البرهان ينسحب من الوساطة بين شقي الحرية والتغيير

رئيس مجلس السيادة السوداني يتخلى عن مهمة تقريب وجهات النظر بين ائتلاف الحرية والتغيير - المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية، في انعكاس لفشل المبادرة المصرية.
الثلاثاء 2023/01/24
البرهان يلقي الكرة في ملعب الأطراف المدنية لحل الخلافات السياسية

الخرطوم – قرر مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان الانسحاب من الوساطة بين الأطراف المدنية التي تسعى لتوقيع اتفاق إطاري، ما يعكس فشل المبادرة السياسية التي طرحتها القاهرة في هذا الاتجاه، التي كان قد قدمها رئيس المخابرات المصرية عباس كامل خلال زيارته الأخيرة للخرطوم.

وكشف موقع "سودان تربيون" الاثنين، وفق مصادر وصفها بالمطلعة، أن البرهان تخلى عن الوساطة بين ائتلاف الحرية والتغيير والكتلة الديمقراطية، بعد فشله في جمع الطرفين على مائدة واحدة رغم عدة محاولات بذلها خلال الأسابيع الماضية، حيث يرفض ائتلاف الحرية والتغيير الاعتراف بالكتلة الديمقراطية ويقول إنها مصنوعة.

وعمق الاتفاق الإطاري خلافات التيارين، حيث امتنعت الكتلة عن الانضمام إلى الاتفاق برغم تأييد قادة الجيش وتوقيعهم عليه.

وتضم الكتلة حركتي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، علاوة على الحزب الاتحادي الأصل بقيادة جعفر الميرغني، بجانب المجلس الأعلى لنظارات البجا ممثلا عبر الناظر محمد الأمين ترك وآخرين.

وجاء قرار البرهان عقب اجتماع مع "الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية"، أبرز الكتل الرافضة للاتفاق الإطاري الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي.

وأوضح البرهان للكتلة الديمقراطية أن مساعيه لتقريب وجهات النظر بينها وبين تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير الطرف الأصيل، والذي وقعت غالبية أحزابه على الاتفاق الإطاري، قد انتهت.

وأكد لها أن المؤسسة العسكرية مصممة على موقفها بالانسحاب من العملية السياسية، ما يوجب على جميع الأطراف المدنية حل خلافاتها والتوصل إلى اتفاق نهائي ينهي الأزمة السياسية.

وحضر الاجتماع مع البرهان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، حيث كان ذات الاجتماع مقررا الأحد لكنه أرجئ بطلب من الكتلة إلى الاثنين.

ويقول ائتلاف الحرية والتغيير الذي وقع اتفاق إطار مع قادة الجيش الشهر الماضي إنه يحاول ضم مناوي وجبريل إلى العملية السياسية، باعتبارهما من القوى الموقعة على اتفاق السلام، وأن بقية الأطراف لا مكان لها في هذه المرحلة من العملية السياسية.

وكان البرهان طلب في وقت سابق من الطرفين تسمية ثلاثة ممثلين لكل طرف للتشاور حول الأجندة التي يمكن أن تجسر هوة الخلافات بين الطرفين، لكن ائتلاف الحرية والتغيير تجاهل تسمية ممثليه.

ويعكس انسحاب البرهان من الوساطة فشل المبادرة المصرية التي تهدف إلى حوار سوداني - سواني في القاهرة، ضمن ورشة عمل بعنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، كان من المقرر انعقادها في الفترة من الأول إلى الثامن من فبراير المقبل.

والمنبر الحواري الذي دعت إليه القاهرة يتقاطع مع وساطة تقوم بها اللجنة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، وتحفظت القاهرة على الانضمام إليها عند تشكيلها، ومع جهود اللجنة الثلاثية المتعاونة مع الرباعية، وتتشكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة "إيغاد".

وكانت قوى الحرية والتغيير قد أعلنت الأحد عن رفضها المشاركة في الورشة التي دعت إليها القاهرة، وبررت ذلك بأن "الاتفاق الإطاري وضع أساسا جيدا لعملية يقودها ويمتلكها السودانيون، وقد شكلت اختراقا في مسار استرداد التحول المدني الديمقراطي، ما يجعل الورشة متأخرة عن هذا السياق وقد تجاوزها الزمن فعليا"، وهي رسالة تقطع الطريق على تكرار المحاولة مرة أخرى من القاهرة أو غيرها، وتزيد مخزون الثقة في تحركات اللجنتين الرباعية والثلاثية.

وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير، في بيان لها، أن وفدا منها سيتوجه الثلاثاء لعاصمة جنوب السودان في أول زيارة خارجية للتحالف، مبينة أن الزيارة ستستمر لمدة يومين، وسيلتقي الوفد برئاسة سلفاكير ميارديت وعدد من المسؤولين بحكومة جنوب السودان، وسيتطرق اللقاء إلى تطورات الراهن السياسي في السودان، في ضوء توقيع الاتفاق الإطاري وبداية المرحلة النهائية للعملية السياسية، والتنسيق مع حكومة دولة جنوب السودان للمساهمة الفاعلة في دعم العملية السياسية، بما يُسَرِّع استرداد مسار التحول المدني الديمقراطي، حسب ما جاء في البيان.

وكان عضو مجلس السيادة الهادي إدريس قد أنهى زيارته لجنوب السودان، وذكر في تصريح صحافي الاثنين عقب اجتماع له مع الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية، أن الزيارة ناقشت مع المسؤولين الدور الذي سيلعبه جنوب السودان في الورش الخاصة بالعملية السياسية، لاسيما تلك المتعلقة بقضية شرق السودان والسلام.

وأضاف إدريس أن الموقعين على الاتفاق الإطاري اتفقوا خلال الورشة المغلقة التي تم عقدها أخيرا، على ضرورة إشراك الدولة الوسيطة في عملية السلام، مضيفا أن "التباحث تم مع وفد الآلية الثلاثية حول إمكانية إيجاد دور أساسي لدولة جنوب السودان في العملية السياسية الجارية حاليا"، مبينا أن "وفد الآلية تفهم الأمر وأعرب عن ترحيبه بزيارته لجوبا".

وأكد المتحدث أن "العملية السياسية الجارية الآن حققت نجاحات كبيرة، وأن الاتفاق الإطاري يعد خطوة مهمة في مسيرة الانتقال الديمقراطي، وأنه بحلول مطلع الشهر المقبل سيتم البدء في ورشة السلام"، كما أن هنالك "العديد من الجهود المبذولة لإقناع الممانعين للاتفاق الإطاري بالتوقيع عليه، حتى تكون العملية السياسية شاملة وتؤسس لمسيرة التحول والانتقال المدني الديمقراطي".

وفي الثامن من الشهر الجاري، انطلقت المرحلة النهائية من العملية السياسية، التي تسهلها الآلية "الأممية الأفريقية"، بمناقشة قضية تجديد تفكيك نظام عمر البشير السابق، من خلال مؤتمر استمر لمدة 4 أيام.

وكان من المفترض أن تستمر العملية السياسية بمناقشة 4 قضايا أخرى هي "مراجعة اتفاق جوبا للسلام، وشرق السودان، والعدالة الانتقالية، والإصلاح العسكري"، بيد أنها توقفت لوجود الخلافات مع مجموعة "الكتلة الديمقراطية".

ويُنتظر أن تقود العملية السياسية إلى اتفاق نهائي بين الأطراف السودانية خلال المرحلة المقبلة، تتشكل بعده حكومة جديدة تقود فترة انتقالية مدتها 24 شهرا، وتنتهي بإجراء انتخابات عامة تضع البلاد على طريق التحول الديمقراطي.