المعارضة تستخدم ورقة المساعدات الليبية للتأجيج ضد قيس سعيّد

تونس - أثارت مساعدات غذائية أرسلتها ليبيا إلى تونس جدلا سياسيا واسعا في البلاد، حيث استغلت المعارضة هذه الفرصة لاستثمارها في تأليب الرأي العام ضد سياسات الرئيس قيس سعيّد والتهجم عليه، فيما حمّل أنصاره الحكومات السابقة مسؤولية الأزمة الاقتصادية، بعد أن أفرغت خزائن الدولة خلال السنوات العشر الماضية التي يصفها خبراء ومحللون بـ"العشرية السوداء"
وأعلنت السفارة الليبية في تونس أن طرابلس أرسلت الثلاثاء حوالي 100 شاحنة محملة بالسكر والزيت والدقيق والأرز إلى تونس المجاورة، التي تواجه نقصا متكررا في هذه المنتجات.
وقال الملحق الإعلامي بالسفارة نعيم العشيبي "تأتي هذه المؤن كمنحة مقدمة من قبل حكومة الوحدة الوطنية إلى الشقيقة تونس، في إطار الدعم والمساندة لما يمر به الشعب التونسي من نقص حاد في السلع الأساسية للمواد الغذائية المذكورة".
وأوضح أن هذه المساعدات أرسلت في 96 شاحنة وصلت صباح الثلاثاء إلى الأراضي التونسية عبر معبر رأس جدير الحدودي.
وأضاف العشيبي أن من المتوقع وصول إجمالي 170 شاحنة إلى تونس ناقلة كل المساعدات الليبية.
وتمر تونس بأزمة اقتصادية ومالية خطيرة أدت خصوصا إلى نقص مزمن في المنتجات الغذائية الأساسية، لكن الرئيس التونسي لطالما أكد في أكثر من مناسبة أن المواد الأساسية متوفرة في الأسواق المحلية، مشيرا إلى وجود "من يخفيها عن قصد لتأزيم الأوضاع"، في إشارة على ما يبدو إلى خصومه السياسيين الذين يحاول بعضهم توظيف الصعوبات الاجتماعية كورقة ضغط في صراعهم السياسي معه.
واستغلت العديد من القوى السياسية وصول المساعدات الليبية إلى تونس وشنت هجوما على حكومة نجلاء بودن ومن ورائها الرئيس قيس سعيّد لتصفية حسابتها السياسية، بعد أن فشل رهانها على حشد الشارع خلفها في الذكرى الثانية عشرة للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في العام 2011.
وعلّق صهر رئيس حركة النهضة رفيق عبدالسلام بالقول "الحمد لله، تونس في العهد القيسي السعيد بدأت على بركة الله تشحذ من الأشقاء والجيران الزيت والسكر والأرز".
وأضاف "الرئيس قيس سعيّد قال إن المشكلة كلها في المحتكرين، طيب لماذا لا يضرب على أيدي المحتكرين، ويكف عن التسول من الخارج؟".
وكتب الباحث مصطفى عطية "مساعدات غذائية ليبية لتونس: وأخيرا أصبحنا شعبا منكوبا في أرضه!".
وانتقد الإعلامي لطفي العماري في مداخلة على قناة التاسعة المساعدات الليبية، قائلا إن "الشعب التونسي تحول إلى شعب لاجئ في بلده"، مضيفا "المنطق يقول إن ليبيا هي التي تعرف توترا وحروبا، لكن نقص المواد الغذائية تعاني منه تونس".
وتابع "ليبيا تشهد حربا وأمراء ميليشيات وحكومتين، وبالتالي فإن الحرب في ليبيا والمساعدات في تونس"، داعيا إلى "عدم إنكار الحقيقة وإدراج المساعدات في إطار التضامن بين الشعبين".
لكن رد أنصار الرئيس سعيّد جاء سريعا، حيث اتهموا المعارضة بالسعي إلى تسجيل نقاط على حساب الرئيس التونسي، مؤكدين أنها تناست تبديدها للمال العام في مستويات مختلفة تحت عناوين فضفاضة، إضافة إلى الفساد الإداري وانتدابات عشوائية تحكمت فيها عوامل السياسة والنقابة والمحسوبية، كما اعتبروا أن هذه المساعدات تكشف عن عمق العلاقات التونسية - الليبية، وهي بادرة اعتراف بالجميل لما قدمه الشعب التونسي من تضحيات تجاه الليبيين في حقبات زمنية مختلفة.
وظلت تونس على مدى سنوات بوابة ليبيا نحو العالم، سواء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي أو بعد ثورة فبراير، حيث وجد الليبيون في تونس ملاذا لهم في خضم الفوضى الأمنية والسياسية التي عاشتها بلادهم.
ويأتي إرسال هذه المساعدات بعد أقل من شهرين على زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى تونس.
وكان الدبيبة قد تعهد بسداد 250 مليون دولار ديونا مستحقة لتونس قبل نهاية العام الجاري، وهي متعلقة بديون علاجية لمرضى ليبيين ومستحقات الكهرباء.
وقد تكون هذه المساعدات جزءا من هذه الديون، بعد أن هددت المستشفيات التونسية، في وقت سابق، بمنع المواطنين الليبيين من العلاج بعد سنوات من مماطلة السلطات الليبية في سداد الديون الضخمة المتراكمة عليها لدى المستشفيات التونسية، المقدرة بقرابة 100 مليون دولار عن العامين الماضيين فقط.
ويرى مراقبون أن قبول تونس بالدعم الليبي جاء بعد التلكؤ الجزائري في تقديم الدعم لتونس الهادف إلى جر قيس سعيّد إلى القبول باللعبة الإقليمية التي مازال يرفض دخولها إلى حد الآن، خاصة أن تونس لم تتلق الدعم الذي كانت تأمل الحصول عليه بعد إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها قد أرسلت إلى تونس في نوفمبر الماضي شحنة من البنزين تقدر بثلاثين ألف طن، عبر معبر رأس جدير، وهو نقطة العبور الرئيسية بين غرب ليبيا وجنوب شرق تونس الذي يعيش سكانه إلى حد كبير من التجارة عبر الحدود، بما في ذلك التهريب.
وأدت كلثوم بن رجب، وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، اليمين الدستورية الخميس لتشغل المنصب خلفا لفضيلة الرابحي التي تمت إقالتها قبل نحو أسبوعين، في ظل أزمة اقتصادية ومالية تمر بها البلاد ومع استمرار فقدان مواد أساسية في الأسواق.