انقلاب قضائي على قاضي تحقيق مرفأ بيروت

حزب الله يعارض بشدة تحقيق القاضي طارق البيطار الذي يضع نصب عينيه وزراء ونوابا سابقين من الحزب أو متحالفين معه.
الخميس 2023/01/26
التدخلات السياسية المتكررة تثيرب غضب أهالي الضحايا

بيروت- تحول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت إلى معركة قضائية أساسها انقلاب قضائي على قاضي التحقيق في الملف طارق البيطار وهو ما سيقود إلى عرقلة التحقيق من جديد.

وقالت أوساط سياسية لبنانية إن البيطار الذي عاد بقوة لفتح ملف الانفجار فاجأ الجهات القضائية المسنودة سياسيا بقراره الادعاء على شخصيات نافذة بينها النائب العام التمييزي غسان عويدات وقضاة وقيادات أمنية بارزة، وهو ما دفع بالسلطة القضائية إلى مواجهته بشكل علني بدلا من الأسلوب القديم الذي يقوم على العرقلة من وراء الستار.

◙ البيطار فاجأ الجهات القضائية وحزب الله بقراره الادعاء على شخصيات نافذة بينها النائب العام وقضاة وقيادات أمنية

وادّعى عويدات الأربعاء على البيطار ومنعه من السفر، وإخلاء سبيل كافة الموقوفين الـ17 في التحقيق، ما أثار غضب أهالي الضحايا.

وفيما يستمر البيطار في معركته مسنودا من الرأي العام اللبناني، وخاصة عائلات ضحايا التفجير الذين يريدون الوصول إلى الحقيقة، ظهر سريعا موقف حزب الله الذي يقف وراء عويدات ويحركه لإفشال التحقيق خاصة أن البيطار يضع نصب عينيه وزراء ونوابا سابقين من الحزب أو متحالفين معه.

وأعرب إبراهيم الموسوي النائب عن حزب الله الأربعاء عن تأييده للقرارات التي اتخذها عويدات واصفا إياها بأنها “خطوة في الطريق الصحيح لاستعادة الثقة بالقضاة والقضاء بعدما هدمها بعض أبناء البيت القضائي”.

ويعارض حزب الله بشدة تحقيق البيطار واتهم القاضي بأنه منحاز مسيّس بعد أن سعى لاستجواب حلفاء للحزب، كما جاء في اتهامات سابقة على لسان الأمين العام للحزب حسن نصرالله.

وكان البيطار طالب من البرلمان السابق رفع الحصانة عن وزراء سابقين محسوبين على حزب الله من بينهم وزيرا الأشغال السابقان يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، ووزير المالية السابق علي حسن خليل “تمهيدا للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم” بـ”جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل” إضافة إلى “جنحة الإهمال والتقصير”، لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم “ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار”.

◙ القاضي غسان عويدات المدعوم من حزب الله
القاضي غسان عويدات المدعوم من حزب الله

لكن البرلمان السابق امتنع عن رفع الحصانة عن هؤلاء ما حال دون استجوابهم. وامتنعت وزارة الداخلية عن منح البيطار الإذن لاستجواب مسؤولين أمنيين تحت سلطتهم، وامتنعت قوى الأمن عن تنفيذ مذكرات توقيف.

ويعكس مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ثقافة “الإفلات من العقاب” التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، نادراً ما تمّت محاسبة المتورّطين فيها.

ويؤجّج تعليق التحقيق والتدخّلات السياسية المتكرّرة غضب أهالي الضحايا ومنظمات حقوقية تطالب الأمم المتحدة بإرسال بعثة تقصي حقائق مستقلة، أمام تعثّر التحقيق المحلي.

واستأنف البيطار تحقيقاته بالادعاء على ثمانية أشخاص، من بينهم عويدات ومسؤولان أمنيان رفيعان. وسارعت النيابة العامة التمييزية إلى رفض قراراته.

وأكد عويدات الادعاء على “البيطار وقرار منعه من السفر على خلفية التمرد على القضاء واغتصاب السلطة”.

ورفض البيطار التنحي كما الادعاء عليه، وقال “انا ما زلت المحقق العدلي ولن أتنحى عن الملف (…) أما عويدات فلا صلاحية له للادعاء عليّ، وقراره يجب ألا ينفذ”، مضيفاً “لا يحق لعويدات أيّ قرار في الملف كونه مدعى عليه. لا يحق له أن يدعي على قاض سبق وأن ادعى عليه”.

وأوقع الانفجار في الرابع من أغسطس 2020 أكثر من 215 قتيلاً و6500 جريح. ومنذ البداية، عزت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقاً أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحرّكوا ساكناً.

وكان البيطار ادّعى في صيف 2021 على رئيس الحكومة السابق حسّان دياب وطلب رفع الحصانة عن نواب آنذاك.

ومن بين الأشخاص الثمانية الذين ادعى عليهم بيطار الثلاثاء عويدات وثلاثة قضاة، والمدير العام للأمن العام عباس إبراهيم الذي تربطه علاقة جيدة بالقوى السياسية خصوصاً حزب الله، ومدير جهاز أمن الدولة طوني صليبا المقرب من الرئيس السابق ميشال عون.

وحدّد بيطار الثلاثاء مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم، الشهر المقبل، في إطار دعاوى حقّ عام “بجرائم القتل والإيذاء والإحراق والتخريب معطوفة جميعها على القصد الاحتمالي”.

1