجديدة أكثر من 6 آلاف يورو.
وأعلنت شركة بي.أم.دبليو مؤخرا عن إطلاق نظام التشغيل 8، والذي يوفر قاعة سينما في المقعد الخلفي في سيارتها من الفئة السابعة.
وأوضحت المطورة كاتارينا مودل في الشركة أنه يمكن مشاهدة الأفلام على شاشة بانورامية قياس 31 بوصة وبدقة وضوح عالية للغاية.
وتتضمن سيارة بي.أم.دبليو 2023 منصة الألعاب كاسوال غيمينغ، والتي يمكن استخدامها عبر الشاشات في السيارات.
وقبل سبع سنوات، بدأت الشركات باستخدام كاربلاي وأندرويد أوتو، باستخدام أنظمة المعلومات والترفيه الخاصة بالشركة المصنعة لتعكس الهاتف على الشاشة ما جعل من السهل الوصول إلى الموسيقى والنصوص والبودكاست، فضلا عن ميزات الملاحة في الهاتف الأصلي.
وكان يتم التحكم في بعض الأنظمة بواسطة الأزرار التقليدية على عجلة القيادة أو حول الشاشة، فيما لجأ معظمها إلى حاسة اللمس عبر استخدام أزرار لمسية.
ويبدو الأمر الآن أشبه بدخول عالم خيالي، إذ أن الأنظمة المتقدمة تجعل من السائق وكأنه في طائرة نفاثة بحيث درجة الضوضاء الخارجية تقل إلى أبعد الحدود.
ويشير سيفين هانسن، من مجلة الكمبيوتر سي.تي الألمانية المتخصصة، إلى تحسن جودة أنظمة الترفيه في جميع فئات السيارات خلال السنوات الأخيرة، ويمكن لعشاق الموسيقى الذين يرغبون في امتلاك سيارات جديدة اختيار أنظمة صوتية أفضل وإن كانت أكثر كلفة.
وقال “توافر المزيد من السماعات يعني الاستمتاع بصوت أفضل وأكثر ثراءً، ولا يمكن دمج السماعات الإضافية في النظام الصوتي إلا بجهد كبير”.
ولذلك يعتقد هانسن أنه يتعين على المرء، الذي يرغب في شراء سيارة جديدة، اختبار النظام الصوتي بواسطة الأغنيات والموسيقى الخاص به، وبذلك فإنه يضمن التناسق التام بين القدرة السمعية والذوق الموسيقي والنظام الصوتي.
ونصح باستعمال التقنيات الحديثة مثل أندرويد أوتو وأبل كار بلاي، والمتوفرة حاليا في جميع سيارات الفئة المتوسطة حيث يمتلك جميع السائقين اليوم هواتف ذكية يتم استعمالها للوصول إلى الموسيقى والعناوين والتحكم الصوتي.
◙ رغم تعدد أنظمة أنفوتينمنت إلا أنها تمتلك كمية مذهلة من قوة الحوسبة التي تعمل على أندرويد وأو.أن.إكس ولينكس
وبالإضافة إلى ذلك، تتوفر وظيفة الملاحة من غوغل وأبل مابس، وبالتالي لا يحتاج السائق إلى نظام ملاحة داخلي في نظام الترفيه.
وعند الرغبة في استعمال خدمة البث عبر نظام الترفيه المدمج بالسيارة ودون الحاجة إلى هاتف ذكي متصل به، فإنه يجب طلب نظام صوتي يتضمن باقة بيانات، وعادة ما تكون هذه الخيارات أكثر كلفة من باقة البيانات الشهرية المخصصة للهواتف الذكية.
ويقول ميشيل تسايتلر، من متجر دي.آر- بووم ساوند كلينيك المتخصص في الأنظمة الصوتية للسيارات في مدينة كولن، إلى طريقة أخرى أقل كلفة وهي التجهيز اللاحق بالأنظمة الصوتية.
ونصح الخبير بضرورة توافر بعض العناصر، ألا وهي تجهيزة التحدث الحر أو تقنية أبل بلاي كار أو أندرويد أوتو. وأشار إلى وظائف الملاحة في الهواتف الذكية الحديثة، والتي يمكن أن تحل محل أنظمة الملاحة المدمجة.
وعند شراء جهاز راديو جديد يرى تسايتلر أنه يجب اقتناء الموديلات المزودة بوحدة استقبال لمعيار الراديو دي.أي.بي+، وقد يلزم استبدال الهوائي تبعا لعمر السيارة.
وقال “قد يتطلب استبدال الهوائي مجهودا كبيرا حسب موديل السيارة؛ نظرا إلى أن السيارات الجديدة لا تشتمل على هوائيات خارجية لاعتبارات تصميمية، وبالتالي فإنه يجب التجهيز اللاحق بهوائيات دي.أي.بي+ بشكل غير لافت للأنظار”.
ويعتبر التركيب السليم فنيا للأجهزة الجديدة من النقاط المهمة الواجب مراعاتها، ويؤكد تسايتلر أنه يجب تركيب وتوصيل نظام الترفيه الجديد بشكل سليم بما في ذلك الميكروفون وتجهيزة التحدث الحر والهوائي، وإلا فإن قدرة الاستقبال والصوت لن ترضي السائق. وعلاوة على ذلك، فإن إلكترونيات السيارة تستجيب بحساسية للتوصيلات الخاطئة وقد تتضرر من جراء ذلك.
ويرى هانسن أن مستقبل أنظمة الترفيه في السيارات يحمل في طياته الاعتماد على شاشات أكبر إلى جانب زيادة خدمات بث الفيديو، وذلك عندما تنتشر السيارات المزودة بالأنظمة الأوتوماتيكية فائقة التطور.
ومع قيام أنظمة القيادة الآلية بالعديد من الأمور الأخرى بخلاف القيادة، فإنه سيتوفر أمام قائد السيارة إمكانية مشاهدة الفيديو، وتتوافر حاليا مكونات الهاردوير اللازمة لذلك.