إيران تُرهب رجال الدين السنّة في زهدان مع اتساع الاحتجاجات

اعتقال مستشار مقرب من زعيم الأقلية السنية بتهمة إرباك الرأي العام وارتباطه بأفراد ووسائل إعلام أجنبية، بعد القبض على اثنين من رجال الدين.
الثلاثاء 2023/01/31
إيران عاجزة عن إخماد نار الاحتجاجات

طهران – اعتقلت السلطات الإيرانية عددا من رجال الدين السنّة، في محاولة منها لإجبارهم على مساندتها في مواجهة الاحتجاجات التي تتمدد شيئا فشيئا منذ أكثر من أربعة أشهر، على خلفية وفاة الشابة الكردية مهسا أمني غداة اعتقالها من طرف شرطة الأخلاق.  

وأوقفت الأجهزة الأمنية مولوي عبدالمجيد مراد زاهي، وهو مستشار ومقرب من مولوي عبدالحميد إسماعيل زهي، زعيم الأقلية السنية في إيران، مساء الاثنين بمدينة زاهدان، عاصمة محافظة سيستان - بلوشستان، التي تسكنها أقلية سنية كبيرة في جنوب شرق البلاد، وفق وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" نقلا عن مصدر.

إلى ذلك، أعلن موقع "حال واش" البلوشي المعارض، الذي يغطي أخبار حقوق الإنسان المتعلقة ببلوشستان، عن خبر اعتقال مولوي عبدالمجيد، وكتب أنّه تم إرسال قوات أمنية بأربع سيارات لاعتقال مراد زاهي.

وأفاد الموقع، نقلا عن مصادر مطلعة، بأنّ زاهي كان عائدا من مراسم جنازة عندما أوقفته أربع سيارات تابعة لقوات الأمن في الشارع، وكان في طريقه إلى منزله وأخذته معها.

وبحسب التقرير، فقد طُلب من أتباع هذا المرجع السنّي متابعة وضعه بمراجعة "محكمة رجال الدين الخاصة".

وأشارت الوكالة الإيرانية إلى أن مراد زاهي متهم "بمحاولة إرباك الرأي العام" و"بارتباطه بالعديد من الأفراد ووسائل الإعلام الأجنبية".

وكان مراد زاهي قد أكد في مقابلة مع إذاعة "فردا" الأميركية الناطقة بالفارسية، في التاسع عشر من يناير الحالي، أنّ الأجواء الأمنية تسود في زاهدان عاصمة بلوشستان، وقال إنّه بعد تعيين أحمد رضا رادان قائدا لقوات الشرطة الإيرانية، تريد السلطات الإيرانية بث الذعر والرعب.

وفي إشارة إلى استمرار الاحتجاجات بعد جمعة زاهدان الدموية، قال "لقد قتلوا نحو مئة شخص، وجرحوا بين 300 و400 شخص، وتم القبض على العديد من الأشخاص، والناس مستاؤون للغاية، والأجواء متوترة، ولم يتخذوا بعد أيّ إجراء لمعاقبة الآمرين بالقتل ومنفذيه".

ووفقا لإيران إنترناشيونال، فقد اعتقلت السلطات أيضا اثنين من رجال الدين السنّة المؤيدين للاحتجاجات في إقليم كردستان إيران، وهما ماموستا إبراهيم كريمي ننله، وماموستا لقمان أميني.

وذكرت منظمة حقوق الإنسان الكردية "هنغاو" أنّ السلطات اختطفت اثنين من أئمة الجمعة السنّة في مدينة سنندج عاصمة كردستان إيران.

ووصفت المنظمة اعتقال الملا إبراهيم كريمي نَنَلَه والملا لقمان أميني بالاختطاف، نظرا لعدم وجود مذكرات اعتقال بهذا الخصوص.

وبحسب شبكة حقوق الإنسان في كردستان، "استُدعي ماموستا إبراهيم كريمي ننله للحضور بمحكمة رجال الدين الخاصة في همدان، يومي الخامس والسابع من فبراير، لدعمه الاحتجاجات الشعبية، ولكن تم اعتقاله قبل موعد الاستدعاء".

وبعد نشر خبر الاعتقال خرج عدد من أهالي مدينة سنندج إلى الشارع، وأعربوا عن احتجاجهم على الاعتقال، ورددوا شعارات ضد السلطات، وأشعلوا النيران في الشوارع.

من جهة أخرى، أفادت وكالة أنباء "تسنيم" الاثنين بأن سعيد عسكري، مدير المركز الإسلامي لغرب البلاد، قال إنه "قبل أيام قليلة، أضرم مجهولون النار في منزل ماموستا يوسف محمدي، إمام جماعة أهل السنة بقرية كلاته سنندج، وتوفي رجل الدين السني هذا نتيجة الحريق".

وكانت السلطات الإيرانية قد اعتقلت عبدالناصر قادري، وهو أحد علماء السنّة في مدينة تايباد، شرقي إيران، بعد استدعائه إلى المخابرات، ممّا دفع عددا كبيرا من الشباب السنّة والشيعة في هذه المدينة إلى مسيرة احتجاجية.

وسيستان بلوشستان من أفقر مناطق إيران وتسكنها أقلية البلوش العرقية، وقد شهدت زاهدان في الثلاثين من سبتمبر أعمال عنف قُتل فيها العشرات، وبينهم ستة عناصر من قوى الأمن، بحسب السلطات.

وتفيد مصادر محلية بأن احتجاجات زاهدان ناجمة عن غضب السكان، جراء أنباء عن تعرض فتاة للاغتصاب من قبل ضابط في الشرطة.

وعقب أعمال العنف التي شهدتها في أواخر سبتمبر، أقالت السلطات اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين في المنطقة، بينهم قائد شرطة زاهدان، بعد نشر تحقيق رسمي أفاد بوجود "إهمال من قبل بعض الضباط" أدى إلى مقتل مدنيين "أبرياء".

ويأتي ذلك، فيما تتواصل الاحتجاجات في أرجاء البلاد منذ وفاة الشابة مهسا أميني في السادس عشر من سبتمبر، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في العاصمة طهران للاشتباه بانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.